الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

"ريجاتا".. "شوية كشري في كيس"

ريجاتا
ريجاتا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل سنوات، جدت ظاهرة في أوساط طلبة المدارس الحكومية الفقيرة، متمثلة في «أكياس الكشرى» التي توضع فيها بعض مكونات الكشرى بشكل غير متناغم، ثم يقوم المشترى بـ«تفعيص» الكيس لتختلط المكونات، ثم يُحدث ثقبًا في الكيس ويشرع في شفط الكشرى.
هذا بالضبط ما فعله فريق عمل فيلم «ريجاتا».
يصعب على المهتم بالسينما استخلاص أي لمسات فنية أو لغة سينمائية جمالية من هذا الفيلم، الذي قام ببطولته «عمرو سعد، محمود حميدة، إلهام شاهين، فتحى عبدالوهاب، رانيا يوسف، وليد فواز، وأحمد مالك»، وأخرجه محمد سامى، الذي اشترك أيضا في كتابة السيناريو مع معتز فتيحة.
الفيلم يقوم فقط على قصة حاول مؤلفاها أن يجعلاها ملتهبة مليئة بالأحداث، إلا أنها للأسف خرجت مترهلة ومفككة وتقريبًا بلا معنى. فريجاتا (عمرو سعد) لا يعرف له أبًا، لأن أمه صباح (إلهام شاهين) كانت فتاة ليل في شبابها، وتناوب عليها أربعة في وقت متقارب، هذه الوصمة (ابن الحرام) هي التي تجعل ريجاتا يُجازف ليحصل على مبلغ محترم يؤهله للسفر إلى أوربا ليحظى ببداية جديدة بعيدة عن العار الذي يحيط به، وهذه الحكاية الأولى التي استهلكت مشاهد عدة من الفيلم، كان يمكن تغييرها ببساطة والاستعاضة عنها بأى فكرة أخرى، وأى دافع مختلف للسفر، دون الحاجة لملء المشاهد بمسألة تبدو ناتئة في السياق، وبالمثل فإن الكثير من المشاهد والحوارات في «ريجاتا» بلا قيمة وبلا ضرورة حقيقية.
راهن صُناع الفيلم على التوليفة التجارية المعروفة: «الأحياء العشوائية الفقيرة، العنف، المرأة اللعوب، الأكشن، البطل الملائكى الشهم»، حتى اشتغال ريجاتا في تهريب الأدوية تم تقديمه كنوع من العمل (الروبن هودي) إن صح التعبير، لصالح (الجماعة/الأسرة). هذا الشاب الشعبى الفقير البسيط الطامح للمجد والمال هو النموذج الأعلى للفئة الجماهيرية التي تنتج شركات السبكى الأفلام لهم.
بالمثل راهن فريق العمل على الصراع النمطى المعتاد، الأغلبية الشريفة في مواجهة القلة المجرمة، وتناغمًا مع السطحية المبثوثة على طول الفيلم، سيجد المشاهد شخصيات طيبة، وأخرى شريرة، شخصيات بيضاء وأخرى سوداء في سيناريو يُمعن في تسطيح الشخصيات، التي لم ينقذها من رداءة الكتابة سوى أداء بعض النجوم الذين أجادوا نسبيًا. ستجد مثلا أن الأم صباح، وشخصية الصديق السنيد (سيكو) هي شخصيات ملائكية بيضاء، بينما تظهر شخصيات أخرى مثل سارى ونصرة ممعنة في الشر بحيث لا يبقى لهما إلا أن يزرعوا قرنين ليتحولوا إلى شياطين.
المشاهد كلها تم تصويرها بطريقة تبليغ المعلومة، دون لغة سينمائية جادة تحتمل التأويل، مثلًا في المشهد الذي يتم فيه ترحيل الأم صباح، أو في أغلب مشاهدها في الحبس الاحتياطي ثم السجن، لم نر أي تفاصيل داخلية للزنزانة، الكاميرا كانت تقبع هناك في الخارج، خارج روح المأساة والورطة، وكأن المخرج يقول (هذه واحدة مسجونة، وهذا سجن وتلك زنزانة ولا علاقة لنا بالتفاصيل) على هذا الدرب يمضى العمل، أحداث متلاحقة بلا معنى حقيقى.
حتى لقطات المطاردات والأكشن المحدودة في الفيلم بدت غير احترافية وغير مثيرة، وبخاصة لقطات البداية التي شهدت مطاردة بالدراجات البخارية، والتي تبدو مثيرة للسخرية والشفقة مقارنة بالأفلام التي تُخصص لها ميزانيات معقولة.
هذا الاستسهال، وذاك التسطيح المتمثل في الاعتماد على القوالب الدرامية التجارية السائدة والمضمونة، حتى وإن كانت بلا معنى، ولا يتناغم فيها الشكل المترهل بالمضمون الفارغ، أديا إلى إخراج العمل بلا ميزة حقيقية، سوى لقطات معدودة تعد على الأصابع، لم تُسهم للأسف في إنقاذ العمل من ورطته.
من النسخة الورقية