الواقعة قديمة جدًا، تعود تقريبًا إلى ما بين عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، عندما كان هناك حى رسمى ومعترف به للبغاء فى مصر.
توجه ثلاثة من طلاب جامعة الأزهر إلى حى البغاء، قصدوا أحد بيوت الحى، دخل أحدهم على امرأة ثلاثينية، وقبل أن يمارس معها الجنس، طلب أن يتزوجها، انزعجت المرأة جدًا، فقد جاءت هذا البيت لتقديم المتعة مقابل أجر، لا كى تتزوج، ثم إذا كانت تريد أن تتزوج، فليس معقولًا أن يأخذها زوجها من بيت دعارة رسمى.
لم يكن الطالب الأزهرى يقصد الزواج بالطبع، الذى يأخذ المرأة بعده إلى داره لتكون ست البيت، ولكنه أراد أن يتزوجها خلال الوقت الذى ينام معها فيه، وبعد أن يقضى وطره يطلقها، سايرته المرأة فدعا زميليه الأزهريين، وكتب عقد زواج بينه وبينها وشهد عليه زميلاه، وقبل أن يخرج من غرفتها رمى عليها يمين الطلاق.
وكما فعل الأزهرى الأول، فعل زميلاه، دخلا على امرأتين وتزوجا منهما خلال فترة الممارسة الجنسية، وقبل أن يخرجا من الغرفتين ألقيا يمين الطلاق.
سألت نفسى ساخرًا وأنا أستمع إلى هذه الحكاية، ولماذا يتعب شباب الأزهر نفسه، ويعقد كل منهم على امرأة مختلفة، كان يمكن لهم الثلاثة أن يتزوجوا المرأة نفسها، وينتهى الموضوع.
لكننى وجدت من يقول لى وبجدية شديدة، طبعًا لا يجوز، لأن الأزهرى الأول عندما طلق المرأة الأولى، أصبحت فى فترة العدة، ولا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد أن تقضى فترة عدتها كاملة وهى ثلاثة شهور.
هذه بالطبع ليست نكتة، ولكنها فلسفة مصرية فى التعامل مع السماء التى ألقت علينا بأوامرها ونواهيها، وجلست فى انتظار فرز أبناء الطاعة من أبناء المعصية.
إن الطالب الأزهرى، والصدفة وحدها بالمناسبة هى التى جعلت الطلاب الثلاثة أزهريين، يعرف أنه ذاهب إلى بيت دعارة، وأن ما سيفعله طبقًا للأوامر والنواهى السماوية حرام شرعًا، لكنه ولسابق علمه بأشكال وألوان الزواج فى الإسلام، فقد قرر أن يرضى نفسه، ويرضى ربه فى الوقت نفسه.
ينام مع امرأة بالأجر، لكن بورقة يشهد عليها شاهدان، وبذلك يكون أخذ حقه وأعطى لله حقه، وبعد أن يحصل على ما يريد يذهب إلى فراشه وهو مستريح البال، هادئ الفؤاد، ينام ملء جفنيه، دون أن تطارده الكوابيس أو تُطبق على رقبته الهموم.
لابد أن صورة طلاب الأزهر هذه تطاردك الآن، والمصريون يتعاطون مع كل ما يتعلق بدينهم على طريقتهم الخاصة، فهم فى رمضان مثلًا صيام بالنهار وقيام بالليل وصلوات لا تنقطع، كل منهم يمسك بمصحف فى يديه، فى الشوارع، وفى المواصلات العامة، وفى البيوت، وفى المساجد، أعمال الخير لا تنقطع، إنهم يعرفون أن الأعمال الحسنة تتضاعف فى شهر رمضان، وهو سوق كما يقولون ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر.
المساجد لا تهدأ، وشيوخ الفضائيات يعيشون أزهى عصور الوعظ، فالناس يولون وجوههم شطرهم وشطر ما يقولون، وكأنهم يأخذون عنهم الإسلام من نبعه الصافى، أفواج العمرة لا تنقطع، فالمصريون فى رمضان يقدمون أنفسهم لله على أنهم أتقى أهل الأرض، لا أحد يطيعه مثلهم، ولا أحد يخلص له مثلهم.
وبعد رمضان تعود الأحوال كلها إلى ما كانت عليه، وربما أكثر.
