عندما شرفت بمقابلة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، لإجراء حوار معه لجريدة "البوابة"، تحدث معى لأول مرة عن مشروع إيجورا إيلاند الذى تنوى إسرائيل تنفيذه بالاتفاق مع حركة حماس، أضاف الرئيس أن تركيا رعت اتفاقًا بين الحركة وإسرائيل يقضى بالمضى قدمًا فى تنفيذ الاتفاق، الذى أعده مستشار الأمن القومى الإسرائيلي، اللواء متقاعد إيجورا إيلاند، ويقضى بإقامة دولة فلسطينية فى قطاع غزة، على أن يضم إليها أراضى من مدن رفح والعريش والشيخ زويد، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وتسوية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، على حساب حق الفلسطينيين فى القدس الشريف كعاصمة للدولة الفلسطينية، والتخلى عن حق العودة للاجئين، واستبدال حماس بالسلطة الفلسطينية.
كان الكلام فى وقته مستغربًا، لكن جاءت الأحداث اللاحقة، لتؤكد ما ذهب إليه الرئيس أبومازن، فقد كشفت جميع المعلومات التى أتيحت حتى الآن، بعد عمليتي كرم القواديس والكتيبة 101، عن خطة حمساوية مدعومة قطريًا وتركيًا وإسرائيليًا وأمريكيًا، تقضى بالضغط على الجيش المصرى فى منطقة شمال سيناء، تمهيدًا لانتزاع مساحة من الأرض تقدر بـ1600 كيلو متر، تفتعل بعدها حركة حماس حربًا مع إسرائيل، يقوم على أثرها الجيش الإسرائيلى باجتياح القطاع، فى الوقت الذى تقوم فيه كتائب عز الدين القسام الجناح الإرهابى لحركة حماس، بدفع الفلسطينيين لاجتياز الحاجز الحدودى متمركزين فى تلك الأراضى داخل سيناء، بعدها يبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء الى الأمم المتحدة.
لم يكن مستغربًا، إذن، أن تقوم حركة حماس بإدخال أكثر من ألفى مقاتل من مقاتلى كتائب عز الدين القسام إلى منطقة شمال سيناء، وشراء كميات كبيرة من الأسلحة من ليبيا، وتخزينها فى مخازن ومستودعات سرية فى سيناء، تمهيدًا لاستخدامها، فى المرحلة الأولى فى الهجوم على الجيش المصرى، بمشاركة أنصار بيت المقدس، وفى المرحلة الثانية بحماية وتثبيت الواقع الجديد على الأرض.
وجاءت إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته، التى أعقبت الهجمات الأخيرة على سيناء، لتؤكد وعى القيادة السياسية وإدراكها الكامل لتلك المخططات الشيطانية، كان الرئيس حاسمًا عندما أكد أن مصر لن تتخلى عن سيناء، وأن الموت أشرف للقوات المسلحة من الإقدام على التخلى عن شبر واحد من أرضنا، سيناء لنا وسوف نقوم بتنميتها وتنظيفها من الإرهاب.
لم يقف الرئيس فى كلمته عند هذا الحد، وإنما قام باستصدار أمر بتوحيد منطقة شرق القناة بالكامل تحت قيادة واحدة ممثلة فى الفريق أسامة عسكر، تكون وظيفتها محاربة الإرهاب والتنمية.
لقد فضح أبو مازن التنظيم الدولى للإخوان عندما أكد، أن هذا المشروع سبق أن تبناه الرئيس المعزول محمد مرسى العياط عقب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة عام 2012، مقدمًا سيناء للأمريكان والإسرائيليين على طبق من ذهب.
الغريب أن الرئيس الأمريكى «أوباما» ظل يحلم بتنفيذ ذلك المشروع، حتى جاءت ثورة 30 يونيو لتنسف آمال وأحلام أوباما ونتنياهو ومرسى العياط وخالد مشعل، وكل الخونة الذين تربصوا شرًا لهذا البلد الأمين.
رأس الأفعى
لم تتوقف رأس الأفعى «حماس» عن السعي، خاصة بعدما تمت الإطاحة بتنظيمهم الأم من السلطة فى مصر، فسرعان ما تفتق ذهن قادة الحركة، عن مخطط شيطاني، يقضى باستغلال وجود عناصر إرهابية فى سيناء، تمت زراعتها فى عهد مرسي، وبدأوا فى توحيد كل تلك القوى تحت راية كتائب عز الدين القسام، الجناح الإرهابى للحركة، وذلك لتوجيه ضربات مؤلمة للجيش المصري، خاصة تلك الوحدات الموجودة فى المنطقة المراد نزعها لصالح فكرة التوطين، فى محاولة يائسة لطرد الجيش المصرى من تلك المنطقة وضمها مستقبلا، بعد الاجتياح المصطنع أو المتفق عليه بين إسرائيل وحماس، إلى قطاع غزة وإقامة الدولة المنشودة، وإنهاء الصراع العربى الصهيونى على أرضية الخسة والخيانة، مقابل استبدال حماس بالسلطة الفلسطينية.
