الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المحافظون..حركة جديدة بمنهج قديم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت مقولة شهيرة للدكتور زكريا عزمي الرجل القوي في نظام مبارك عندما وقف في البرلمان مؤكدا أن فساد المحليات للركب، طبعا زكريا والأجهزة الرقابية أدرى بتلك المعلومة، والناس تعايشها صباح مساء، من انهيار الخدمات وتفشي الرشاوي وصعوبة الحياة اليومية.
والمحليات هى صلب الثورة الحقيقية وليس الرقص في ميادين التحرير وغيرها، وبالرغم من ذلك مازالت المحافظات البعيدة عن الأضواء تسبح في أنهار القمامة والتخلف، بينما ترتفع أرصدة المسئولين عنها في البنوك إلى أرقام فلكية، عشنا هذه المراحل وتابعنا عشرات المحافظين قلت ذلك في حينها: إن المحافظين يأتون كمكافأة نهاية خدمة سواء من الجيش أو الشرطة، وتعمد زمن مبارك أن ينتهج المحاصصة في تعيين المحافظين فصار هناك نسبة لرجال القضاء وأخرى لأساتذة الجامعات بينما يستحوذ الجيش والشرطة على أكبر جزء من كعكة المحليات.
قامت ثورة بمصر ولحقتها الثانية ومازال الوضع كما هو، أتابع منذ شهور الحركة التي أعلن عنها مؤخرا، حاولت أن أجد بين طياتها ما يبشر لأكتبه للناس باعتباري من داعمي ثورة يونية وأقول لهم ها هو الحصاد فاطمئنوا، ولكن بمراجعة الأسماء الـ 17 وجدت أنه ما أشبه الليلة بالبارحة، فقد خضع النظام الحالي للابتزاز المعتاد وصارت حركة المحافظين إن أردنا وصفها فلن نجد لها وصف إلا أنها حركة ضعيفة، نعم حركة تمت تحت طغيان وهم اسمه تمكين الشباب رأينا المعايرة بالسن دون خبرة ومعلومات عن المحافظ الفلاني أصغر من العلاني وكأن هذا أمر مميز لذاته، دون الالتفات إلى أن العمل بالمحليات كالسائر في حقل ألغام يحتاج لكل الحذر وكل الدقة.
لن أتكلم هنا عن ضرورة بناء حكم محلي حقيقي وليس إدارة محلية فهذا طموح لم تتشكل له أركان بعد، ولكن أتكلم عن الكفاءة المطلوبة لتلك المواقع الخطيرة، والتي لا تقل في أهميتها عن مواقع الحرب في سيناء، فمصالح الناس إذا تعطلت أو خضع الناس لضغوط الرشاوي، ستتحول صدورهم إلى مخازن بارود، وسيتم توجيهها إما بالانضمام للإرهاب أو التربص بميادين جديدة للاعتصام والتظاهر.
اجتهدت حكومة محلب ولكنها أخطأت، حيث كان التأجيل المتكرر لإعلان موعد الحركة إنذار شؤم على الناس بالمحافظات التي ضاقت بمحافظيها، وعنوان على بطء اتخاذ القرار وهو ما يتنافى مع طبيعة المرحلة التي تحتاج العمل ليل نهار.
ويبقى الآن الكلام عن وزارة التنمية المحلية نفسها، تلك الوزارة التي ترسخت منذ زمن، قد فشلت حتى الآن في إنتاج كادر يتولى مواقع المسئولية من بين أبنائها المخضرمين، والتوت رقبة وزيرها خارج الوزارة مع كل تغيير ليختار من بين لواءات الشرطة والجيش، وهذا ليس غريباً فالوزير ذاته لواء سابق.
وتركيزي على مسألة الرتب العسكرية ليس طعنا في أحدهم، ولكنني أشير فقط إلى موضع خلل في بنية الحكم المحلي بمصر، ابتداء من رؤساء الأحياء والقرى وصولاً لموقع المحافظ، هذه الخارطة في حاجة إلى ثورة حقيقية شاملة، في حاجة إلى ضبط وخبرات ومؤهلات حقيقية، لنبتعد عن المجاملة والفهلوة عندما يرتبط الأمر بحياة الناس اليومية، وليس أخطر من المحليات في صناعة الغضب لدى المواطنيين، ولتنهض الأجهزة الرقابية وتكشف لنا عن مدى الجرائم التي تم ارتكابها في تراخيص المباني بفعل الرشوة والالتفاف على القانون، ولتقل لنا كم التعقيدات التي واجهت مواطن بسيط يريد تركيب عداد مياه أوكهرباء.
الموضوع جد خطير لا يمكن الاستخفاف به، ولو التفتت حكومة 30 يونية لهذا الملف، وقتها سنقول أن الأمل قادم.