أحدث تعليقات الفيسبوكيين على موجة الغُبار التى ردمت القاهرة الأيام الماضية.. السخرية من الألم عادة مصرية أصيلة، دائمًا يحوّل الناس أوجاعهم إلى نكات، وعذاباتهم إلى ضحكات، هذا شعب يسخر من حُكامه ويسخر من خصومه ويسخر من نفسه.
والواضح أن العبارة لا تصح على الطقس فى مصر وحده، وإنما على المشهد برُمته.. سقوط الضحايا فى مباريات الكُرة، تخبُط النُخبة السياسية وفشلها فى التوافق فى انتخابات البرلمان، مضاربات النفعيين لرفع سعر الدولار، استفزاز المشاعر من رجال عصر مُبارك الذين عادوا لِيُطلون علينا دون حياء أو خجل، رخاوة الحكومة فى التعامل مع الأحداث.
عفار يا مصر.. عفار فى الفن الذى لم يعُد يُقدم لنا سوى أفلام تجارية رخيصة ماركة السبكى.. عفار فى الإعلام الذى تحوّل إلى آليات ردح لصالح عدد من رجال الأعمال وبغرض تصفية الحسابات، عفار فى الإدارة التى ما زالت ترزخ فى البيروقراطية والتخبط.. عفار فى الاقتصاد الذى صار مُعبرًا عن مكاسب ومصالح أفراد وجماعات بعينها بعيدًا عن المصلحة العامة للمواطنين.. عفار فى الخدمات العامة، وفى التعليم الذى يُنتج كل عام مزيدًا من الأميين.. وفى الصحة التى تحولت إلى بيزنس.. عفار فى الخطاب الدينى الذى صار تنفيريًا تكفيريًا يحتفى بالتفاهات ويروج للخرافات والكراهية.
ذلك العفار من عهود سابقة، ربما كان يستتر حينًا، يهدأ قليلًا، لا يظهر فى الظلام، لكنه كان موجودًا، كامنًا، متسعًا، متمددًا بخبث حتى سقط نظام مُبارك، فانكشف كُل شىء.
وتصورى أن العفار لا يموت إلا بأمطار هادرة، قوية، مُتصلة وهى التى تأخرت وأُجلت بعد سقوط نظام مبارك عدة مرات بدعوى التغير التدريجى أو الحفاظ على الاستقرار، لذا كانت النتيجة دائمًا المزيد من الإحباطات للشباب الذين انفضوا بعيدًا عن الدولة، باحثين عن لحظة انتصار وهمى ولو فى كرة القدم.
لأنه لم يتغير شىء، يلعن الناس ثورة يناير، ويستصغرون ثورة 30 يونيو، ولا يتحمسون للقيادة السياسية؛ لأن المطر لم يهطل على سماواتنا، فإن كثيرًا من العامة يترحمون على أيام مُبارك وفساد عهده، وبعضهم يترحم على أيام السادات، وآخرون يعتبرون عهد عبد الناصر كان الأفضل.. ولأن كُل خطوة إلى الأمام لا تحمل تغييرًا ولا تطويرًا ولا تقدمًا حقيقيًا، فإن الناس تبقى دائمًا أسرى الماضى، مُترحمة على أزمان ولّت حتى لو كانت الأحوال فيها أكثر سوءًا.
أتصور أن القيادة السياسية فى موقف لا تُحسد عليه فى ظل سهام طائشة من اليمين واليسار، وفى ظل أطلال مُتصدعة لدولة شاخت مُنذ عقود، لكنها مُطالبة بجرأة أكبر وصرامة أشد وتغيير حقيقى فى كُل شىء، الثورة تحتاج إلى ثورة.. والله أعلم.
عفار يا مصر.. عفار فى الفن الذى لم يعُد يُقدم لنا سوى أفلام تجارية رخيصة ماركة السبكى.. عفار فى الإعلام الذى تحوّل إلى آليات ردح لصالح عدد من رجال الأعمال وبغرض تصفية الحسابات، عفار فى الإدارة التى ما زالت ترزخ فى البيروقراطية والتخبط.. عفار فى الاقتصاد الذى صار مُعبرًا عن مكاسب ومصالح أفراد وجماعات بعينها بعيدًا عن المصلحة العامة للمواطنين.. عفار فى الخدمات العامة، وفى التعليم الذى يُنتج كل عام مزيدًا من الأميين.. وفى الصحة التى تحولت إلى بيزنس.. عفار فى الخطاب الدينى الذى صار تنفيريًا تكفيريًا يحتفى بالتفاهات ويروج للخرافات والكراهية.
ذلك العفار من عهود سابقة، ربما كان يستتر حينًا، يهدأ قليلًا، لا يظهر فى الظلام، لكنه كان موجودًا، كامنًا، متسعًا، متمددًا بخبث حتى سقط نظام مُبارك، فانكشف كُل شىء.
وتصورى أن العفار لا يموت إلا بأمطار هادرة، قوية، مُتصلة وهى التى تأخرت وأُجلت بعد سقوط نظام مبارك عدة مرات بدعوى التغير التدريجى أو الحفاظ على الاستقرار، لذا كانت النتيجة دائمًا المزيد من الإحباطات للشباب الذين انفضوا بعيدًا عن الدولة، باحثين عن لحظة انتصار وهمى ولو فى كرة القدم.
لأنه لم يتغير شىء، يلعن الناس ثورة يناير، ويستصغرون ثورة 30 يونيو، ولا يتحمسون للقيادة السياسية؛ لأن المطر لم يهطل على سماواتنا، فإن كثيرًا من العامة يترحمون على أيام مُبارك وفساد عهده، وبعضهم يترحم على أيام السادات، وآخرون يعتبرون عهد عبد الناصر كان الأفضل.. ولأن كُل خطوة إلى الأمام لا تحمل تغييرًا ولا تطويرًا ولا تقدمًا حقيقيًا، فإن الناس تبقى دائمًا أسرى الماضى، مُترحمة على أزمان ولّت حتى لو كانت الأحوال فيها أكثر سوءًا.
أتصور أن القيادة السياسية فى موقف لا تُحسد عليه فى ظل سهام طائشة من اليمين واليسار، وفى ظل أطلال مُتصدعة لدولة شاخت مُنذ عقود، لكنها مُطالبة بجرأة أكبر وصرامة أشد وتغيير حقيقى فى كُل شىء، الثورة تحتاج إلى ثورة.. والله أعلم.