لقد هدفت إسرائيل من وراء هذا المشروع، مشروع إيجورا إيلاند، إلي حل المشكلة الديموجرافية، حيث التزايد المطرد لعدد السكان الفلسطينيين، يهدد وجود إسرائيل ذاتها فى المستقبل، وهو ما تسعى الدولة الصهيونية لتداركه، إما باعتماد هذا المشروع، أو اعتماد يهودية الدولة.
لذلك كله باتت المهمة الرئيسية للفريق أسامة عسكر كبيرة للغاية، وتتمثل فى غلق صنبور الدعم اللوجستى المقدم من حركة حماس، وجناحها الإرهابى المسمى كتائب عز الدين القسام، خاصة العتاد والسلاح والأموال، ووقف تدفق المتسللين المجندين من قبل تنظيم أنصار بيت المقدس والمبعوثين من قبل تنظيم داعش إلى سيناء.
نعلم أنها مهمة ليست بسيطة، فتنظيم داعش يرسل مقاتليه عبر تركيا، التى تقوم عن طريق أجهزة مخابراتها بتسهيل دخولهم للأراضى المصرية عبر تأشيرات سياحية أو بغرض الدراسة، وفور هبوطهم فى مطارات شرم الشيخ أو القاهرة، تتلقفهم أذرع التنظيم الإخوانى الإرهابى والمتعاطفون معهم، ويقومون بإرسالهم إلى منطقة شمال سيناء عبر دروب مختارة بعناية، يعرفها التنظيم جيدًا.
لقد استطاع الفريق أسامة عسكر، عبر مدة وجيزة، أثناء قيادته للجيش الثالث الميداني، تحقيق نجاحات غير مسبوقة، تمثلت فى إغلاق وسط سيناء أمام العناصر الإرهابية، ومنعها من الوصول إلى الجنوب وضرب السياحة، بالإضافة إلى تعاونه مع بدو جنوب ووسط سيناء، فى تنمية تلك المنطقة والارتقاء بمستوى المعيشة، الأمر الذى منحه القدرة على فرض سيطرة القوات المسلحة على تلك المنطقة بالكامل، وهى التجربة التى تأمل القيادة السياسية والمصريون، أن ينقلها الفريق عسكر إلى منطقة شمال سيناء.
ولكن يظل هناك من الإجراءات والحلول التى باتت عاجلة، فى ظل الأوضاع الحالية، الأمر الذى يساهم فى ردع الإرهاب ومخططاته ومنها:
أولًا: سرعة استصدار قانون مكافحة الإرهاب، حتى يتسنى معالجة جميع الثغرات الأمنية والقانونية، التى يستغلها الإرهابيون وأعوانهم فى النيل من الدولة المصرية.
ثانيًا: إنشاء محاكم أمن دولة طوارئ، تعالج جميع الخلل فى التشريعات التى تواجه الإرهاب.
ثالثًا: تطبيق عدد من الإجراءات الأمنية والاستخباراتية المهمة والعاجلة:
1- محاصرة تنظيم بيت المقدس وقطع شرايين اتصالاته.
2 - التشديد على المطارات وعدم السماح بتسلل العناصر الإرهابية وخاصة القادمة من تركيا وتونس ودول الشمال الإفريقى والسودان.
3- دراسة الواقع السورى والعراقى، وكيفية عمل التنظيمات هناك وخاصة داعش والنصرة، والتدريب على التصدى لذلك النوع من العمليات.
4- إقامة علاقات جيدة مع قبائل سيناء، وحثهم على التعاون مع الجيش وتقديم الدعم لهم وحمايتهم من العناصر الإرهابية.
5- سرعة فك شفرات الأجهزة اللاسلكية للتنظيمات الإرهابية واختراقها.
6- سرعة وتكثيف استخدام تقنية الطائرات بدون طيار فى سماء سيناء واستخدام الوسائل الحديثة للتنصت والمراقبة.
7- سرعة رد الفعل على الهجمات والتدريب على الجاهزية والاستعداد.
8- الاستفادة من الخبرات العراقية والكردية والأفغانية، فى محاولة صد الهجمات الانتحارية، ودراسة تلك الهجمات من خلال الواقع السورى والعراقى.
9- إفشال محاولات التنظيم، خلق حاضنة شعبية له فى الوسط السيناوى.
10- التكثيف الإعلامى والتحذير من مخاطر استمرار التنظيم على الأراضى السيناوية، وقيامه بعمليات إعدام لأبناء القبائل المختلفين معه.