من المقطوع به أن هناك محاولة تخريب واضحة لعلاقة التحالف بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهي العلاقة التي بلغت آماداً كبيرة منذ ثورة 30 يونيو العظمي وإلي اللحظة الراهنة.
وإن كانت مهاتفة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسي مساء الأحد الفائت، هي جزء من عملية تطمينية لشعبي البلدين، وتأكيد أن العلاقة قوية ومستمرة، فإنها تعكس- من جانب آخر- حجم الاستهداف الذي تعرضت له مؤخراً، والذي شمل عدداً من الأنساق أوجزها فيما يلي:
• أولا: هناك مخطط أمريكي ضد البلدين (كل بأسلوب مغاير) من أجل إضعاف أيهما وتطويعه .. وفي حين يسعي الأمريكان إلي الضغط علي مصر بتأكيد فكرة أن النظام الحالي هو خرج (انقلاب)، وأن أحكام مؤسسته القضائية مسيسة (وآخرها ما صدر بالإعدام ضد مرتكبي حادث كرداسة وما صدر بالمؤبد ضد مرتكبي أحداث مجلس الوزراء وإحراق المجمع العلمي)، وفضلاً عن مطالبة واشنطن بما تسمية (الحق في محاكمات عادلة) فإنها تواصل الضغط علي القاهرة بادعاء كونها محكومة بنظام تغيب عنه الديمقراطية، وأنها تستهدف (ثوار يناير) بالسجن والمعاقبة، وهو الإدعاء الذي شارك في تسويقه عبر جريدة المصري اليوم (الخاصة التجارية) سفير بريطانيا في القاهرة جون كاسن تحت عنوان: يناير والطريق الثالث، فإن الولايات المتحدة استدعت- الآن كذلك- من أعماق التاريخ حادث "سبتمبر ومدي مسئولية السعودية عنه بحكم أن هناك 15 سعودياً قاموا بذلك العمل .. بالطبع فإن حالة النظام الأمريكي- اليوم- المنقسم بين الكابيتول (حيث مجلس الكونجرس) والمكتب البيضاوي (في البيت الأبيض) فرضت تصعيداً ما في الضغط علي السعودية، إذ أن عدد الجمهوريين في مجلس النواب بـ 237 من أصل 435، وفي مجلس الشيوخ 54 من أصل 100، وبما يعني أن المؤسسة التشريعية كلها في جيب الجمهوريين، وأن مواجهة تدور رحاها بينها والمؤسسة التنفيذية في البيت الأبيض التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي والرئيس باراك أوباما .. لا يعنيني هنا أن السعودية كانت قد حققت نجاحاً في التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة تحت حكم الجمهوريين، فركائز الأمن القومي وإستراتيجياته ستظل واحدة عند الإدارتين، والمصالح الانتخابية التي تتبلور- الآن- قبل إنتخابات 2016 الرئاسية ستعلو أي إلتزام مبدأي أو أخلاقي عند الأمريكيين كالعادة.
اليوم يطالب بعض النواب الأمريكان الجمهوريين أن تعلن الولايات المتحدة نتائج التقرير الذي أعدته عام 2003 عن حادث 11 سبتمبر (28 صفحة).
القصة- هنا- شبيهة بالضغوط التي تعمد الأمريكيون ممارستها علي مصر (من 2001-2004) حين رفض الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يشارك في حملات الغرب ضد أفغانستان أو لغزو العراق، كما رفض وجود قواعد أمريكية علي أرض بلاده، إذ بدأ الأوركسترا السياسي والأمني الأمريكي مصحوباً ببعض أداء مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة الوثيقة بدوائر مخابراتية، عملاً متواصلاً للضغط علي النظام حتي سقط.
ضمن وسائل الضغط علي السعودية ومصر، تلك التسريبات المختلقة التي قامت قناة (مكملين) الإخوانية ببثها في الأيام الأخيرة، وتلك القناة هي واحدة من باقة قنوات تمولها وتدعمها فنياً ومخابراتياً كل من قطر وتركيا ويتم بثها من علي الأراضي التركية، وقد أثار وزير الخارجية المصري سامح شكري ملف تلك القنوات في مؤتمر الأمن الذي إنعقد- مؤخراً- في ميونيخ، باعتبارها وسائط الإرهاب في شن هجماته علي مصر.
