الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

أمراء على طريق السلاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرة هي النصوص التي بررت الجماعات الإسلامية من خلالها استخدام العنف، ولم تكن هذه النصوص مقتصرة على ما جاء في آيات صريحة أو أحاديث نبوية حضت على هذا العنف، وإنما كانت هناك استشهادات كثيرة من أقوال العلماء، التي أجازت الخروج على الحاكم، وكانت علامة لهذه الجماعات على الطريق، وكانت بمثابة الحافز والدافع لاستخدام العنف، ومنها على سبيل المثال فتوى شيخ الإسلام، «ابن تيمية» الشهيرة: «أي من طائفة امتنعت عن تطبيق شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة والمتواترة قوتلت عليها، والقتال لمجرد المنع لا على جحد الوجود» ، وتفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون ﴾ .
فلم تفرق هذه الجماعات بين هذا الحكم الإلهي الذي لا ينكره مسلم، وبين الفتوى في تكفير الحاكم «المعيّن»، وهي مهمةُ إما عالم مطاع أو أمير ممكن، فخلطت بين الحكم والفتوى، وقامت بتكفير كل حاكم لم يحكم بما أنزل الله، أو حال بين الدعوة والناس، رغم أن العلماء اجتهدوا في القول بعدم جواز الخروج على الحاكم المعين بكفره من قبل العلماء الثقات إذا كان هذا الخروج سوف يسبب مفسدة للأمة.
فتعيين الكفر يحتاج لفتوى، وإذا وجدت الفتوى فإن الخروج عليه يحتاج لفتوى أخرى، ومن الجماعات الإسلامية من رفعت «لا عذر بالجهل» شعارًا لها في وصف الذين يأتون أعمالاً كفرية؛ وبالتالي فهم في حكم الكفار، بل هناك من ذهب إلى تكفير من لا يكفِّر الكافر؛ فكان ذلك مبررًا لتكفير المجتمع كله، وهناك من اقتصر تكفيره على الحاكم فقط ولم يتطرق لتكفير المجتمع.
الإخلاص للفكرة أبرز ما ميّز هذه الجماعات في الماضي، حتى وهي تستخدم العنف، فكم من مخلصين أضروا بالأمة، وشوهوا صورتها، وكانوا سفراء سوء؛ لأنهم تحركوا بهذا الدافع دون غيره للتغيير دون وعي أو إدراك، أو حتى فهم لمعطيات الواقع، فكانوا أبعد ما يكون عن الوسطية.
فالخوارج هم عبّاد الله على الأرض، كان الواحد منهم يصلي الليل كله بركعتين يقرأ فيهما القرآن بأكمله، فلم تُغن هذه العبادة ولا هذا الإخلاص عنه شيئًا، وعلى الرغم من ذلك نظل نصفهم بالخوارج، فإخلاصهم لم يكن كافيًا، فالفهم قبل الإخلاص دائمًا، والعلم قبل العمل غالبًا، فإذا كان الله يحاسب الناس على نواياهم، فالمجتمع يحاسب الناس على أفعالهم لا نواياهم.