السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصر واليمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مقالي السابق منذ أيام (اليمن قراءة أوليه)، طرحت حلا سياسيا لا بديل عنه لحل الأزمة اليمنية سوى حرب
تشتعل في البلاد تتجاوز نيرانها حدود اليمن نفسه، وسألت سؤالا: لمن يريد اليمنيون تسليم مفتاح حل أزمتهم؟
والإجابة ليست من عندي - وإن كنت اتفق معها - وقد جاءتني عقب لقاءات أجريتها مع اصدقاء وشخصيات عامة ورجال سياسة وأحزاب ومسئولين سابقين فتحت القاهرة أحضانها لهم كأشقاء، وجميعم ينتمون ويمثلون كافة التيارات والقوي السياسية اليمنية بتنوعها المعقد والمتعدد، قيادات من المؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس السابق علي عبداللة صالح) قيادات من الحزب الاشتراكي اليمني، من الحراك الجنوبي بأجنحته المختلفة، وأعضاء في حزب الإصلاح ، وأعضاء موالون للحركة الحوثية، وآخرين ممن ينتمون للتيارات القومية والناصرية وقيادات قبلية، بل حتي مواطنين عاديين جاءوا للعلاج، أو مقيمين للدراسة، كلهم وجدوا في مصر -كما كانت دائماً ودون تمييز بين ابناء اليمن - ملاذا وبيتا ووطنا ثانيا لهم، كانت إجابة الجميع دون استثناء اننا نعطي مصر مفتاح حل الأزمة فكل المكونات اليمنية تثق في مصر وقيادتها، وإذا بادرت مصر بدعوة كافة الفرقاء لجلسات حوار تمهيدية في القاهرة، فلن يسمح يمني واحد بفشل الجهود المصرية بل سيسعي اليمنيون، كل اليمنيين، لإنجاح الدور المصري، فمصر تملك رصيدا تاريخيا من التقدير والحب والاحترام من الشعب اليمني، وليست لها مطامع في البلاد، وستكون حريصة على الحفاظ علي اليمن وشعبه ولا تنحاز لأي تيار أو حزب أو قبيلة، وستسعى لتوافق يمني وطني وحل لا يميل لطرف من أطراف الصراع. ونحن (يقول اليمنيون)، ندعوها للقيام بهذا الدور السياسي بوصفها الشقيقة العربية الكبري ولا يوجد أي تحفظ من أي جهة يمنية علي ذلك. هذا هو ملخص حواري مع ممثلي القوى اليمنية الذي أعرفهم جميعا علي المستوي الشخصي، بحكم علاقتي السياسية من أيام الجامعة في السبيعينيات ثم عملي الصحفي، شاءت المهنة أن أعيش بينهم وأن أتابع تطورات بلدهم، وألتقي بكل قياداتها السياسية والحزبية والحكومية ورموزها الفكرية والثقافية والإعلامية طوال نحو 40عاما ومنذ هذا التاريخ، ظللت متابعا لمحطات وأزمات شاهدتها، ليس أقلها، حروب الحدود بين ما كان يسمي بالشطرين، أو أحداث 13 يناير في عدن 1986، أو أفراح إعلان الوحدة في عام 1990، وإعلان قيام الجمهورية اليمنية على أنقاض الشطرين الشمالي والجنوبي، ثم خلافات الأشقاء التي أسفرت عن حرب صيف 1994، التي عرفت بحرب الانفصال وانتهت بفض الشراكة بين صانعي دولة الوحدة علي عبداللة صالح وحزبة المؤتمرالشعبي العام في الشمال، وعلى سالم البيض وحزبه الاشتراكي في الجنوب، وكان لي سبق اللقاء معهما ومع بقية القيادات في الحزبين والأحزاب الأخري سواء في صنعاء أو في عدن، ونشرت كل متابعاتي في مجلة (المصور).