أشاعت قناة (مكملين) وأذاعت نصاً صوتياً قالت إنه للرئيس عبد الفتاح السيسي ومدير مكتبه اللواء عباس كامل، وفيه ما يبدو إساءة للسعودية ودول الخليج.
وبالقطع- ومن الوهلة الأولي- فإن التسريب كاذب، ويعتمد علي استخدام نبضة الصوت والمونتاج لتخليق نص افتراضي لا علاقة له بالواقع، ويخدم أغراض المتآمرين الذين قاموا بتصنيع ذلك النص الوهمي.
وفضلاً عن أن مضمون ما وُصف بأنه تسريب هو غير معقول بالمرة، لأن سبباً واحداً لا ينهض ليسند فكرة هجوم مصر السعودية، فمصالح الدولتين واحدة، ولا يمكن لهما أن تتخليا عن بعضهما وكذلك دول الخليج، ثم أن أخلاق الرئيس السيسي لا تسمح حتي بتهجمه علي خصومه، فما بالكم بحلفائه وأشقائه الذين يحمل لهم- ومن اللحظة الأولي لقيامه بثورة 30 يونيو العظمي- إحساساً غامراً بعرفان وفضل.
وأخيراً فإن نظم تأمين الإتصالات التليفونية بين الرئاسة المصرية وكل أركان وأطراف الدولة تخضع لنظام تأمين محكم تماماً، وقد أتيح لي أن أعرف من بعض المسئولين- الذين كانوا طرفاً في إتصال يومي بالرئاسة- مدي إستحالة تسجيل تلك الاتصالات أو اختراقها، وما يعرف باسم (الخط الأحمر) الذي يربط الرئيس بمدير مكتبه وبقادة القوات المسلحة، وبعض مسئولي الدولة وبالذات في المؤسسات والوزارات السيادية، وهو دائرة مغلقة لا يعرف أحد كيف يدخلها، علي نحو قاطع لا يسمح بلجاج حوله، وكذلك نطاقات تأمين المقار الرئاسية أو قاعات وغرف وزارة الدفاع.
• ثالثاً: هناك حملة واضحة من جرائد ووسائل إعلام دولية استهدفت السعودية ومصر ثم علاقة كل منهما بالأخري، وهي ترغب في استغلال سيولة فترة الانتقال في المملكة بعد رحيل الملك عبد الله.
بدأ تلك الحملة دافيد هيرست الكاتب البريطاني المعروف بأنه واحد من أكبر عملاء MI6، والذي كتب وصديقته الراحلة أيرين بيسون كتاباً بعنوان (السادات) بعد أن عرفناهما في السبعينيات إثنين من أكثر الصحفيين تردداً علي مصر، التي أخذا يسرحا ويمرحا في كل أروقتها السياسية والثقافية، ثم بدأت موجه أخرى من توابع اختراق هيرست تمثلت فيما كتبه كل من محمد عصمت وفهمي هويدي في (الشروق)، وتتابعت المقالات بعد ذلك بدرجات متنوعة من الحدة، حيث بلغت الذروة واشنطن بوست ونيويورك تايمز، في حين كان الانتقاد أقل مباشرة للسعودية في فورين بوليس وفورين أفيرز وول ستريت جورنال.
ونظرة سريعة علي بعض ما نُشر في الأيام الماضية يمكن أن يخبرنا بمدي ضراوة الحملة الصحفية والإعلامية علي العلاقات المصرية- السعودية.
ففي تقرير مطول لوكالة رويترز يوم 7 فبراير نقلت عن مصادر قطرية أن هناك أملًا في الملك السعودي الجديد، لأنه متعاطف مع الدينيين وسوف يعيد العلاقة بين السعودية وقطر كما كانت دون حساب لمصر، في حين نشرت الواشنطن بوست في مقال قذر جداً يوم 8 فبراير، يقول للسيسي وجوه كثيرة ظهر بها أمام العديد من القادة السياسيين في مصر، ورموز الحركات الثورية، وهو يختار الوجوه المناسبة للظهور بها أمام شاشات التليفزيون، وقد أشارت الصحفية في أحد منعطفات تقريرها إلي حادث مقتل 37 مسجوناً في عربة الترحيلات .. أما ميدل إيست آي فتقول (يوم 5 فبراير وأعيد بثها يوم 8 فبراير) أن مصر والإمارات لديهم شكوك ضد السعودية، وأن أحد الإعلاميين المصريين قال إن السعودية التي كانت حليف مصر راحت تدعم الإرهاب في المنطقة وبالذات في سوريا، أما الفاينانشيال تايمز فركزت علي التسريب المزعوم والذي تردد فيه أن مصر لن تقوم بمواءمات كبيرة كي تتحصل فلوساً من الدول العربية.
