تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لا تملك مصر رفاهية تنظير حلف "الناتو" ولا تعترف بالصفقات السياسية مع الإرهابيين.. فليس لدى القاهرة باطن وظاهر.. فما تعلنه على الملأ تتحرك على الأرض لتنفيذه.. لا مجال للمناورة أو اللجوء إلى "التقية" المخادعة التي يجيدها المراوغون الشيعة.
أمريكا لن تكون أبدًا هي الحل فواشنطن لا تعرف الكثير عن المنطقة.. ولم تقرأ التفاصيل على مدى أكثر من 50 عامًا في تعاملها مع "المتلحفين" بعباءة الإسلام.. فرغم كل أجهزتها الأمنية والاستخباراتية تظل الدولة العظمى عاجزة عن الإدراك وغارقة في الفشل وهي تراهن على أصحاب المنهج التكفيري بداية من القاعدة ومرورًا بالإخوان وانتهاءً بـ"داعش".
كان لا بد من هذه المقدمة قبل الحديث عن الضربات العسكرية التي وجهتها مصر ضد "دواعش" ليبيا والتي جاءت إيذانًا بقواعد جديدة للعبة في المنطقة عنوانها أن مصر لن تستأذن أحدًا أو تحصل منه على ضوء أخضر لتدافع عن أمنها القومي وهو ما لا ترضى عنه بالتأكيد تلك المنظمات المشبوهة المأجورة لإصدار تقارير إدانة مكانها سلة المهملات.
زيارة حسم المعركة ضد الإرهاب.. هذا باختصار العنوان الأبرز في الزيارة المرتقبة للرئيس عبدالفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية التي تعتبر الأولى رسميًا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم.
تلك الزيارة التي تكتسب أهمية غير عادية من عدة روافد لعل في مقدمتها ما تشهده المنطقة العربية في الوقت الحالي من منعطفات تاريخية في ظل أحداث ومتغيرات خطيرة تعصف بأمن واستقرار عدة بلدان عربية تهدد بإعادة تشكيل الخارطة السياسية وموازين القوى في المنطقة بأكملها.
زيارة تضع حدودًا فاصلة لشائعات سخيفة ومحاولات ساذجة للوقيعة بين الرياض والقاهرة، فما يحكم العلاقة مصالح إستراتيجية ومصير مشترك.
وبقراءة بسيطة فيما قاله السيسي قبل أيام خلال خطابه التاريخي للأمة ندرك أن الرجل كما قال عن نفسه يسابق الزمن الذي يعتبره العقبة أو التحدي الأكبر أمامه.
حيث قال الرئيس المصري خلال حديثه للمصريين والعرب: إن الحاجة إلى تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة تتزايد بشكل يومي فيما تواجه المنطقة العربية خطر التشدد الإسلامي.
وأضاف السيسي إن الجيش المصري ليست له رغبة في غزو أو مهاجمة الدول الأخرى، ولكنه سيدافع عن مصر والمنطقة إذا اقتضت الضرورة وبالتنسيق مع اشقائنا العرب.. وإن الأردن ودولة الإمارات تبرعتا بإرسال قوات إلى مصر عقب قيام مسلحي تنظيم "داعش" بقتل 21 من المصريين الأقباط الأسبوع الماضي.. موضحًا أن مصر دولة ناضجة ولا تغامر.
وفي حديثه عن مسألة مكافحة الإرهاب، قال السيسي: "إن من واجبنا الحفاظ على أمن مصر ومعالجة كل المسائل العالقة"، مشددًا على أن القوات المسلحة المصرية لا توجه أعمالًا عدائية ضد مدنيين.. مؤكدًا أن مصر تدير علاقات توافقية مع كل دول العالم على رأسها أميركا وروسيا والصين ودول أوربا، مذكرًا بالمحادثات الثنائية التي أجراها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما والتي وصفها بالإيجابية.. موضحًا أن ما يحدث في المنطقة يهدف إلى تمزيق مصر والمنطقة.
وتعكس ردود الأفعال المرحبة بهذه الزيارة مقدار التفاؤل والأمل المنعقد على تلك القمة التي يعتبرها الكثيرون تماهيًا مع طلب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتشكيل قوّة عربية موحّدة في ظل الأوضاع التي تعانيها المنطقة، ووصفت تلك الخطوة بالضرورة الملحة.
وعلى الرغم من أنّ ذلك الطلب سبق أن تمّت الإشارة إليه في أكثر من تجمّع مصري خليجي، إلّا أنّ عددًا من الخبراء أكدوا أنّ حديث السيسي يحمل طابعًا جديًا في التنفيذ، لاسيّما عقب توجيه مصر لضربة عسكرية لمعاقل "داعش" في ليبيا.
وبحسب ما يراه الخبراء فإن السيسي يؤمن أنّ العمل الجماعي الدولي هو السبيل الأمثل في محاربة "داعش" وكافة الكيانات الإرهابية التي تسعى لهدم وتقويض منطقتنا العربية وجرجرتها لأتون حروب أهلية واقتتال داخلي لا يعلم مداه أحد.
ويؤمن أنصار هذا الاتجاه بأنه من الصعوبة بمكان على أي دولة مواجهة التنظيم منفردة، وعليه تم الاستناد إلى البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة، لحشد المجتمع الدولي لمواجهة "داعش" خلال اجتماع مجلس الأمن مؤخرًا، الأمر الذي قوبل بالرفض، وهو ما ظهر من خلال تقديم مصر للطلب مرة أخرى.
وإذا لم تتوافر النوايا الطيبة عند العواصم الصديقة للإرهاب فليس أقل من توحيد الجبهة العربية عسكريًا استنادًا لوحدة الموقف السياسي لشن ضربات متوالية ضد الإرهاب أينما وجد.
ويظل السؤال الذي ينتظر الإجابة ماذا ستفعل هذه القوة العربية المشتركة على الأرض وكيف ستتحرك.. وهو ما تجيب عنه الساعات القادمة.