الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصر اللى في القفص

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من غير مقدمات عن الدم اللى سال، ولا كلام كبير عن الشباب اللى راح، ولا أي هواجس عن مين اللى عملها، ومين اللى ما عملهاش، وبدون أي تلميحات عن «النبيل والخسيس» في قصة أولتراس الوايت نايتس اللى اتحشر في القفص قدام الاستاد لحد ما روحهم طلعت، بدون كل ذلك وبعقل صاحي تماما، إحنا اللى دخلنا القفص، مش هما، أرواح المصريين لم تعد قادرة على الطيران، إحنا اللى اتخنقنا، كلنا بدون استثناء، وجميعنا ساهم في بناء القفص أيضًا.
هربنا من ساحات الأحزاب إلى براح الفيس بوك، فضاق الفيس علينا، وكأنه الحياة حتى يمكننا التعبير عنها، لا بد أن نكون أعضاء في أحزاب أو في جروبات، مع أن العمل السياسي أوسع وأرحب حينما يكون بين الناس، مين اللى قال إن السياسة يعنى حزب؟ مين قال إن حرية التعبير يعنى كام شتيمة على الفيس وتويتر؟! أو من خلال مظاهرة محدودة في وسط البلد.
لقد أهملنا ولسنوات طويلة أي فعل ثقافى أو شبابى أو اجتماعى جاد، كله بالورق موجود، عشرات الآلاف من القصور المشيدة ومراكز الشباب ومقرات الجمعيات الأهلية، لكنها جميعا مجرد ورق، ملايين لا حصر لها خصصتها الحكومات المتعاقبة للأغنيات الرسمية الباهتة في ماسبيرو، والمسلسلات التافهة لأصحاب وصاحبات رؤساء مجالس الإدارات ومن والاهم، سمحنا للقطاع الخاص بتدمير صناعة السينما، والمتاجرة في أفلامنا وتراثنا، ففقد الشباب هويتهم، لم تقنعهم مسابقاتنا العقيمة، وطرق التدريس المملة ومناهج التاريخ المزورة، وأغنيات الدعاية الفجة، واختيارات النظام الغبى لمعارضيه، فاختاروا طريقهم وطريقتهم بأنفسهم، عملوا روابط تخصهم، صنعوا أغنيات خاصة بهم، ربما لا تعجبنا، لكنها تمثلهم، ثم جاء من لعب بهم وبروابطهم حتى صاروا «فصائل» خارجة عن السيطرة لا نعرف عنها شيئا، نحن الذين حصرناهم في أقفاص عوالمنا المعتادة، وجاءت الفرصة أكثر من مرة لاحتوائهم «مش بالشتيمة في برامج التوك شو»، ولكن بصنع جسر ثقافى حقيقى، يعيد تجربة ثروت عكاشة وسعد الدين وهبة، يعنى عندنا أرض نبني عليها، والحكاية مش اختراع، وجاءت للأحزاب الفرصة لتمنح نفسها قبلة الحياة بهم، وبحماسهم وبمحبتهم للبلد، لكننا حاصرناهم بمجموعة من العواجيز الذين لا يفكرون إلا في مقاعدهم، قررنا لهم قواعد اللعبة، فلما هجروا ملاعبنا، اتهمناهم بالجحود، وعدم احترام كبارهم، وقلة التربية.
وها نحن مستمرون، لقد فرح المصريون بزيارة بوتين، ولم يجد الأخ أحمد موسى ومن هم على شاكلته سوى قصة كيد عبدالناصر لأمريكا ببناء برج القاهرة ليقول لنا إننا نستعيد زمنه وهيبته واستقلاله، بس عبدالناصر مش موقف وبس، عبدالناصر على الأرض مصنع للحديد والصلب، وسد عالي، وآلاف المصانع للنسيج والغزل، وآلاف الكتب المترجمة، يعنى كل اللى كتبه «تولستوى مثلا» وديستوفسكى عرفناه إزاى وإمتي؟!
الحكاية على بعضها، ما ينفعش نلعب على سطر ونسيب سطر، اللى حصل مع روسيا، زى اللى حصل مع اليونان وقبرص، تحرك إيجابى ومحترم وخطوة «عزيزة» تأخرت سنوات، طيب وبعدين، حد قال لنا حصل إيه مع اليونان وقبرص من ساعة ما تمت الزيارات؟!
ماحدش قال، ولو كانت حصل حاجة، وما عرفناش يبقى فيه مشكلة في «التوصيل»، يا سادة إحنا «محشورين» في حتة صغيرة جدًا أضيق من «القفص الحديدي» بتاع الاستاد، عقولنا محشورة في كتالوج قديم لازم يتغير وبسرعة، السياسة مش أحزاب وانتخابات والاقتصاد مش بورصة، والاستقلال مش حركة ومش يمين أو شمال، وقبل ده وبعده، ما فيش حد هيعمل ده غير الشباب دول اللى عمالين يصرخوا «الحقونا» وإحنا مشغولين برمى التهمة على الإخوان أو 6 إبريل أو الشرطة المخنوقين بالملايين، ويا تلحقونا يا ما تلحقوناش!!