الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رسائل شرم الشيخ!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتحذلقون المفتعلون الذين لم يبرحوا بعد سن المراهقة السياسية، راحوا يرشقون الحكومة بسهام النقد بعد النجاح منقطع النظير لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى.
انتقاداتهم اللوذعية جاءت على طريقة "مالاقوش في الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين" وكأنهم يريدون فقط الظهور فى الصورة مختلفين برداء المعارضة المزيف، تماما كما المراهق النزق.
بعضهم ذهب فى انتقاده إلى أن الحكومة فشلت فى وضع رؤية للمشاريع التى عرضتها على المستثمرين، وأن المشاريع لم تكن إنتاجية، علاوة على إهمالها العدالة الاجتماعية والفقراء ومعدومى الدخل.
البعض الآخر أعرب عن إحباطه وتقززه بسبب مشاركة رجال الأعمال الذين كانوا يعملون فى زمن الرئيس السابق حسنى مبارك.
ويبدو أن الرغبة المحمومة فى التميز والاختلاف قد غشت عقولهم، رغم أنهم من المحسوبين على كادر المفكرين السياسين والكتاب الكبار فى أوساط النخبة المصرية، لذلك لم ينتبهوا إلى أن معظم المشروعات- سواء المقدمة أو التى تم توقيع عقودها فعليا- هى فى أغلبها مشروعات لإنتاج الطاقة والبنية التحتية، وهو ما تحتاجه المشروعات الصناعية، سواء القائمة أو المستهدفة.
أولئك المفتعلون غفلوا عما أعلن من حزم مساعدات، وقروض، واستثمارات موجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يعنى بالضرورة تحقيقا لبعد العدالة الاجتماعية وحتى يشارك فقراء هذا الوطن فى عملية البناء من خلال مشاريع خاصة صغيرة ومتناهية الصغر، ناهيك عن مئات الآلاف من فرص العمل التى ستوفرها مشروعات البنية التحتية والطاقة والمشروعات الزراعية.
وبشأن تقززهم من حضور رجال أعمال مبارك، فإن بعضهم كان يتعامل مع هؤلاء المقززين فى زمن مبارك، ثم هل يرضيهم أن نغلق جميع المصانع ومشروعات القطاع الخاص التى أسست فى عهد الرئيس السابق، ثم نضع رقاب اصحابها على المقصلة؟!.
هل فسد رجال الأعمال لأنهم خلقوا فاسدين؟! أم انهم كانوا يعملون فى مناخ ماتت فيه الشفافية وضربت فى ظله أمراض البيروقراطية عمق وأطراف الجهاز الحكومى؟!.
قطعا لا مكان لفاسد، لكن البتر بسيف قاطع ليس الحل أيضا، لأنك إن لجئت لهذا السيف ربما اضطررت لقطع ملايين الأيادى والرقاب.
البتر ينبغى أن يكون للبيئة الفاسدة والمحفزة على الرشوة والاختلاس وكل وسائل التحايل للاستيلاء على المال العام.
وأظن أن ما جرى فى مؤتمر شرم الشيخ لدعم الاقتصاد المصرى قد أطلق عدة رسايل قوية من بينها رسالة مكافحة الفساد والقضاء عليه وهذا ما اكد عليه معظم المتحدثين من كبار المسئولين واصحاب الأعمال ورجال الاقتصاد، وأتصور أن خلق بيئة تعتمد مبدأ الشفافية والوضوح كفيل بالقضاء على الفساد، بل وتطهير آثاره التى تركها الماضى، على ان تصاحب عملية خلق هذه البيئة إطلاق حملة لمكافحة الفاسدين داخل الجهاز الحكومى، حتى يتمكن الجادون من رجال الأعمال من استكمال مسيرتهم.
المؤكد أنه لا أحد يريد الاستثمار الحقيقى لأمواله يرغب فى دفع رشوة أو اللجوء إلى طرق ملتوية لأن فى ذلك كلفة إضافية فى الوقت والجهد والمال، ومع وجود بيئة تتمتع بالشفافية والوضوح لن يبقى إلا الجادون بينما سيتقلص وجود الذين اعتادوا المكسب من الأبواب الخلفية.
غير أن صناعة هذه البيئة ليست مسئولية الحكومة وحدها، ذلك أن أبعادها السياسية والاجتماعية تصنعها الأحزاب السياسية ومؤسسات الجمتمع المدنى التى لم تنج هى الأخرى من الوقوع فى براثن الفساد والإصابة بمرض الاستبداد ، وهو ما اتضح من خلال طبيعة وشكل الصراع الذى دار بينها طوال أشهر أثناء عملية تشكيل القوائم الانتخابية.
واعتقد أن الإنجاز الذى تحقق فى شرم الشيخ يضع الجميع أمام مسئولياتهم ليدركوا أن مصر أضحت بؤرة اهتمام العالم وانه يراها دولة قوية بما تمتلكه من مقومات تاريخية وخغرافية وحضارية واقتصادية، بل ويراها تمتلك نظاما سياسيا قويا لديه القدرة على التحدى والمواجهة ويعى تماما مصادر قوته، ويعرف كيف يعالج نقاط ضعفه، لهذا لم يتاخر العالم عن الدفع باستثماراته إلى أرض المحروسة.
وفى ذلك رسالة أخرى إلى رجال الاعمال المصريين ليتخلوا عن مخاوفهم ويمضوا نحو المشاركة فى عملية بناء وطنهم بالمزيد من الاستثمار، وأن يصروا على أن يكونوا طرفا فى عملية مكافحة الفساد بفضح المبتزين والمرتشين فى الدوائر الحكومية.