ماذا حدث للمصريين؟!.. سؤالٌ تطرحه ذكرى الاحتفاء بثورة 25 يناير وما قبلها وما بعدها.. سؤالٌ يُدمي القلوب .. سؤالٌ يجعل العيون تلمع بالدموع المحبوسة داخلها دون أن تجد لها مجرى لكي تُذرف على الخدود .. سؤالٌ يُحير العقول ويُربك كلَ ذي فكر .. سؤالٌ يعكس حالة غير مسبوقة نراها في كل ما يحدث من أفعال وتصرفات من النُخبة والعامة .. من النظام والشعب.
ولا يمثل طرح هذا السؤال إدانة لأحد بل هو إدانة لنا جميعا.. وليعلم كل من يوجه إصبع الاتهام لأي طرف أن باقي أصابعه تشير إليه كمتهم محتمل.. إن أصابع الاتهام تشير إلى الجميع، ولا أستثني منا أحدا.
إن مقتل الشهيدة شيماء الصباغ هو إدانة لنا جميعا، فذلك الحزب الذي دعا لتنظيم هذه التظاهرة الهزيلة والهزلية في آنٍ واحد لماذا لم يُخطر الشرطة بتنظيمها لكي يتم تأمينها، وتكون الشرطة على علمٍ بها بدلاً من تعريض حياة المتظاهرين السلميين للخطر؟. ومن جهة أخرى، لماذا يعكس التعامل الأمني للشرطة مفهوم "العصا الغليظة" بدلاً من أن يقدم برُقي وتحضُر مفهوم "الحس الأمني" وخاصةً في التعامل مع شعب عظيم قام بثورتيْن وأسقط نظاميْن، ولم تُرهبه لا العصا الغليظة ولا قنابل الغاز ولا الرصاص الحي؟. وأين مهنية الشرطة التي صدعوا رءوسنا بها وأين التجهيزات التي تم تزويدها بها؟ هل كان مع الشرطة نظارة واحدة مُعَظَمة لكي يرى الضابط المسؤول أن شيماء ورُفْقتها يحملون الورود وليس زجاجات المولوتوف؟، وإذا لم يكن ذلك متوافرا، فلماذا لم يُرسل الضابط المختص عنصرا أمنيا لكي يأتي له ببيانات تفصيلية عن طبيعة التظاهرة ومنظميها وهل هى سلمية أم لا؟، ولماذا لم يتم إطلاق التحذيرات بشكل تصاعدي لفض التظاهرة بدلاً من التعامل بمفهوم "العصا الغليظة" التي لم تعد تُخيف أحدا؟ ولماذا تنفي الشرطة وعلى لسان وزير الداخلية أنها المسئولة عن الحادث قبل التحقيق فيه من قبل جهة مستقلة؟ ولماذا يتم إلقاء التُهم جُزافا بأسلوب "التلفيق بدلاً من التحقيق" تارةً على الإخوان والعناصر المندسة، وتارةً أخرى على أحد زملاء شيماء المتواجدين في التظاهرة بشكلٍ يثير السخرية؟.
وهل من المواءمات الأمنية أن تسقط شهيدة تحمل ورودا في ذكرى الثورة عشيةَ الاحتفال بالذكرى بحُجَة أن التجمعات والتظاهرات سوف تَضُر بالمؤتمر الاقتصادي المُزمَع عقدُه في شرم الشيخ؟ وكيف سنُسوِق للعالم المشروعات التي نقوم بإعدادها ونحن نسمح بتجاوزات تؤدي إلى سقوط شابة في ربيع العمر كل ذنبها أنها تحمل ورودا احتفاءً بذكرى ثورة شاركت فيها، وتُحيي ذكرى شهداءٍ سقطوا إلى جانبها وهى تهتف مطالبةً بقيم الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لها ولكل المصريين في ميدان التحرير؟، كيف سنُسوِق للعالم المشروعات وسط ضجيج طلقات الخرطوش وعَتْمة قنابل الغاز الخانقة؟ كيف سنُسوِق للعالم المشروعات بعد سقوط عشرات القتلى والمصابين في الذكرى الرابعة لثورة يناير، وعدم تقديم أي متهم عن حوادث القتل إلى النيابة العامة؟ كيف نُسوِق للعالم المشروعات بعد تقرير الاتحاد الأوروبي عن الأحداث التي جرت في ذكرى الثورة؟، ألم يقل أحد لأصحاب "العِصِي الغليظة" أن قاعدةً بسيطة تحكم الأمور وتُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح: "الاستقرار قبل الاستثمار"؟، ألم يقل لهم الرئيس أن هناك تجاوزاتٍ وقعت، ويجب التعامل مع هذه التجاوزات بالقانون؟.
