تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
المعلومات الإستخباراتية القادمة من واشنطن والرد الرمادي القادم من لندن والتي تقول أن صاحب السكين الداعشي الذي ذبح أكثر من برىء أمام الكاميرات في استعراض بليد هو من سكان غرب لندن واسمه جون ودرس بجامعاتها وكان معروفاً لدى أجهزة الأمن بتطرفه وأنه منذ خمس سنوات يتحرك مع خليته المكونة من 13 عنصراً ما بين الصومال وغيرها، كل هذه المعلومات لم تكن صادمة لي مثلما صدمت البعض والذي يرى الغرب واحة المدنية والبراءة والحسم بالقانون.
فعندما ضرب الإرهاب مصر بموجته الأولى في الثمانينيات من القرن الماضي، كنا نتابع رحلات النزوح الجماعي للقتلة وبينما كانت يدهم اليمنى ملطخة بالدماء كانت يدهم اليسرى تحمل صك الأمان اللندني سواء كان وثيقة لجوء سياسي أو وثيقة الحصول على الجنسية الإنجليزية أو غيرهما من الأوراق الضامنة لهم بعدم وصول يد العدالة لهم.
ولم تنشأ تلك الموجة في الثمانينيات من فراغ فقد سبقها إرهاصات في الستينات عندما هرب بعض قادة الإخوان الإرهابيين ليتحدثوا من المنصات الإعلامية في أوروبا عن حق الإرهاب في التفجير، وحذرت مصر كثيراً من سوء العاقبة في احتضان الثعابين السامة لأنها في حال تمكنها ستلدغ وبقسوة من يرعاها، ولكن لندن أغلقت اذنيها تحت وهم الحرية والديمقراطية، فشاهدنا إرهابيين من كل صنف ولون يتمددون على أراضيها حتى صارت لندن كعبة الهاربين ومأوى الإرهابيين.
منحتهم حق اللجوء السياسي، ووافقت على قيادة الهاربين للتنظيمات الإرهابية من مكامنهم في لندن.. وزاد الطين بلة حصول هؤلاء القتلة على مساعدات مالية من الحكومة البريطانية أو الجهات المعنية بالهجرة والإقامة الرسمية.
قبل يومين كان المدعو هاني السباعي على شاشة بي بي سي يبرر لداعش ويعطي للقاتل الإنجليزي جون البراءة مثل طلوع الشعرة من العجين، ولم يكن السباعي الذي يقدم نفسه كمدير لمركز المقريزي للدراسات وحده على ساحة الإرهاب اللندني فمازلنا نتذكر أبو حمزة المصري صاحب اليد الحديدية كقرصان والذي سلمته بريطانيا لأمريكا بتهمة التحريض على العنف عام 2012.
ومازلنا نتذكر الضغوط العربية التي تمت مؤخراً والتي طالبت قطر بطرد قيادات الإخوان من على أراضيها فكان الرد الإخواني هو "أبواب لندن وتركيا مفتوحة لنا"، فإذا كان الإرهاب قضية عالمية فكيف لنا أن نفهم تلك الممارسات البريطانية وأضرب هنا مثلاً بالإرهابي ياسر السري الهارب من حكم بالإعدام وحياته المترفة في لندن وعمله بالمرصد الاعلامي للجماعات الارهابية كمتحدث لهذه الجماعات في أوروبا، وياسر السري لمن لا يعرفه هو متهم رئيسي في قضية محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الاسبق وصدر بشأنه عدة نشرات حمراء من الانتربول الدولي، ولكن لا حياة لمن تنادي فقد حصل على الجنسية البريطانية وصار مواطناً بريطانياً حتى أن مصر طالبت بريطانيا كثيراً بإعادة النظر في مسألة منح اللجوء السياسي لمن يستغل هذا الأمر في دعم الإرهاب والتحريض عبر الوسائل الإعلامية.
بريطانيا التي فتحت أبوابها واسعة للإرهاب والإرهابيين قدمت لنا اليوم جون صاحب السكين الذابح للأبرياء، وستقدم ألف جون قادم طالما يسير المخطط في طريق تخريب الدول العربية وتفتيتها، بريطانيا الدولة العجوز ارتضت لنفسها التبعية لأمريكا وتقديم الدعم اللوجستي لمخطط أمريكا الخاص بالشرق الأوسط الكبير، ولم يكن جون هو آخر فضائحها، فالتاريخ يرصد احتضانها للقيادي الإخواني يوسف ندا الذي أسس للجماعة فرعها الأوروبي واستطاع جذب الطلاب الوافدين من الدول العربية والاسلامية للجماعة.
ببساطة يمكن القول أن لندن أصبحت مركزاً لعمليات التنظيم الدولي وهو التنظيم الذي يعتبر الأب الروحي للدواعش، من ياسر السري إلى هاني السباعي إلى إبراهيم منير، وغيرهم يلمح المتابع هذا الهوس الإنجليزي بلعبة الاستذكاء على العرب، ولعلها تعتز بأن نائب المرشد العام للإخوان خيرت الشاطر كان موجودًا على أراضيها في الثمانينات مع القيادي في الجماعة عصام الحداد وولده الذي برز في زمن مرسي.
نقول لأوروبا الباكية وانجلترا الحزينة، إن أقصر طريق للوصل بين نقطتين هو الخط المستقيم، فإذا كنتم حريصين على مواجهة الإرهاب فلتراجعوا أنفسكم أولاً وبعدها قد نصدقكم في حديثكم عن مواجهة الإرهاب.