الأمر نفسه يتكرر كل جمعة، حالة إخلاص فى العبادة، تبدأ منذ الصباح الباكر، لكنها تنتهى بعد الصلاة مباشرة، وكأنهم بخروجهم من مساجدهم أراحوا ضمائرهم، التى هى أصلًا ليست متعبة.
هل تريدون تفسيرًا لهذه الحالة؟
إنها فلسفة غسيل الذنوب.
وأعتقد أنه لو كانت هناك قوانين تحاكم المصريين على غسيل الذنوب، لدخلنا جميعًا إلى السجون، ولا أقول النار، لأن مخالفة القانون تقودك إلى السجن فقط، أما مخالفة الله فهى طريقك إلى النار.. ولذلك لنبق مع القوانين فهذا أرحم.
إننا أساتذة بالفعل فى غسيل الذنوب، ولم يكن غريبًا أن يقول لى خالد الجندى أنه يشعر أنه محلل لهيفاء وهبى، سألته: إزاى؟
قال لى: الواحد من دول يفضل يعصى ربنا طول النهار.. يسرق وينهب وينصب ويكذب ويتفرج على هيفاء وهبى، وآخر الليل يجى يصلى ورايا ويسمع منى كلمتين وينزل دمعتين.. ويتوب إلى الله وكأن شيئًا لم يكن.
على أية حال هؤلاء أهون... فهناك مصريون الآن يعصون بنفس القدر الذى يطيعون الله به، ولا يجدون أى تناقض فى هذا، وعندما تسأل أحدهم كيف تستقيم لك الحال، وأنت تضع الله والشيطان فى صدرك؟ يقول لك: لازم أطيع ربنا وبزيادة.. على الأقل لأننى لو احتجت منه حاجة يبقى لى وش أطلب منه، إزاى أطلب من ربنا حاجة وأنا بعيد عنه؟
منطق.. لكنه منطق مصرى خالص.
لا أنكره ولا أغضب منه بالمناسبة، أنا أرصده فقط.. فما دمت مستريحًا لما تفعل، افعله ولا تنظر خلفك... فأنت لن تعيش إلا مرة واحدة.. فعشها كما تريد.. وإذا اعترض أحد طريقك وهددك بالآخرة... قل له: الآخرة بيد الله وحده.. هو الذى يفصل بين العباد.
توجه ثلاثة من طلاب جامعة الأزهر إلى حى البغاء، قصدوا أحد بيوت الحى، دخل أحدهم على امرأة ثلاثينية، وقبل أن يمارس معها الجنس، طلب أن يتزوجها، انزعجت المرأة جدًا، فقد جاءت هذا البيت لتقديم المتعة مقابل أجر، لا كى تتزوج، ثم إذا كانت تريد أن تتزوج، فليس معقولًا أن يأخذها زوجها من بيت دعارة رسمى.
لم يكن الطالب الأزهرى يقصد الزواج بالطبع، الذى يأخذ المرأة بعده إلى داره لتكون ست البيت، ولكنه أراد أن يتزوجها خلال الوقت الذى ينام معها فيه، وبعد أن يقضى وطره يطلقها، سايرته المرأة فدعا زميليه الأزهريين، وكتب عقد زواج بينه وبينها وشهد عليه زميلاه، وقبل أن يخرج من غرفتها رمى عليها يمين الطلاق.
وكما فعل الأزهرى الأول، فعل زميلاه، دخلا على امرأتين وتزوجا منهما خلال فترة الممارسة الجنسية، وقبل أن يخرجا من الغرفتين ألقيا يمين الطلاق.
سألت نفسى ساخرًا وأنا أستمع إلى هذه الحكاية، ولماذا يتعب شباب الأزهر نفسه، ويعقد كل منهم على امرأة مختلفة، كان يمكن لهم الثلاثة أن يتزوجوا المرأة نفسها، وينتهى الموضوع.
لكننى وجدت من يقول لى وبجدية شديدة، طبعًا لا يجوز، لأن الأزهرى الأول عندما طلق المرأة الأولى، أصبحت فى فترة العدة، ولا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد أن تقضى فترة عدتها كاملة وهى ثلاثة شهور.
هذه بالطبع ليست نكتة، ولكنها فلسفة مصرية فى التعامل مع السماء التى ألقت علينا بأوامرها ونواهيها، وجلست فى انتظار فرز أبناء الطاعة من أبناء المعصية.
