بتحريض من الأصدقاء عكفت أكتب عن المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي انطلقت بمصر في السنوات الثمانية بعد العام 2000، وتوقفت كتابتي عند مظاهرات عمال المحلة في 6 أبريل 2008، تلك المظاهرات التي أسقطت بوضوح رمز مبارك ومزقت صورته، ثم سرق عدد من الشباب محترف البيزنس الثوري ذلك التاريخ ليبيعه لممولي الدنيا.
فور انتهائي من الكتابة أصبح لدي كتاب مرجعي يؤسس ويؤرخ لأبطال التظاهر الحقيقيين الذين مهدوا الطريق لـ 25 يناير 2011، لم يكن الخروج للشارع في زمن مبارك مجرد نزهة أو موعد مجاني للقاء الأصدقاء ولكنه كان مغامرة كبرى يعود فيها من تبقى من المظاهرة إما مسحولًا ممزق الملابس أو مبطوحًا، بينما يضم معسكر الأمن المركزي بالدراسة بقية المتظاهرين.
وكلما تحينت الفرصة لطباعة الكتاب أتراجع عندما أجد سيلًا من الكتب موحدة العناوين والمضمون تحكي عن يناير وشبابها "الأطهار" وكأن الدنيا بدأت وانتهت عصر ذلك اليوم، فالحقائق دائمًا موجعة، فعندما تشير وترصد لدور محوري قامت به حركة كفاية كرأس رمح كاسر للصمت يهيج عليك المستثورين بصوتهم البغيض لينسجوا أساطير "فيسبوكهم" وأنهم بكل فخر كتبوا البوست الفلاني فتفجرت أحداث يناير، أو يخرج عليك محدثو الشوارع بأن زعيمهم الملهم قد غرّد على "تويتر" فاستيقظت ضمائر الناس وشف وجدانهم، فخرجوا بالملايين تحت قيادته ليدهسوا مبارك ويسقطوا نظامه.
هذه الترهات كانت أول إسفين تم دقه بين 25 يناير - ذلك الحدث الجلل - وبين المخلصين في هذا الوطن، فأغلق من لا يعرفون التجارة أبوابهم على أنفسهم إنقاذًا لكرامتهم من مزايدات فتيان الفضائيات، بينما كفر البعض الآخر بيناير التي تمادت في غيها بعد امتطاء الإخوان لها وراحت تسعى بكل جد لتسقط الدولة بدلًا عن إسقاط النظام.
ولعل الشرخ الأعظم في مسيرة سنوات ما بعد يناير هو ما حدث بعد 30 يونيو وتحديد الخنادق، وانقسام مصر ما بين إخوان ومصريين، هنا انكشف المستور وراح البعض يمارس الاغتيال المعنوي بشكل علني لرموز كبرى مهدت ليناير، وسأكتفي هنا برصد أسماء مشهود لها أعتبرهم من الآباء المؤسسين لثقافة التظاهر بمصر في السنوات العشر الأخيرة لمبارك، ومنهم القائد كمال أبو عيطة والذي لم نكن نطمئن لمظاهرة إلا لو كان هو على رأسها، فبمجرد قبوله موقع وزاري راحت السكاكين الخبيثة تقطع أوصاله أينما اتجه، فهل هكذا تبني الثورات مداميكها؟.
أما عن التنظيمات والأحزاب فقد أكد حزب التجمع بمفرده في سنوات التمهيد ليناير أن تراكمية العمل هي الطريق للانفجار الذي لا يعلم أحد موعده وراح بكل دأب وإصرار ينحت في صخر الشارع بكوادره وإمكانياته وأفكاره ولا ينكر هذا التاريخ إلا غبي، وهنا أحكي عن وقائع متتالية سريعة حدثت على الأرض ولا أكتب كلامًا عاطفيًا، فهل ينكر واحد من زعماء الراديكاليين اليساريين هتافه في مظاهرة أمام مجلس الشعب احتجاجًا على رفع الأسعار عندما صرخ فشق صمت شارع قصر العيني "عاش نضال حزب التجمع"، لا أعتقد أنه ينكر هذا، خاصة بعد أن طالته شتائم تلامذته الصغار.
إذن ما الذي تغير؟ ولماذا أعيت الحماقة من يداويها؟ ولماذا اتجه بعض أبناء خندقك للدفاع عن الفاشية الدينية تحت زعم الديمقراطية؟ وكيف اختلطت الأوراق؟ أسئلة شائكة غير بريئة قد تجيب عنها تحقيقات النيابات وقد تجتمع الحقائق كقطعة موزاييك إذا كتب كل واحد منا ما عنده دون خضوع لابتزاز أو خوف من صرخات في الفضائيات أو بوستات على الفيس أو تغريدة مسمومة.