وإذا عدنا إلى المشهد الدامي لشيماء الصباغ، نقول أين شهامة المصريين؟، وما كل هذا التبلد الذي أصاب كل من أحاطوا بشيماء بعد إصابتها؟، إن هناك من كان يمشي إلى جوارها من كبار السن وهى مصابة، ولم يكلف نفسه الوقوف لاستطلاع الأمر أو تقديم يد المساعدة، وهو منها بمثابة الأب أو الجد أو الأخ الأكبر، إن البعض الذين كان يجلسون على المقهى الذي أُخذت إليه شيماء لم يتحركوا من كراسيهم لإحضار طبيب أو استدعاء الإسعاف. إن الشرطة لم يكن يهمها سوى تفريق المظاهرة دون أن تتعامل مع عواقب هذا التفريق بالقوة، إن بعض النشطاء لم يكن لهم همٌ سوى التقاط الصور ولقطات الفيديو لشيماء وهى تلفِظ أنفاسها الأخيرة بدلاً من محاولة إنقاذ زميلتهم. لقد كان المشهد عبثيا، بل إننا وصلنا إلى مرحلة ما وراء العبث.
أين شهامة المصريين التي كنا نراها في أولاد البلد والتي جسدتها لنا خير تجسيد الأفلام القديمة الأبيض والأسود؟ هل الأبيض والأسود من الماضي البعيد؟ أم هل أصاب الإلزهايمر الذاكرة المصرية فأصبحت ذاكرةً مثقوبة ومعطوبة لا تتذكر ذلك؟ أم هل اختفى الأبيض من ذاكرة الأبيض والأسود ليظل الأسود فقط مسيطراً على الصورة وجاثماً على عقول وقلوب المصريين في وقت معاً؟. أين شهامة الشرطي المصري التي جسدتها الأفلام القديمة: مشهد الضابط (يوسف وهبي) الذي يبحث عن مواطن وسط عاصمة بها طوفان من البشر؛ لينقذه من الموت لخطأ في تركيبة أعدها أحد الصيادلة، مشهد الضابط (زين العشماوي) وهو يفتح لإبن لقيط أبواب الأمل ويقدم له مبلغا من المال يساعده على أن يبدأ حياته؟.
هل اعتاد المصريون لونَ الدم؟ هل أصبح القتل والقتلى والشهداء والاغتيالات والعمليات الانتحارية جزءا من الثقافة اليومية للمصريين؟ هل استبدلنا لونَ أرض مصر الطيبة الخضراء بلون الدم الذي كنا نكرهه ونأنف منه؟ من أين اصابتنا هذه الغِلْظَة في التعامل مع الدماء التي تُراق على الأسفلت في الشوارع والميادين وأكمنة الشرطة والجيش؟ هل أصبح كلٌ منا يهتم بشأنه الخاص ولايعنيه شأن المصريين؟ هل ماتت القلوب والضمائر أم هل تخلينا عن إنسانيتنا التي ميزنا اللهُ بها عن سائر خلقه؟.
لقد صدقت الشهيدة شيماء الصباغ حينما قالت: مصر بقت بتوجع.
ولا يمثل طرح هذا السؤال إدانة لأحد بل هو إدانة لنا جميعا.. وليعلم كل من يوجه إصبع الاتهام لأي طرف أن باقي أصابعه تشير إليه كمتهم محتمل.. إن أصابع الاتهام تشير إلى الجميع، ولا أستثني منا أحدا.
إن مقتل الشهيدة شيماء الصباغ هو إدانة لنا جميعا، فذلك الحزب الذي دعا لتنظيم هذه التظاهرة الهزيلة والهزلية في آنٍ واحد لماذا لم يُخطر الشرطة بتنظيمها لكي يتم تأمينها، وتكون الشرطة على علمٍ بها بدلاً من تعريض حياة المتظاهرين السلميين للخطر؟. ومن جهة أخرى، لماذا يعكس التعامل الأمني للشرطة مفهوم "العصا الغليظة" بدلاً من أن يقدم برُقي وتحضُر مفهوم "الحس الأمني" وخاصةً في التعامل مع شعب عظيم قام بثورتيْن وأسقط نظاميْن، ولم تُرهبه لا العصا الغليظة ولا قنابل الغاز ولا الرصاص الحي؟. وأين مهنية الشرطة التي صدعوا رءوسنا بها وأين التجهيزات التي تم تزويدها بها؟ هل كان مع الشرطة نظارة واحدة مُعَظَمة لكي يرى الضابط المسؤول أن شيماء ورُفْقتها يحملون الورود وليس زجاجات المولوتوف؟، وإذا لم يكن ذلك متوافرا، فلماذا لم يُرسل الضابط المختص عنصرا أمنيا لكي يأتي له ببيانات تفصيلية عن طبيعة التظاهرة ومنظميها وهل هى سلمية أم لا؟، ولماذا لم يتم إطلاق التحذيرات بشكل تصاعدي لفض التظاهرة بدلاً من التعامل بمفهوم "العصا الغليظة" التي لم تعد تُخيف أحدا؟ ولماذا تنفي الشرطة وعلى لسان وزير الداخلية أنها المسئولة عن الحادث قبل التحقيق فيه من قبل جهة مستقلة؟ ولماذا يتم إلقاء التُهم جُزافا بأسلوب "التلفيق بدلاً من التحقيق" تارةً على الإخوان والعناصر المندسة، وتارةً أخرى على أحد زملاء شيماء المتواجدين في التظاهرة بشكلٍ يثير السخرية؟.
