السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تحديات الأمن القومي المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تثير أحداث سيناء المتتابعة من جديد الأهمية القصوى لمناقشة وتحليل مفهوم وأبعاد الأمن القومي المصري، وتحديد التحديات الجسيمة التي تواجهه في الحقبة الأخيرة.
ويمكن القول إنه من الناحية النظرية هناك تعريفات متعددة للأمن القومي، بحسب المدارس العلمية المختلفة التي درسته بعمق.
غير أنه يمكن القول إنه ظهر في السبعينيات –بالإضافة للمفهوم التقليدي للأمن القومي الذي كان يركز علي الموقع الجغرافي للدولة وقوتها العسكرية وتوازن القوى بينها وبين الدول التي تمثل تهديدًا لها- مدرسة حديثة تعتمد في تعريفها على الأمن القومي على البعد الاقتصادي والتنموي في تعريف الأمن، وتُظهر أهمية التهديدات الداخلية كتحديات مؤثرة فيه.
والواقع أن الأمن القومي له أبعاد متعددة. أول هذه الأبعاد هو البعد العسكري، الذي يتعلق بالقدرة العسكرية للدولة ومدى استعداد قواتها للدفاع عن أرض الوطن. وثاني هذه الأبعاد هو البعد الاقتصادي، الذي يتمثل في قدرة الدولة على إشباع الحاجات الأساسية للمواطنين. وثالث هذه الأبعاد هو البعد السياسي، الذي يركز على السياسة الداخلية والخارجية والتوجهات الإيديولوجية للدولة وتماسكها الداخلي، والبعد الأخير يعنى بالحقبة الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع ودرجة التجانس الاجتماعي بين الطوائف المختلفة.
في ضوء هذه الأبعاد يمكن لنا أن نناقش تحديات الأمن القومي في سيناء؛ باعتبارها تثير كل الأبعاد السابقة بلا استثناء، فالبعد العسكري يتمثل في أن سيناء تتماس تماسًّا مباشرًا مع الحدود الإسرائيلية. وبالرغم من أن هناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، فإن إسرائيل ما زالت في العقيدة العسكرية المصرية تمثل العدو الأول لمصر. وفي هذا السياق هناك مشكلات تتعلق بتحديد حجم ونوعية التسليح للقوات المسلحة المصرية في سيناء التي قسمتها المعاهدة إلي ثلاث مناطق: أ، ب، ج. ومعنى ذلك أن هناك، عمليًّا، انتقاصًا من القدرة المصرية على التصدي العسكري الفعال إزاء أي هجوم إسرائيلي.
أما البعد الاقتصادي، الذي يتمثل في قدرة الدولة على إشباع الحاجات الأساسية للمواطنين، فيثير عجز الحكومات المصرية المتعاقبة عن وضع خطة متكاملة لتنمية سيناء، ومعنى ذلك تهميشها؛ مما أثر على نوعية حياة المواطنين المصريين من بدو سيناء. أما البعد الاجتماعي، الذي يعني بدرجة التجانس الاجتماعي بين الطوائف المختلفة، فيبدو في أن هناك علامات تدل على أن بدو سيناء -سواء فى الإعلام أو بالنظر للسياسات الحكومية- لم يوضعوا في الاعتبار، باعتبارهم سيكونون عنصرًا أساسيًّا من البنية الاجتماعية المصرية.
وليس هناك خلاف على أن بدو سيناء قاموا بأدوار بطولية لمساعدة القوات المسلحة بعد هزيمة يونيو 1967، وكانوا أحد العناصر الفاعلة أثناء حرب الاستنزاف التي كانت المقدمة الضرورية لحرب أكتوبر 1973.
من هنا ينبغي الحذر في الحديث عن مشكلات الأمن القومي في سيناء، من إثارة تساؤلات غير مشروعة عن حقيقة الانتماء الوطني لبدو سيناء للهوية المصرية.
كما أنه ينبغي رسم خريطة معرفية متكاملة للتيارات الدينية المتطرفة في سيناء، والتي تقوم بالإرهاب، سواء ضد القوات المسلحة المصرية، كما حدث في حادث رفح، أو ضد أهالي سيناء أنفسهم؛ حتى نستطيع فرز التيارات الدينية الإرهابية ومواجهتها، ليس بالأمن فقط ولكن بالمواجهة الدينية البصيرة والتوعية الثقافية الفعالة.
تطهير سيناء من كل نزعات وفرق الإرهاب أصبحت المهمة الأولى للقائمين على حراسة الأمن القومي المصري.