تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
عمليًا لا صوت انتخابيًا لى فى دائرة سما المصري، ولو كنت هناك لمنحتها صوتى دون تردد، أعترف أننى لم أنشغل كثيرًا بما إذا كانت سما اجتهدت فى وضع برنامج انتخابى تحاول من خلاله التأثير على الناخبين، أو أن لديها خطة للعمل من أجل خدمة أهالى الدائرة، أو أنها ستقوم بجولات ولقاءات تتواصل من خلالها مع الجماهير.
ما لفت انتباهى، كان رد الفعل على قرار سما بالترشح، ثم على قرار اللجنة العليا للانتخابات قبول ترشحها.
كشفت سما دون أن تقصد جانبًا من العفن الإنسانى الذى يعشش فى نفوسنا، أزاحت الستار عن ازدواجية مجتمع فاسد وكاذب ومنافق ومدعٍ.
صرخت إحدى السيدات: معقولة رقاصة تمثلنى فى البرلمان.
وكأن الراقصة ليس من حقها أن تمارس دورها كمواطنة مصرية، لها حقوق كاملة مثلها مثل أى مواطن، وكأن ليس مطلوبًا منها إلا أن تكون وسيلة للتسلية والمتعة يلتهمها الرجال بعيونهم وتصفق لها النساء مشجعات وربما حاسدات لها أن يحيطها الرجال بكل هذا الشبق المسعور.
ثم تعالوا نتحدث بالعقل والمنطق عن سما المصرى تحديدًا.
عندما دخل علينا الإخوان المسلمون كالغيلان، يريدون أن يلتهموا الأخضر واليابس، دخل كثير من السياسيين والمفكرين والحزبيين والصحفيين والمواطنين العاديين فى وصلة رقص طويلة أمام الرئيس الإخوانى حتى ينالوا الرضا، ووضعوا كل إمكانياتهم فى خدمة الجماعة بحثًا عن مكاسب رخيصة، وحدها سما المصرى من توقفت عن الرقص، وقررت أن تقاوم.
لم نر فيما فعلته وقتها ابتذالًا، حظيت قناتها الخاصة «فلول» بأعلى نسبة مشاهدة، كانت تقول من خلال أغنياتها ورقصاتها، ما عجز كثيرون عن مجرد التفوه به، كانت أكثر شجاعة من كثيرين يدعون الشرف والأخلاق والمثالية، ويريدون أن يربحوا الآن على جثتها.
أعرف أن المجتمع يقف الآن ضد سما المصرى، لأنها ببساطة قررت أن تكشف عورته، تضعه أمام نفسه عاريًا فى المرآة، لقد فعلت ما عجز أن يقوم به الآخرون، وكان طبيعيًا أن تفكر فى أنها يمكن أن تواصل وتعمل، إنها لا تكذب ولا تتجمل، تتحدث بصراحة يمكن أن يعتبرها البعض وقاحة، لكن من قال لكم إن الأوضاع التى نعيشها لا تحتاج إلى الصراحة التى تصل إلى درجة الوقاحة؟
لقد لجأنا إلى سلاح السخرية، ونشر الشائعات حول سما، قررنا أن نجردها من أى معنى إيجابى، لأنها ببساطة تكشف نفاقنا وزيفنا، وتضعنا فى خانة اليك التى لم نستطع أن ندافع عن أنفسنا ونحن فيها، فقررنا أن نهاجمها.
يقولون: كيف لـ«سما المصرى» أن تشارك فى انتخابات تأتى بعد ثورة ٣٠ يونيو، وكيف لها أن تصبح نائبة فى برلمان الثورة؟ ولم يكلف أحد نفسه عناء السؤال، ولماذا سمحنا لها أن تكون واحدة ممن لعبوا دورًا فى كشف ألاعيب الإخوان وحلفائهم بطريقتها، وكان ما فعلته شئنا أم أبينا جزءا من التمهيد للثورة على الإخوان والخروج على رئيسهم وخلعه من منصبه، لماذا لم نخرجها من صفوفنا، ونقول لها أنتِ راقصة، ولا يجب أن تشارك الراقصات فى الثورات؟
إننى أدعم حق سما المصرى فى أن ترشح نفسها فى الانتخابات البرلمانية، وأدعم حقها فى أن تكون نائبة فى البرلمان، لأنها مواطنة مصرية، قدرها أنها تجيد الغناء والرقص، قدرها أن الله منحها رزقها فى جسدها، وليس من حقنا أن نجلد الناس بأقدار الله فيهم، وسأحترم الناس جدًا لو أنهم تعاملوا معها كمجرد مرشحة، وقرروا أن يسقطوها فى الانتخابات، لأنها لا تعبر عنهم، وليس لأنها فقط مجرد راقصة، ساعتها سنكون مجتمعًا سويًا يستحق الاحترام، لكن ولأننا لم نفعل ذلك، فنحن لا نستحق الاحترام على الإطلاق، وسنظل نبحث عن الصدق ولا نفعله، وندعى الفضيلة، ونحن أبعد ما نكون عنها، ونزعم الشرف وهو مفارقنا، سما المصرى ليست هى الراقصة الملعونة، على الأقل هى صريحة لم تدعِ ما ليس فيها، الدور يبقى على الراقصين على كل الحبال وهم يدعون أنهم شرفاء.