إن الطالب الأزهرى، والصدفة وحدها بالمناسبة هى التى جعلت الطلاب الثلاثة أزهريين، يعرف أنه ذاهب إلى بيت دعارة، وأن ما سيفعله طبقًا للأوامر والنواهى السماوية حرام شرعًا، لكنه ولسابق علمه بأشكال وألوان الزواج فى الإسلام، فقد قرر أن يرضى نفسه، ويرضى ربه فى الوقت نفسه.
ينام مع امرأة بالأجر، لكن بورقة يشهد عليها شاهدان، وبذلك يكون أخذ حقه وأعطى لله حقه، وبعد أن يحصل على ما يريد يذهب إلى فراشه وهو مستريح البال، هادئ الفؤاد، ينام ملء جفنيه، دون أن تطارده الكوابيس أو تُطبق على رقبته الهموم.
لابد أن صورة طلاب الأزهر هذه تطاردك الآن، والمصريون يتعاطون مع كل ما يتعلق بدينهم على طريقتهم الخاصة، فهم فى رمضان مثلًا صيام بالنهار وقيام بالليل وصلوات لا تنقطع، كل منهم يمسك بمصحف فى يديه، فى الشوارع، وفى المواصلات العامة، وفى البيوت، وفى المساجد، أعمال الخير لا تنقطع، إنهم يعرفون أن الأعمال الحسنة تتضاعف فى شهر رمضان، وهو سوق كما يقولون ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر.
المساجد لا تهدأ، وشيوخ الفضائيات يعيشون أزهى عصور الوعظ، فالناس يولون وجوههم شطرهم وشطر ما يقولون، وكأنهم يأخذون عنهم الإسلام من نبعه الصافى، أفواج العمرة لا تنقطع، فالمصريون فى رمضان يقدمون أنفسهم لله على أنهم أتقى أهل الأرض، لا أحد يطيعه مثلهم، ولا أحد يخلص له مثلهم.
وبعد رمضان تعود الأحوال كلها إلى ما كانت عليه، وربما أكثر.
الأمر نفسه يتكرر كل جمعة، حالة إخلاص فى العبادة، تبدأ منذ الصباح الباكر، لكنها تنتهى بعد الصلاة مباشرة، وكأنهم بخروجهم من مساجدهم أراحوا ضمائرهم، التى هى أصلًا ليست متعبة.
هل تريدون تفسيرًا لهذه الحالة؟
إنها فلسفة غسيل الذنوب.
وأعتقد أنه لو كانت هناك قوانين تحاكم المصريين على غسيل الذنوب، لدخلنا جميعًا إلى السجون، ولا أقول النار، لأن مخالفة القانون تقودك إلى السجن فقط، أما مخالفة الله فهى طريقك إلى النار.. ولذلك لنبق مع القوانين فهذا أرحم.
إننا أساتذة بالفعل فى غسيل الذنوب، ولم يكن غريبًا أن يقول لى خالد الجندى أنه يشعر أنه محلل لهيفاء وهبى، سألته: إزاى؟
قال لى: الواحد من دول يفضل يعصى ربنا طول النهار.. يسرق وينهب وينصب ويكذب ويتفرج على هيفاء وهبى، وآخر الليل يجى يصلى ورايا ويسمع منى كلمتين وينزل دمعتين.. ويتوب إلى الله وكأن شيئًا لم يكن.
على أية حال هؤلاء أهون... فهناك مصريون الآن يعصون بنفس القدر الذى يطيعون الله به، ولا يجدون أى تناقض فى هذا، وعندما تسأل أحدهم كيف تستقيم لك الحال، وأنت تضع الله والشيطان فى صدرك؟ يقول لك: لازم أطيع ربنا وبزيادة.. على الأقل لأننى لو احتجت منه حاجة يبقى لى وش أطلب منه، إزاى أطلب من ربنا حاجة وأنا بعيد عنه؟
منطق.. لكنه منطق مصرى خالص.
لا أنكره ولا أغضب منه بالمناسبة، أنا أرصده فقط.. فما دمت مستريحًا لما تفعل، افعله ولا تنظر خلفك... فأنت لن تعيش إلا مرة واحدة.. فعشها كما تريد.. وإذا اعترض أحد طريقك وهددك بالآخرة... قل له: الآخرة بيد الله وحده.. هو الذى يفصل بين العباد.