سأنتظر حتى تنتهي فقاعات الصابون من لغوها عن يناير، وقتها سيكون كتابي مطبوعًا بين أياديكم، لأعود إلى منزلي وأنا مرتاح الضمير.
فور انتهائي من الكتابة أصبح لدي كتاب مرجعي يؤسس ويؤرخ لأبطال التظاهر الحقيقيين الذين مهدوا الطريق لـ 25 يناير 2011، لم يكن الخروج للشارع في زمن مبارك مجرد نزهة أو موعد مجاني للقاء الأصدقاء ولكنه كان مغامرة كبرى يعود فيها من تبقى من المظاهرة إما مسحولًا ممزق الملابس أو مبطوحًا، بينما يضم معسكر الأمن المركزي بالدراسة بقية المتظاهرين.
وكلما تحينت الفرصة لطباعة الكتاب أتراجع عندما أجد سيلًا من الكتب موحدة العناوين والمضمون تحكي عن يناير وشبابها "الأطهار" وكأن الدنيا بدأت وانتهت عصر ذلك اليوم، فالحقائق دائمًا موجعة، فعندما تشير وترصد لدور محوري قامت به حركة كفاية كرأس رمح كاسر للصمت يهيج عليك المستثورين بصوتهم البغيض لينسجوا أساطير "فيسبوكهم" وأنهم بكل فخر كتبوا البوست الفلاني فتفجرت أحداث يناير، أو يخرج عليك محدثو الشوارع بأن زعيمهم الملهم قد غرّد على "تويتر" فاستيقظت ضمائر الناس وشف وجدانهم، فخرجوا بالملايين تحت قيادته ليدهسوا مبارك ويسقطوا نظامه.
هذه الترهات كانت أول إسفين تم دقه بين 25 يناير - ذلك الحدث الجلل - وبين المخلصين في هذا الوطن، فأغلق من لا يعرفون التجارة أبوابهم على أنفسهم إنقاذًا لكرامتهم من مزايدات فتيان الفضائيات، بينما كفر البعض الآخر بيناير التي تمادت في غيها بعد امتطاء الإخوان لها وراحت تسعى بكل جد لتسقط الدولة بدلًا عن إسقاط النظام.
ولعل الشرخ الأعظم في مسيرة سنوات ما بعد يناير هو ما حدث بعد 30 يونيو وتحديد الخنادق، وانقسام مصر ما بين إخوان ومصريين، هنا انكشف المستور وراح البعض يمارس الاغتيال المعنوي بشكل علني لرموز كبرى مهدت ليناير، وسأكتفي هنا برصد أسماء مشهود لها أعتبرهم من الآباء المؤسسين لثقافة التظاهر بمصر في السنوات العشر الأخيرة لمبارك، ومنهم القائد كمال أبو عيطة والذي لم نكن نطمئن لمظاهرة إلا لو كان هو على رأسها، فبمجرد قبوله موقع وزاري راحت السكاكين الخبيثة تقطع أوصاله أينما اتجه، فهل هكذا تبني الثورات مداميكها؟.
أما عن التنظيمات والأحزاب فقد أكد حزب التجمع بمفرده في سنوات التمهيد ليناير أن تراكمية العمل هي الطريق للانفجار الذي لا يعلم أحد موعده وراح بكل دأب وإصرار ينحت في صخر الشارع بكوادره وإمكانياته وأفكاره ولا ينكر هذا التاريخ إلا غبي، وهنا أحكي عن وقائع متتالية سريعة حدثت على الأرض ولا أكتب كلامًا عاطفيًا، فهل ينكر واحد من زعماء الراديكاليين اليساريين هتافه في مظاهرة أمام مجلس الشعب احتجاجًا على رفع الأسعار عندما صرخ فشق صمت شارع قصر العيني "عاش نضال حزب التجمع"، لا أعتقد أنه ينكر هذا، خاصة بعد أن طالته شتائم تلامذته الصغار.
إذن ما الذي تغير؟ ولماذا أعيت الحماقة من يداويها؟ ولماذا اتجه بعض أبناء خندقك للدفاع عن الفاشية الدينية تحت زعم الديمقراطية؟ وكيف اختلطت الأوراق؟ أسئلة شائكة غير بريئة قد تجيب عنها تحقيقات النيابات وقد تجتمع الحقائق كقطعة موزاييك إذا كتب كل واحد منا ما عنده دون خضوع لابتزاز أو خوف من صرخات في الفضائيات أو بوستات على الفيس أو تغريدة مسمومة.
سأنتظر حتى تنتهي فقاعات الصابون من لغوها عن يناير، وقتها سيكون كتابي مطبوعًا بين أياديكم، لأعود إلى منزلي وأنا مرتاح الضمير.