الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

هل أخرجت الثورة أسوأ ما فينا ؟!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

- الثورات تأتي لتخرج أفضل ما في الناس.. ولكن ذلك لم يحدث لدينا إلا في بدايتها فقط..
- تبدأ الثورات عادة بأصحاب الضمائر النقية والقلوب المخلصة، ثم يغزوها بعد ذلك أهل النفاق وأصحاب المصالح.. تبدأ بالمخلصين في وقت المغارم، ثم يظهر المتسلقون في وقت المغانم.. تبدأ سلمية نظيفة، ثم تنتهي “,”مولوتوفية“,”، تحرق وتدمر في مؤسسات الدولة أو المدارس والمجامع العملية والمباني الإدارية أو وزارة التموين أو المحاكم.. وكأن هذه الأماكن كلها تعاديهم.
- تبدأ الثورات بانصهار أطياف الوطن في بوتقة الوطن، ثم تنتهي بالاستقطاب الحاد وتخوين كل فريق للآخر.
- تبدأ بحراسة المنشآت العامة وحمايتها.. ثم تنتهي بتحطيمها وحرقها وتدميرها.
- تبدأ بصورة المسيحية وهي تصب ماء الوضوء على يد رجل مسلم يتوضأ في ميدان التحرير.. ثم تنتهي أن ينكفئ كل فريق منهم على نفسه معاديًا للآخر..
- يعود المسلم إلى جماعاته وطوائفه مشحونًا ضد المسيحي.. ويعود المسيحي إلى جماعاته وطوائفه خائفًا من المستقبل، وقلقًا من حكم الإسلاميين.
- تبدأ الثورة باجتماع ملايين المصريين في ميدان واحد، يضم كل الفصائل السياسية، تضمهم منصة واحدة وشعارات واحدة، ثم تتحول المليونية الموحدة المتآلفة إلى مليونيات متشاكسة متحاربة.. مليونية ومليونية مضادة.. وميدان في مواجهة ميدان.. وهتافات ضد هتافات.. وقتلى في الجنة وقتلى في النار، وبداية للاحتراب الأهلي الذي أسقط في المليونيات المتحاربة قرابة ألف جريح وعشرة قتلى في عدة أيام في أواخر العام الماضي.
- تبدأ الثورات لإلغاء قانون الطوارئ؛ فيحرق البعض البلاد ظنًّا منهم أنهم يحرقون الأرض تحت الرئيس فحسب.. ولا يدرون أنهم يحرقون أنفسهم وبلادهم.. وتنتهي الثورة بإعادة قانون الطوارئ للحفاظ على البقية الباقية من دماء المصريين.. وكأننا نحرث في البحر.
- يشارك ألتراس الأندية المختلفة في بداية الثورة ويبلي فيها بلاءً حسنًا متشاركين متعاونين.. ثم تقع الكارثة فيقتل البعض جماهير النادي الآخر.. ويتقاتل الأشقاء، ويخير الوطن المنكوب بين حرق القاهرة أو حرق بورسعيد.. وبين إلغاء حكم القضاء العادل أو حرق بورسعيد.. وبين حرق القاهرة أو الثأر لقتلى المذبحة الأبرياء.. فيحتار الوطن.. “,”فكلاهما مر“,”!!
- إنه يخير بين حرق ابنه الأكبر أو الأصغر فيرفض الاختيار.. ولكن بعض الأشقياء يصرون على حرق واحد من الأبناء.. ويحرقونه فعلًا رغم أنف الجميع.. فهل قمنا بالثورة لنطفئ النيران أم لنحرق الأوطان؟!
- تبدأ الثورات عادة لإزالة الفرعون، وقد أزلناه فعلًا، ثم فوجئنا بالفرعون الواحد يُستنسخ منه آلاف الفراعنة.. في كل شارع أو إستاد أو ميدان.. بل في كل مكان.. والمصيبة أننا لا نعرف قانون كل فرعون.. وما يرضيه وما يسخطه.. سائق الميكروباص، والبائع الجائل، والبلطجية، وأطفال الشوارع، والبلاك بلوك.
- والأدهى من ذلك كله أن البعض انحدر إلى استخدام البلطجية وأطفال الشوارع في صراعه السياسي مع الآخرين.. والآخر استخدم ميلشياته مهملاً لمؤسسات الدولة في الصراع السياسي.
