السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مين في الجمال قدك !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مر عامان على رحيل الفنان الجميل ، أحمد السنباطي وكانت لفتة راقية أن تتذكر إذاعة الأغاني ( أغاني fm )
هذا المطرب والملحن المميز الذي - لأسباب مختلفة - لم يأخذ حقه من الشهرة والانتشار والنجومية كما ينبغي .
احمد السنباطي هو ابن الموسيقار صاحب الصوت الحاني ، الرائد ، العبقري ، رياض السنباطي ، في أوائل السبعينات ، ظهر شاب شعره مسترسل ككل ابناء جيله علي خشبة مسرح حفلات القاهرة ، يحمل جيتارا ويعزف ألحانا ذات طابع غربي ، ويغني اغاني قصيرة وسريعة في محاولة لتقديم غناء مختلف عن السائد من الأغاني الطويلة ، ولم يكن هذا الشاب المتمرد سوي احمد السنباطي الذي حتي لم يستعن بوالده في لحن، وفضل ان يلحن لنفسه وان كان قد شرب الصنعة من المعلم والده وحمل جينات صوت ابيه الدافئ وعبقريته الموسيقي ، بل أكاد اجزم ان تمرد الابن كان ميراثا عن والده الذي اشتهر بالزهد والكبرياء وعزة النفس .
قدم السنباطي الصغير في اول حفل له أغنية ( لو كان بينا بلاد والشوق مشوار طويل ) ، ثم ( في رحلة العيون ) ، و ( عجيبة ) ، وكلها اغان كانت كلماتها بسيطة وجميلة ، وذات إيقاع سريع تحمل طابعا يجمع بين الأداء الشرقي والغربي ، وان غلب عليها الإيقاع الغربي ، ولم تنل اغاني الصاعد الجديد إعجابا من قطاعات عريضة ، كان سحر وطريقة الغناء القديم مسيطرا علي أذانه ، رغم ان كثيرًا من المطربين الكبار مثل عبد الحليم حافظ ، و شريفة فاضل ، انتبهوا مبكرا لبدايات تغير الذوق الفني وبدأ حليم يعيد توزيع اغانيه ، وفجرت شريفة اكثر من قنبلة غنائية ذات إيقاع غربي سريع ، مثل ، ( جاري يا احلي جار ) و ( الليل ) ( ولما راح الصبر منه ) ، كان موقف الجمهور الذي لم يتعود علي هذة النقلة من مطرب شاب ، ظهر مرتدياً ( بلو جينز ) ، ويضع حزام الجيتار علي كتفه ، ويطلق شعره علي كتفية ، ويخرج عن المألوف ، رغم ان الشاب كان يملك صوتا قويا ، واضحا ومميزا ، وجميلا وحانيا ومدربا ، الا ان المشهد الجديد كان صادما ، وأصاب الشاب صاحب المحاولة بالإحباط وظل مختفيا قليلا ، حتي استطاع المعلم والأستاذ الكبير والده ان يختار له كلمات اغنية جديدة للكاتب سعد عبد الرحمن ، لحنها الأب لابنه وكانت كما يقال في المثل الشعبي المصري ( شغل المعلم لابنه ) فقدم له اغنية ( مين في الجمال قدك ) ، فكانت عملا غنائيا مفاجأة ...( طقطوقة ) تجمع بين الخفة والرصانة وكلمات شديدة الجمال في الوزن والمعني ، ولحن يسرق الانتباه جمع بين القديم والحديث ، اما احمد فقد اثبت انه يملك صوتا وحسا غنائيا يأسر الوجدان ، ونجحت الاغنية نجاحا مدويا وتصور الجميع ان تكون هذه الاغنية فاتحة لمشوار فني طويل لهذا الصوت الذي ولد من جديد ، ولكن يبدو ان شخصية احمد المتمردة دفعته لطرق اخرى ، بعد ان قطع شوطا مبشرا في التلحين لمطربات مثل فايزة احمد ، ووردة ، ولطيفة ، ربما كان اليأس والإحباط كان جزءا من شخصية المطرب والملحن الشاب الذي جرفه تيار الغربة والضياع ، فاختفت اخباره ، وغاب عن الساحة الفنية لسنوات وأضاع علينا نحن عشاق الفن ، صوتا ومشروعا فنيا كان يمكن ان يشكل حالة فنية جديدة في الغناء المصري والعربي ، واستمر الغياب حتي جاء الناعي ليخبرنا برحيلة في في نهاية فبراير عام 2012 بعد صراع مع المرض عن عمر يقترب من 62 سنة .