تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لو افترضنا جدلاً أن رئيس الجمهورية وافق على شروط جبهة الإنقاذ بصورها المتعددة للدخول معه في حوار، ولو افترضنا أيضًا أنه التزم مسبقًا بتنفيذ ما يصل إليه الحوار من توصيات.. هل هذا في حد ذاته “,”ضمانة“,” لتصحيح مسار الانحراف السياسي الذي مارسته جماعة الإخوان المسلمين منذ وصولها للسلطة حتى الآن؟
في تقديرنا أن جماعة الإخوان المسلمين لن تتنازل بسهولة عن مخططها في أخونة الدولة وأسلمة المجتمع!
وحتى لو قبلت الجماعة ببعض التنازلات الجزئية، فإنها ستركز دائمًا على أن المحك الديمقراطي الوحيد هو صندوق الانتخابات، لأنها تعرف أن مساعيها الدءوبة في تزييف الوعي الاجتماعي للجماهير العريضة قد أثمرت، وأن حشو أذهان ووجدان المواطنين البسطاء بالدعايات الدينية وبالتفسيرات المغلوطة للأحداث السياسية عن طريق تشويه صورة المعارضين بأنهم علمانيون وكفره ومعادون لتطبيق شرع الله، فإن ذلك سيضمن لهم الأكثرية مرة أخرى في الانتخابات النيابية القادمة التي وضع القانون المنظم لها “,”مجلس الشورى“,” الباطل والمزيف!
ومن هنا يمكن القول إن “,”تصحيح الانحراف السياسي الذي مارسته جماعة الإخوان المسلمين منذ أن تسلمت السلطة حتى الآن لن تقوم به الانتخابات التقليدية التي تعتمد اعتمادًا مطلقًا على المؤشرات الكمية الزائفة، والتي تتجاهل ما يمكن أن نطلق عليه التزوير الاجتماعي للانتخابات“,”!
ويقصد بذلك أن تدني الوعي الاجتماعي لملايين المواطنين البسطاء في بلد تصل فيه نسبة الأمية إلى 40% ويصل عدد من يقعون تحت خط الفقر إلى 20 مليون مواطن، قد يؤدي بالضرورة إلى أن تذهب الأكثرية مرة أخرى إلى حزب “,”الحرية والعدالة“,” والأحزاب السلفية الأخرى!
ومن هنا يصبح السؤال المشروع “,”إذا كان هذا صحيحًا.. ما العمل“,”؟
في ممارسات المجتمعات الساعية إلى الديمقراطية الحقيقية نوعان من أنواع الاحتجاج على النظم الاستبدادية، إما المعارضة من داخل النظام باستخدام كل الوسائل المعروفة في هذا الصدد من احتجاجات ومظاهرات أو استجوابات في المجالس النيابية قد تصل إلى طرح الثقة بالوزارة، أو لو فشلت كل هذه الوسائل لابد من اللجوء إلى “,”الانشقاق“,” على النظام بمعنى الانقلاب عليه ليس انقلابًا عسكريًا بعد ما مضي زمن هذه الانقلابات، ولكن انقلابًا شعبيًا قد يأخذ شكل الانتفاضة الجماهيرية أو الثورة كما حدث في 25 يناير 2011.
في تقديري أن جبهة الإنقاذ مازالت حائرة بين هذين الخيارين وأعني المعارضة أو الانشقاق.
غير أنه يبدو أن الشارع الذي لا تقوده قيادة سياسية معروفة يأتمر بأمرها، قرر من تلقاء نفسه تنفيذ الانشقاق على حكم الإخوان المسلمين!
غير أن هذا الانشقاق السياسي الذي تكشف عنه المظاهرات الحاشدة يشوبه اختراقات بالغة الخطورة من جماعات مجهولة الهوية تمارس التخريب المنظم بالهجوم على أقسام الشرطة وحرقها، أو بالهجوم على المنشآت العامة والخاصة.. وأخطر من ذلك كله تدبير مخططات للإيقاع بين الشرطة والجماهير ترتب عليها للأسف الشديد سقوط عشرات الضحايا ومئات المصابين.
ولابد أن نعترف أنه في ظل الفوضي العارمة السائدة الآن غابت الفروق بين الثوار الحقيقيين ومحترفي العنف والتخريب، وأصبحت صورة المشهد السياسي ضبابية وقاتمة بل ومظلمة، وذلك لأن توالي الأحداث الفوضوية والإعلان الشعبي للتمرد على السلطة بشكل مطلق، سواء كانت سياسية أو أمنية أو إدارية، جديرة بانهيار الدولة، ودافع لنزول القوات المسلحة لضبط الأمور.
غير أن نزول الجيش فيه محاذير متعددة، أخطرها جميعًا وقوع مواجهات بينه وبين الشعب، مع أنه في الضمير الشعبي هو درع الوطن والمدافع عن السيادة المصرية.