وبالإضافة إلي تلك الباقة من الرسائل الصحفية والإلكترونية المسمومة فإن بعض الصحفيين المعروفين باقترابهم من دوائر إخوانية في السعودية كتبوا ما يسئ للعلاقات مع مصر في صحف سعودية دولية، كما قام بعض الإعلاميين المصريين المعروفين بكونهم جزءًا من تجمعات يسارية ومتطرفة في اشتراكيتها بترديد ما وصف بأنه رسائل تحريضية مريرة ضد السعودية ومنها أن المصريين لا يريدوا المال الخليجي إذا كان سيقترن بتنازلات مبدأية كبيرة!
• رابعاً: التقنية السياسية التي صار الأمريكان يستخدمونها تشتمل علي الضغط بالتبادل بالوسائل المختلفة علي الدولتين، يعني- مثلاً- الضغط علي مصر باستخدام عناصر تنظيم الإخوان المسلمين، والتأكيد على اعتراف أمريكا بهم، سواء بالإعلان عن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية، أو قبول نشأة حزب جديد لهم في الولايات المتحدة ذاتها اسمه (الأمة)، أو من جانب آخر استقبال وفد من الجماعة الإرهابية يضم وليد شرابي ومني عزام وعبد الموجود البربري وغيرهم في وزارة الخارجية الأمريكية، واختراع منصة مناسبة يتم عبرها تبرير اللقاء، وهي حضور المجموعة الإخوانية مؤتمراً في المركز الدولي للإسلام والديمقراطية بواشنطن، وهو من وحدات المعهد الدولي للفكر الإسلامي الذي يديره رضوان المصمودي التونسي وثيق الصلة بحزب النهضة.
من ناحية أخري تلوح الولايات المتحدة والغرب بفزاعة التقسيم عن طريق دفع الحوثيين إلي التواجد عند البطن الرخو للجزيرة العربية في اليمن، علي حين تتساهل مع إيران في قيامها بدور إقليمي ودولي جديد طبقاً للنتائج الإفتراضية التي يمكن أن تحدث ترتيباً علي الاتفاق حول الملف النووي بين طهران ومجموعة (5+1).
وخطورة هذا الأمر هو أنه يومئ إلي استهداف السعودية- كذلك- بالتقسيم، وخاصة مع رغبة واشنطن باحلال الحوثيين مكان المتطرفين السُنة سواء كانوا القاعدة أو كانوا الوهابيين (أحد أركان الدولة السعودية) .. بالعربي هم يطرحون المتطرفين الوهابيين والقاعدة بدلاً من الأسرة الحاكمة، والحوثيين بدلاً من القاعدة والمتطرفين الوهابيين.
في ذات الوقت فإن تركيا والإخوان وإيران يدعمون عناصر الجهاد التكفيري في سيناء ويلوحون بفض علاقة شبه الجزيرة بمصر، أو في أسوأ الأحوال ضمان إحلال عناصر الطابور الخامس الموالية للأمريكيين مكان النظام الحالي في مصر أو- حتي- مكان الجهاديين.
ومن جانب ثالث تواصل الدعايات الأمريكية أيضاً- وبالتبادل- الضغط علي عوامل داخلية لإضعاف الدولتين وتطويعها، ونضرب هنا مثلاً بإثارة غضب الشباب في السعودية وبما تنبه إليه الملك سلمان مبكراً بمنح زيادات في الرواتب علها تشعر الشباب بالرضاء، أما أسباب إثارة غضب الشباب في مصر فهي متنوعة، وتبلغ الذروة في أوساط ما يسمي بروابط مشجعي نوادي كرة القدم (الأولتراس).
...............................................
وسائل الضغط الأمريكي علي مصر والسعودية كثيرة وهي تهدف إلي إضعاف كل منهما وتطويعها، ولكن أخطر ما فيها هو محاولة الدس بين البلدين وضرب تحالفهما.
