السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الغباء التاريخى والانتحار السياسى!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حول غموض السياسة الأمريكية تجاه الربيع العربى كتب الخبير السياسى المعروف الدكتور “,”حسن أبو طالب“,” مقالة هامة نشرها فى جريدة “,”الحياة“,” بتاريخ “,”11 أغسطس 2013“,” بعنوان “,”أوباما والإخوان ومصر وورطة الغباء التاريخى“,”.
بدأ الدكتور “,”أبو طالب“,” المقال بقوله “,”بداية فإن مفهوم “,”الغباء التاريخى“,” صكّه أستاذنا “,”السيد يسين“,” وكان ذلك قبل 34 عاماً وكان أيضاً يتعلق بشأن أمريكى بحت“,”.
وذكرنا الكاتب باللقاء الذى عقدناه فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى نهاية 1979 والذى جمع باحثين مصريين ونظراء. أمريكيين. وكان السؤال المطروح بقوة هو لماذا فشلت أميركا فى فهم تطلعات الشعب الإيرانى الذى ثار على حكم الشاه وأسقطه فى ثورة جماهيرية هادرة قادها الإمام الخومينى؟
وترد أهمية السؤال إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة وسواء كانت جمهورية أو ديموقراطية -وبالرغم من وجود عشرات مراكز التفكير الأمريكية- فشلت أكثر من مرة فى فهم الروح الوطنية للشعوب أو مشاعرها القومية، كما حدث فى فيتنام حيث ورطت الدولة الأمريكية نفسها فى صراع دامى أدى إلى هزيمتها هزيمة عسكرية منكرة.
وكان ردنا على سؤال نظرائنا من الخبراء والدبلوماسيين المشاركين فى هذا اللقاء أن جمع المادة التى يتوفر عليها سواء الباحثين أو عملاء المخابرات وحده لا يكفى ومهما كان مفصلاً ودقيقاً، لأن الأطر المرجعية الغربية – كما قرر حسن أبو طالب- لا تكفى وحدها لاستيعاب وفهم التحركات السياسية فى منطقة الشرق العربى.
ومن هنا تجئ القرارات السياسية الخاطئة.
ولذلك أطلقت على هذا السلوك الذى تمارسه قوة دولية كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أنه فى الواقع نوع من أنواع الغباء التاريخى!
لأن القيادات السياسية الأمريكية وكذلك الخبراء الاستراتيجيين والسفراء الأمريكيين يقنعون -بسطحية شديدة- بلمس سطوح الظواهر ولكنهم يعجزون عن التعمق فى جوهرها.
وتطبيقاً لهذا التوجه الخاطئ ونتيجة للصفقة السرية التى عقدتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مع جماعة الإخوان المسلمين لكى تصبح أداة رئيسية لتنفيذ المخطط الأمريكى فى المنطقة، رفضت الاعتراف بأن ما حدث يوم 30 يونيو فى مصر هو ثورة شعبية حقيقية أيدتها القوات المسلحة بقيادة وزير الدفاع اللواء “,”عبد الفتاح السيسى“,” القائد العام.
ليس ذلك فحسب بل قدمت القوات المسلحة للمجتمع المصرى بعد قرار عزل “,”د. محمد مرسى“,” خارطة طريق متكاملة، تكفل العبور الآمن إلى ديموقراطية حقيقية وليس ديموقراطية مزيفة. اعتمدت على آلية الصندوق لكى تقيم حكماً استبدادياً صريحاً.
الضربة القاضية التى وجهت إلى مخططات الولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط وإلى جماعة الإخوان ذاتها أفقدت أمريكا صوابها من ناحية، ودفعت قيادات الإخوان من أنصار الاتجاه القطبى (نسبة لمنظر التكفير “,”سيد قطب“,”) إلى ممارسة العنف والإرهاب ليس ضد السلطة وحدها، ولكن ضد الشعب المصرى نفسه!
وهكذا ليمكن القول أن ما نراه من اعتصامات مسلحة واحتلال غير مشروع للميادين وترويع المواطنين، واقتحام أقسام الشرطة، وحرق المؤسسات العامة، كل هذه الأحداث البالغة الحدة والعنف ليست مجرد حوادث إرهابية مخططة، ولكنها أشبه ما تكون بعملية انتحار سياسى تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين أمام الشعب المصرى بل وأمام العالم كله بالرغم من التحيز المخزى لوسائل الإعلام العالمية خضوعاً للتوجهات الاستعمارية الغربية.
وهكذا يمكن تلخيص المشهد السياسى بعد ثورة 30 يونيو بأنه غباء تاريخى من قبل الدوائر الغربية من ناحية وانتحار سياسى من قبل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من جانب آخر.