تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لاشك أن الضربات الناجحة التي وجهتها القوات الجوية المصرية ضد إرهابيي داعش في مدينة درنة الليبية قد أحدثت ردود فعل إيجابية على المستوى الداخلي والخارجي، أهمها أن الشعب المصري التف على قلب رجل واحد حول الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أثبت أنه قادر على أن يفعل وقد فعلها، ومن خلال استقراء رد فعل الشارع المصري نجد أن المصريين فرحوا بعد غياب الفرح والبسمة منذ قيام ثورة الـ30 من يونية وسقوط حكم الظلاميين فقد استطاع الرجل أن يشفي غليل المصريين، ويثأر لهم بعد ساعات قليلة من جريمة الدواعش الإرهابيين بذبح 21 مصريا بدم بارد، ما يؤكد أننا أمام خطر داهم من الضروري أن نعد سيناريوهات مواجهته واختيار الوقت المناسب لتنفيذ السيناريو القادم لتصفية وتدمير معاقل الإرهاب الداعشي.
واعتقد أن هذا الخطر لا يطول مصر وحدها، بل موجه إلى كل الدول العربية التي يجب أن تعلن تضامنها إلى جانب مصر، التي تقف حجر عثرة في وجه مخطط التجزئة والتفتيت، وما داعش سوى آداة لتنفيذ المرحلة الاولى من هذا المخطط، الذي يأتي في إطار ما يعرف بحروب الجيل الرابع، من هنا لا يمكن اعتبار أن داعش هي التي تقود الإرهاب وحدها، فالأخطر.. مَن وراء داعش؟ مِن دول وأجهزة استخبارات تخطط، وداعش تنفذ وتثبت الدلائل أن تركيا وقطر على الأقل وراء كل ما يحدث، وهذا الأقل هو الأخطر وليس صعبا تخمين من هو، إنه صاحب المصلحة في تفتيت العالم العربي الى دويلات هامشية، إنه صاحب نظرية الفوضى الخلاقة، إنه الذي سأم من إرسال قواته بشكل مباشر إلى مناطق التوتر والنزاعات، إن هذا الطرف الذي يبدى عكس ما يبطن، هو الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع لا يمكن أن نغفل أن إسرائيل صاحبة مصلحة في هدم الكيان العربي وقبله هدم مصر السيسي التي حطمت أطماعا وبددت أحلاما أتى بها حكم الظلاميين لكل من ظن أن لعبة الثورة قد أتت ثمارها وعندما تحققت الثورة بحق قالوا عنها انقلابا.
من هنا نحن لا نتحدث عن أمن مصر وحدها، بل دعونا نقول إن التهديد قد طال الأمن القومي العربي، وتكفي نظرة شاملة فاحصة للمشهد العربي لنقدم الدليل على ما نقوله ففي الشرق العربي هناك عدم استقرار، بل حروب أهلية، وتنظيمات إرهابية وفتن بين أهل السنة والشيعة في العراق وسوريا ولبنان، وفي الجنوب يظل النموذج اليمني شاهدا على صحة ما نقول أما في منطقة الخليج، تتحول قطر لأداة في أيدي صناع الإرهاب، وتبقى إسرائيل اداة أخرى تسعى إلى هدم الاصطفاف العربي، والأغرب أن فصيلا من أصحاب القضية الفلسطينية، أخذ يغرد خارج السرب، ويرد الجميل لمصر إرهابا وحقدا، وهو فصيل حماس الذي أصبح وإسرائيل في سلة واحدة .
وفي المغرب العربي نجد ليبيا بعد سقوط الدولة تتحول إلى بؤرة إرهاب على حدود مصر الغربية، أما بقية دول المغرب وشمال إفريقيا كل يغني على ليلاه، بعبارة أخرى جزر منعزلة لا رابط بينها سوى أنها تتحدث العربية مخلوطة بالفرنسية، وتكتمل صورة المشهد العربي المؤسف بالسودان الذي كان أسرع الدول العربية استجابة للتفتيت والتجزئة، ليصبح سودانين، وينتمي جنوبه لأصوله الإفريقية أكثر من أصوله العربية، وتجد فيه إسرائيل أرضا خصبة للتسلل، ومدخلا إلى العمق الإفريقي بعد تراجع الدور المصري الإفريقي، في عهد نظام مبارك، الأمر الذي أدى إلى تهديد حصة مصر من مياه النيل من قبل إثيوبيا، التي ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقيات والمواثيق ومضت تبني سدها الذي يتحكم في مجرى النيل المتجه نحو الشمال، أما السودان الشمالي يتأرجح بين هذا وذاك فهو اقرب ما يكون لتنظيم الإخوان الدولي، ولا يعرف من عروبته غير الشعارات الجوفاء، ويبقى في النهاية الحديث عن جامعة الدول العربية التي ظلت على حالها منذ إنشائها عام 1945 ولم يعد لها أي تأثير ولا تقدر على الفعل وسط هذا المشهد الذي أشرنا إليه، ويظل دورها مجرد رد فعل لا يتعدى بيانات الشجب والإدانة.
إن مصر لن تحارب الإرهاب وحدها، ويجب أن يفيق العرب من ثباتهم فالخطر محدق بهم من داعش أو بغيرها.