ومازالت المؤامرة الأمريكية والغربية مستمرة.
وإن كانت مهاتفة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسي مساء الأحد الفائت، هي جزء من عملية تطمينية لشعبي البلدين، وتأكيد أن العلاقة قوية ومستمرة، فإنها تعكس- من جانب آخر- حجم الاستهداف الذي تعرضت له مؤخراً، والذي شمل عدداً من الأنساق أوجزها فيما يلي:
• أولا: هناك مخطط أمريكي ضد البلدين (كل بأسلوب مغاير) من أجل إضعاف أيهما وتطويعه .. وفي حين يسعي الأمريكان إلي الضغط علي مصر بتأكيد فكرة أن النظام الحالي هو خرج (انقلاب)، وأن أحكام مؤسسته القضائية مسيسة (وآخرها ما صدر بالإعدام ضد مرتكبي حادث كرداسة وما صدر بالمؤبد ضد مرتكبي أحداث مجلس الوزراء وإحراق المجمع العلمي)، وفضلاً عن مطالبة واشنطن بما تسمية (الحق في محاكمات عادلة) فإنها تواصل الضغط علي القاهرة بادعاء كونها محكومة بنظام تغيب عنه الديمقراطية، وأنها تستهدف (ثوار يناير) بالسجن والمعاقبة، وهو الإدعاء الذي شارك في تسويقه عبر جريدة المصري اليوم (الخاصة التجارية) سفير بريطانيا في القاهرة جون كاسن تحت عنوان: يناير والطريق الثالث، فإن الولايات المتحدة استدعت- الآن كذلك- من أعماق التاريخ حادث "سبتمبر ومدي مسئولية السعودية عنه بحكم أن هناك 15 سعودياً قاموا بذلك العمل .. بالطبع فإن حالة النظام الأمريكي- اليوم- المنقسم بين الكابيتول (حيث مجلس الكونجرس) والمكتب البيضاوي (في البيت الأبيض) فرضت تصعيداً ما في الضغط علي السعودية، إذ أن عدد الجمهوريين في مجلس النواب بـ 237 من أصل 435، وفي مجلس الشيوخ 54 من أصل 100، وبما يعني أن المؤسسة التشريعية كلها في جيب الجمهوريين، وأن مواجهة تدور رحاها بينها والمؤسسة التنفيذية في البيت الأبيض التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي والرئيس باراك أوباما .. لا يعنيني هنا أن السعودية كانت قد حققت نجاحاً في التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة تحت حكم الجمهوريين، فركائز الأمن القومي وإستراتيجياته ستظل واحدة عند الإدارتين، والمصالح الانتخابية التي تتبلور- الآن- قبل إنتخابات 2016 الرئاسية ستعلو أي إلتزام مبدأي أو أخلاقي عند الأمريكيين كالعادة.
اليوم يطالب بعض النواب الأمريكان الجمهوريين أن تعلن الولايات المتحدة نتائج التقرير الذي أعدته عام 2003 عن حادث 11 سبتمبر (28 صفحة).
القصة- هنا- شبيهة بالضغوط التي تعمد الأمريكيون ممارستها علي مصر (من 2001-2004) حين رفض الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يشارك في حملات الغرب ضد أفغانستان أو لغزو العراق، كما رفض وجود قواعد أمريكية علي أرض بلاده، إذ بدأ الأوركسترا السياسي والأمني الأمريكي مصحوباً ببعض أداء مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة الوثيقة بدوائر مخابراتية، عملاً متواصلاً للضغط علي النظام حتي سقط.
ضمن وسائل الضغط علي السعودية ومصر، تلك التسريبات المختلقة التي قامت قناة (مكملين) الإخوانية ببثها في الأيام الأخيرة، وتلك القناة هي واحدة من باقة قنوات تمولها وتدعمها فنياً ومخابراتياً كل من قطر وتركيا ويتم بثها من علي الأراضي التركية، وقد أثار وزير الخارجية المصري سامح شكري ملف تلك القنوات في مؤتمر الأمن الذي إنعقد- مؤخراً- في ميونيخ، باعتبارها وسائط الإرهاب في شن هجماته علي مصر.