وهل من المواءمات الأمنية أن تسقط شهيدة تحمل ورودا في ذكرى الثورة عشيةَ الاحتفال بالذكرى بحُجَة أن التجمعات والتظاهرات سوف تَضُر بالمؤتمر الاقتصادي المُزمَع عقدُه في شرم الشيخ؟ وكيف سنُسوِق للعالم المشروعات التي نقوم بإعدادها ونحن نسمح بتجاوزات تؤدي إلى سقوط شابة في ربيع العمر كل ذنبها أنها تحمل ورودا احتفاءً بذكرى ثورة شاركت فيها، وتُحيي ذكرى شهداءٍ سقطوا إلى جانبها وهى تهتف مطالبةً بقيم الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لها ولكل المصريين في ميدان التحرير؟، كيف سنُسوِق للعالم المشروعات وسط ضجيج طلقات الخرطوش وعَتْمة قنابل الغاز الخانقة؟ كيف سنُسوِق للعالم المشروعات بعد سقوط عشرات القتلى والمصابين في الذكرى الرابعة لثورة يناير، وعدم تقديم أي متهم عن حوادث القتل إلى النيابة العامة؟ كيف نُسوِق للعالم المشروعات بعد تقرير الاتحاد الأوروبي عن الأحداث التي جرت في ذكرى الثورة؟، ألم يقل أحد لأصحاب "العِصِي الغليظة" أن قاعدةً بسيطة تحكم الأمور وتُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح: "الاستقرار قبل الاستثمار"؟، ألم يقل لهم الرئيس أن هناك تجاوزاتٍ وقعت، ويجب التعامل مع هذه التجاوزات بالقانون؟.
وإذا عدنا إلى المشهد الدامي لشيماء الصباغ، نقول أين شهامة المصريين؟، وما كل هذا التبلد الذي أصاب كل من أحاطوا بشيماء بعد إصابتها؟، إن هناك من كان يمشي إلى جوارها من كبار السن وهى مصابة، ولم يكلف نفسه الوقوف لاستطلاع الأمر أو تقديم يد المساعدة، وهو منها بمثابة الأب أو الجد أو الأخ الأكبر، إن البعض الذين كان يجلسون على المقهى الذي أُخذت إليه شيماء لم يتحركوا من كراسيهم لإحضار طبيب أو استدعاء الإسعاف. إن الشرطة لم يكن يهمها سوى تفريق المظاهرة دون أن تتعامل مع عواقب هذا التفريق بالقوة، إن بعض النشطاء لم يكن لهم همٌ سوى التقاط الصور ولقطات الفيديو لشيماء وهى تلفِظ أنفاسها الأخيرة بدلاً من محاولة إنقاذ زميلتهم. لقد كان المشهد عبثيا، بل إننا وصلنا إلى مرحلة ما وراء العبث.
أين شهامة المصريين التي كنا نراها في أولاد البلد والتي جسدتها لنا خير تجسيد الأفلام القديمة الأبيض والأسود؟ هل الأبيض والأسود من الماضي البعيد؟ أم هل أصاب الإلزهايمر الذاكرة المصرية فأصبحت ذاكرةً مثقوبة ومعطوبة لا تتذكر ذلك؟ أم هل اختفى الأبيض من ذاكرة الأبيض والأسود ليظل الأسود فقط مسيطراً على الصورة وجاثماً على عقول وقلوب المصريين في وقت معاً؟. أين شهامة الشرطي المصري التي جسدتها الأفلام القديمة: مشهد الضابط (يوسف وهبي) الذي يبحث عن مواطن وسط عاصمة بها طوفان من البشر؛ لينقذه من الموت لخطأ في تركيبة أعدها أحد الصيادلة، مشهد الضابط (زين العشماوي) وهو يفتح لإبن لقيط أبواب الأمل ويقدم له مبلغا من المال يساعده على أن يبدأ حياته؟.
هل اعتاد المصريون لونَ الدم؟ هل أصبح القتل والقتلى والشهداء والاغتيالات والعمليات الانتحارية جزءا من الثقافة اليومية للمصريين؟ هل استبدلنا لونَ أرض مصر الطيبة الخضراء بلون الدم الذي كنا نكرهه ونأنف منه؟ من أين اصابتنا هذه الغِلْظَة في التعامل مع الدماء التي تُراق على الأسفلت في الشوارع والميادين وأكمنة الشرطة والجيش؟ هل أصبح كلٌ منا يهتم بشأنه الخاص ولايعنيه شأن المصريين؟ هل ماتت القلوب والضمائر أم هل تخلينا عن إنسانيتنا التي ميزنا اللهُ بها عن سائر خلقه؟.
لقد صدقت الشهيدة شيماء الصباغ حينما قالت: مصر بقت بتوجع.