- كنا نعاني قبل الثورة من غياب التعددية السياسية وعدم السماح بالأحزاب وديكورية هذه الأحزاب.. واليوم تحرق مقرات الأحزاب، وتقتحم مقرات الحرية والعدالة تارة والوفد أخرى.. وكأنهم يريدون إلغاء التعددية السياسية من أصلها، بالحرق وليس بالدهاء والمكر.
- جاءت الثورة لإصلاح مؤسسات الدولة ثم انحرفت عن مسارها.. فهؤلاء يحاصرون القصر الجمهوري، والآخرون يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي.. وهذا الفريق يحاصر الداخلية والبرلمان؛ فيردون عليهم بحصار المحكمة الدستورية.. فكلنا في الحصار سواء.. ولتذهب مؤسسات الدولة إلى الجحيم “,”ما دمت أنا سأبقى“,”.
- كان كل منا يحمي الآخر في بداية الثورة، فإذا بكل واحد منا يكيد للآخر حينما تلوح المغانم.
- كانت المرأة تملأ ميدان التحرير، المحجبة والمتبرجة والمنتقبة والتي ترتدي الجينز.. متجاورات متحابات، لا يمسهن سوء، ولا يتحرش بهن أحد، ولا يسيء إليهن أحد.. ويلقيين الاحترام والتقدير من الجميع.. واليوم لا تدخل فتاة التحرير إلا ويتم التحرش بها جهارًا نهارًا.
- هل جاءت الثورة لتنطلق الألسنة في كل مكان، بدءًا من الإعلام إلى الشارع إلى البيوت، بالسفه والتسفل والشتائم والسباب؟.. حتى وصل التفحش إلى ميدان الدعوة الإسلامية الطاهرة.. فهل أطلقت الثورة الألسنة من ضبط العقول والأخلاق والدين؟
- هل جاءت الثورة لتعلمنا الحرية وتضبطنا بضوابطها الأخلاقية أم أننا لم نفهم منها وعنها سوى الفوضى في كل مكان.. في المصانع والشارع والعمل؟
- هل تعني الثورة أن يحاصر ألتراس المصري السجن ليخرج من حكم عليهم؟.. قد يقول قائلهم: الحكومة قبل ذلك حاصرت الدستورية، والمعارضة حاصرت القصر الجمهوري والداخلية، وهما أهم من السجن، فلماذا تلومونني؟ وهل تعلمت منكم سوى ذلك؟
- هل تعني الثورة أن يحاول البعض هدم المؤسسات السيادية أو يحاول آخرون تأميمها لصالحه.. في الوقت الذي تتمزق هذه المؤسسات بين هؤلاء وهؤلاء؟!
- هل تعني الثورة أن نرفض دائمًا أحكام القضاء التي لا تعجبنا.. حتى الحكومة تفعل ذلك.. والمعارضة كذلك.. وألتراس المصري أيضًا.. ولماذا نلوم عليه وقد فعل الجميع ذلك قبله.. وهم أكبر منه وأرفع.. فلماذا لا يفعلها؟!
- هل تعني الثورة أن الموظف والعامل لا يعمل.. ثم يفخر بأنه يشتم المدير ويهدده بحرق المصنع؟!
- وهل تعني انطلاق دعوات الانتقام والثأر من الجميع صباح مساء؟
- وهل تعني رغبة البعض في هدم الكون ثم إعادة بنائه على طريقته الخاصة؟
- هل تعني رغبة البعض الاستئثار بكل شيء دون الآخرين؟!.. “,”ويخبطوا رأسهم في الحيط“,”؟!
- وهل تعني إلغاء وهدم وتدمير كل القامات المصرية في كل مجالات العلم والمعرفة بحجة أنها كانت تعمل في الدولة في زمن النظام السابق؟!!
- وهل تعني وجود ملايين الأسلحة في البيوت والقرى والنجوع والأطراف، مع ضياع الحكمة وشيوع النزق؟!
- وهل تعني وقوع قتلى من الشرطة والثوار في كل مناسبة سياسية؟
- وهل تعني شيوع فلسفة الحناجر والحنجوري والصياح والهتاف وضياع قيم العمل والأمانة والبذل والبناء والتنمية؟
- الثورات كالأدوية، لها فوائدها ولها أيضًا أعراضها الجانبية.. ولكن الأعراض الجانبية لثورتنا فاقت الحد والوصف.. ويريد البعض أن نعيش مع أعراضها الجانبية فقط دون أن نعيش مع فوائدها.. وهذا هو عين الظلم.