أشاعت قناة (مكملين) وأذاعت نصاً صوتياً قالت إنه للرئيس عبد الفتاح السيسي ومدير مكتبه اللواء عباس كامل، وفيه ما يبدو إساءة للسعودية ودول الخليج.
وبالقطع- ومن الوهلة الأولي- فإن التسريب كاذب، ويعتمد علي استخدام نبضة الصوت والمونتاج لتخليق نص افتراضي لا علاقة له بالواقع، ويخدم أغراض المتآمرين الذين قاموا بتصنيع ذلك النص الوهمي.
وفضلاً عن أن مضمون ما وُصف بأنه تسريب هو غير معقول بالمرة، لأن سبباً واحداً لا ينهض ليسند فكرة هجوم مصر السعودية، فمصالح الدولتين واحدة، ولا يمكن لهما أن تتخليا عن بعضهما وكذلك دول الخليج، ثم أن أخلاق الرئيس السيسي لا تسمح حتي بتهجمه علي خصومه، فما بالكم بحلفائه وأشقائه الذين يحمل لهم- ومن اللحظة الأولي لقيامه بثورة 30 يونيو العظمي- إحساساً غامراً بعرفان وفضل.
وأخيراً فإن نظم تأمين الإتصالات التليفونية بين الرئاسة المصرية وكل أركان وأطراف الدولة تخضع لنظام تأمين محكم تماماً، وقد أتيح لي أن أعرف من بعض المسئولين- الذين كانوا طرفاً في إتصال يومي بالرئاسة- مدي إستحالة تسجيل تلك الاتصالات أو اختراقها، وما يعرف باسم (الخط الأحمر) الذي يربط الرئيس بمدير مكتبه وبقادة القوات المسلحة، وبعض مسئولي الدولة وبالذات في المؤسسات والوزارات السيادية، وهو دائرة مغلقة لا يعرف أحد كيف يدخلها، علي نحو قاطع لا يسمح بلجاج حوله، وكذلك نطاقات تأمين المقار الرئاسية أو قاعات وغرف وزارة الدفاع.
• ثالثاً: هناك حملة واضحة من جرائد ووسائل إعلام دولية استهدفت السعودية ومصر ثم علاقة كل منهما بالأخري، وهي ترغب في استغلال سيولة فترة الانتقال في المملكة بعد رحيل الملك عبد الله.
بدأ تلك الحملة دافيد هيرست الكاتب البريطاني المعروف بأنه واحد من أكبر عملاء MI6، والذي كتب وصديقته الراحلة أيرين بيسون كتاباً بعنوان (السادات) بعد أن عرفناهما في السبعينيات إثنين من أكثر الصحفيين تردداً علي مصر، التي أخذا يسرحا ويمرحا في كل أروقتها السياسية والثقافية، ثم بدأت موجه أخرى من توابع اختراق هيرست تمثلت فيما كتبه كل من محمد عصمت وفهمي هويدي في (الشروق)، وتتابعت المقالات بعد ذلك بدرجات متنوعة من الحدة، حيث بلغت الذروة واشنطن بوست ونيويورك تايمز، في حين كان الانتقاد أقل مباشرة للسعودية في فورين بوليس وفورين أفيرز وول ستريت جورنال.
ونظرة سريعة علي بعض ما نُشر في الأيام الماضية يمكن أن يخبرنا بمدي ضراوة الحملة الصحفية والإعلامية علي العلاقات المصرية- السعودية.
ففي تقرير مطول لوكالة رويترز يوم 7 فبراير نقلت عن مصادر قطرية أن هناك أملًا في الملك السعودي الجديد، لأنه متعاطف مع الدينيين وسوف يعيد العلاقة بين السعودية وقطر كما كانت دون حساب لمصر، في حين نشرت الواشنطن بوست في مقال قذر جداً يوم 8 فبراير، يقول للسيسي وجوه كثيرة ظهر بها أمام العديد من القادة السياسيين في مصر، ورموز الحركات الثورية، وهو يختار الوجوه المناسبة للظهور بها أمام شاشات التليفزيون، وقد أشارت الصحفية في أحد منعطفات تقريرها إلي حادث مقتل 37 مسجوناً في عربة الترحيلات .. أما ميدل إيست آي فتقول (يوم 5 فبراير وأعيد بثها يوم 8 فبراير) أن مصر والإمارات لديهم شكوك ضد السعودية، وأن أحد الإعلاميين المصريين قال إن السعودية التي كانت حليف مصر راحت تدعم الإرهاب في المنطقة وبالذات في سوريا، أما الفاينانشيال تايمز فركزت علي التسريب المزعوم والذي تردد فيه أن مصر لن تقوم بمواءمات كبيرة كي تتحصل فلوساً من الدول العربية.