ولهذا استغرب من قيام مصر بتجميد عمل سفارتها في صنعاء وهي السفارة التي تحمل رقم (1) في الترتيب الدبلوماسي للخارجية اليمنية، فعلى مدى تاريخ العلاقات بين البلدين حتي في ظل القطيعة المصرية العربية عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ظلت اليمن تحتفظ بسفيرها في القاهرة، وظل السفير المصري مقيما بسفارتنا في قلب العاصمة صنعاء التي تقع في أحد أهم شوارع المدينة الذي يحمل اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.لا يطلب اليمنيون أكثر من جهد دبلوماسي مصري، ولا يطلبون تكرار مواقف تاريخية يقدرونها ويعتزون بها، وهم علي دراية بهموم مصر وحجم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، ولكنهم يؤكدون أن أمن مصر القومي مرتبط باستقرار اليمن، وأن حربها على الإرهاب الداخلي والتهديد الخارجي هو جزء من معركتهم، وأنهم لن يسمحوا تحت أي ظروف السماح بتهديد مصالح مصر في باب المندب وأنهم لم ولن يكونوا أداة لأحد في لعبة الصراع الدولي أو الإقليمي ضد مصر التي يعتبرونها وطنهم الثاني الذي ضحي أبناؤه من جنود مصر في الدفاع عن الثورة والجمهورية في اليمن شمالا ودعم ثورة التحرير في الجنوب.
لا يطلب اليمنيون إلا تحرك سياسي بما تتمتع به مصر من ثقة لدي كل الأطراف اليمنية، وأرى أن علي مصر أن تتحرك في اتجاهين الأول هو تشكيل لجنة مصرية من وزارة الخارجية ومن بعض المؤسسات ذات الصلة التاريخية بالعلاقات مع اليمن، وتقوم فورا هذه اللجنة بالاتصال بجميع الأطراف اليمنية ودعوتها لاجتماع تمهيدي في القاهرة، ثم تبدأ في الاتجاة الثاني وهي الاتصال بالدول المهتمة بالوضع اليمني، السعودية، دولة الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، للتنسيق معها، ومواصلة الجلسات في العاصمة صنعاء، للوصول الي حل يمني برعاية مصرية وعربية، ووفقا لما فهمته من اليمنيين علي مختلف اتجاهاتهم فانهم يرحبون بمشاركة عربية لهذه المبادرة، وخصوصا من المملكة العربية السعودية التي لا يرغب أحد من اليمنيين إستبعاد دورها نظرها لعلاقات البلدين الخاصة وباعتبارها دولة شقيقة وجارة يهمها اليمن، ويري اليمنيون ان وجود ممثل لدولة الإمارات عامل مهم ولا ينسون دور الراحل الكبير الشيخ زايد في اعادة بناء سد مأرب ودعم الإمارات لجهود التنمية في بلادهم ، وينطبق نفس الأمر علي دولة الكويت التي لعبت دورا مهما في التنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية، ويري بعضهم أن وجود سلطنة عمان، يشكل جسرا مع إيران الداعم الرئيسية لتيار داخل حركة أنصار الله (الحوثيين) لمعرفة نوايا طهران من هذا الامتداد نحو الجنوب، متجاوزا مصالح دول مجلس التعاون الخليجي  ومن المهم أن يمتد الاتصال المصري والعربي بروسيا الشريك القديم والمستمر لليمن، والداعم الاول لإيران، الذي حفاظا علي علاقتة المتنامية مع مصر ورغبته في مواصلة دورة القديم في اليمن، وأمله في تطوير علاقاته مع دول الخليج سيسعي لوقف الدور الإيراني في اليمن، والاكتفاء بدوره في العراق وسوريا وعدم فتح جبهة جديدة تزيد من مخاوف دول المنطقة من الدور الإيراني.
انفراج الأزمة في اليمن ليس ببعيد إذا ما استجابت القاهرة لنداء أهل اليمن، فهم الذين يملكون في الواقع مفتاح الحل، وعندما يسلمونه لمن يثقون به ، اعلموا بأن اليمن يمكن أن يخرج من النفق المظلم.