وبالإضافة إلي تلك الباقة من الرسائل الصحفية والإلكترونية المسمومة فإن بعض الصحفيين المعروفين باقترابهم من دوائر إخوانية في السعودية كتبوا ما يسئ للعلاقات مع مصر في صحف سعودية دولية، كما قام بعض الإعلاميين المصريين المعروفين بكونهم جزءًا من تجمعات يسارية ومتطرفة في اشتراكيتها بترديد ما وصف بأنه رسائل تحريضية مريرة ضد السعودية ومنها أن المصريين لا يريدوا المال الخليجي إذا كان سيقترن بتنازلات مبدأية كبيرة!
• رابعاً: التقنية السياسية التي صار الأمريكان يستخدمونها تشتمل علي الضغط بالتبادل بالوسائل المختلفة علي الدولتين، يعني- مثلاً- الضغط علي مصر باستخدام عناصر تنظيم الإخوان المسلمين، والتأكيد على اعتراف أمريكا بهم، سواء بالإعلان عن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية، أو قبول نشأة حزب جديد لهم في الولايات المتحدة ذاتها اسمه (الأمة)، أو من جانب آخر استقبال وفد من الجماعة الإرهابية يضم وليد شرابي ومني عزام وعبد الموجود البربري وغيرهم في وزارة الخارجية الأمريكية، واختراع منصة مناسبة يتم عبرها تبرير اللقاء، وهي حضور المجموعة الإخوانية مؤتمراً في المركز الدولي للإسلام والديمقراطية بواشنطن، وهو من وحدات المعهد الدولي للفكر الإسلامي الذي يديره رضوان المصمودي التونسي وثيق الصلة بحزب النهضة.
من ناحية أخري تلوح الولايات المتحدة والغرب بفزاعة التقسيم عن طريق دفع الحوثيين إلي التواجد عند البطن الرخو للجزيرة العربية في اليمن، علي حين تتساهل مع إيران في قيامها بدور إقليمي ودولي جديد طبقاً للنتائج الإفتراضية التي يمكن أن تحدث ترتيباً علي الاتفاق حول الملف النووي بين طهران ومجموعة (5+1).
وخطورة هذا الأمر هو أنه يومئ إلي استهداف السعودية- كذلك- بالتقسيم، وخاصة مع رغبة واشنطن باحلال الحوثيين مكان المتطرفين السُنة سواء كانوا القاعدة أو كانوا الوهابيين (أحد أركان الدولة السعودية) .. بالعربي هم يطرحون المتطرفين الوهابيين والقاعدة بدلاً من الأسرة الحاكمة، والحوثيين بدلاً من القاعدة والمتطرفين الوهابيين.
في ذات الوقت فإن تركيا والإخوان وإيران يدعمون عناصر الجهاد التكفيري في سيناء ويلوحون بفض علاقة شبه الجزيرة بمصر، أو في أسوأ الأحوال ضمان إحلال عناصر الطابور الخامس الموالية للأمريكيين مكان النظام الحالي في مصر أو- حتي- مكان الجهاديين.
ومن جانب ثالث تواصل الدعايات الأمريكية أيضاً- وبالتبادل- الضغط علي عوامل داخلية لإضعاف الدولتين وتطويعها، ونضرب هنا مثلاً بإثارة غضب الشباب في السعودية وبما تنبه إليه الملك سلمان مبكراً بمنح زيادات في الرواتب علها تشعر الشباب بالرضاء، أما أسباب إثارة غضب الشباب في مصر فهي متنوعة، وتبلغ الذروة في أوساط ما يسمي بروابط مشجعي نوادي كرة القدم (الأولتراس).
...............................................
وسائل الضغط الأمريكي علي مصر والسعودية كثيرة وهي تهدف إلي إضعاف كل منهما وتطويعها، ولكن أخطر ما فيها هو محاولة الدس بين البلدين وضرب تحالفهما.
ومازالت المؤامرة الأمريكية والغربية مستمرة.