فى الأسبوع الماضى قرأت أكثر من كلمة تحية، ورسالة محبة إلى روح سليمان خاطر فى ذكرى رحيله التاسعة والعشرين، ففهمت لماذا تُنتج بلادنا إرهابيين، ولماذا تُصدر أراضينا العنف والكراهية.
سليمان خاطر كان جنديا مصريا يحرُس إحدى الهضاب فى سيناء سنة 1988 عندما شاهد سياحا اسرائيليين، وأمرهم بالتوقف، فلم يفعلوا فأطلق عليهم رصاص غضبه ليقتل ثمانية أشخاص من بينهم سيدتين. وقتها رفعت الأقلام الناصرية سليمان خاطر إلى مصاف الأبطال والعظماء، وكتب عنه الشاعر العراقى مظفر نواب قصيدة شهيرة كان من بين أبياتها بيتا يقول " وسليمان بن خاطر / كان قديسا نبيا".
وكالعادة احتفل الهتيفة وأصحاب الحناجر الزاعقة بالرجل وقادوا حملات للافراج عنه، لكن الدولة أعلنت انتحاره فى محبسه يوم 7 يناير 1988، وخرج القطيع ليتهم الدولة بقتله داخل محبسه، ومن يومها يحمل الرجل لقب "شهيد"، ويحُيى الأخوة الحربجية ذكراه كل عام باعتباره بطلا عظيما.
ولاشك أن القراءة الفعلية لما فعله ذلك الجندى لايُمكن أن تمنحه صفة "البطولة" أو مسمى "الشهادة" لأنه ببساطة قتل سياحا أبرياء عُزلا دخلوا إلى مصر بأمان من حكومتها ولم يؤذوا أحدا أو يرتكبوا جُرما.
أى بطولة تلك التى يُمكن أن تُطلق على شخص فتح رشاشه فى غير حرب وقتل امرأتين بدمٍ بارد، ثُم سلّم نفسه إلى الشرطة العسكرية!! أى نضال ذلك الذى يُتاجر به الإخوة الصناديد لرجل يقتل غدرا مَن هُم غير قادرين على الرد عليه !
إن هذا الفعل ــ بغض النظر عن مواقفنا الشخصية من التطبيع ــ فعل خسة ونذالة وُيسىء للدولة، ويُسىء للشهامة المصرية، ولفكرة النضال نفسها. وهو فى ظنى أحد المفارخ الوطنية لتوليد إرهابيين وقتلة وسفاحين طلبا لوصف البطولة والشهادة.
لقد كُنت أستحضر ذهنية العالم الخارجى وهو يجد رموزا وُكتابا ومثقفين يحتفون بالقاتل فى ذكراه فى ذات الوقت الذى يدينون فيه جريمة إارلى ابدو بباريس دون أى حضور للعقل. أى انفصام ذلك؟ وأى تردى وعبث؟
نحنُ ما زلنا نصنع من مجرمين وسفلة وقتلة أبطالا عظماء لأننا لا نعى معنى البطولة الحقيقية ، ولا نُقدر أن رجالا مثل أحمد زويل ومجدى يعقوب ومصطفى السيد أكثر بطولة وأعظم نضالا من كثيرين ممن قتلوا الناس غيلة حتى لو كان هؤلاء الناس يستحقون القتل.
ونظرة سريعة للتاريخ تفضح لك تلك الفكرة الوهمية عن البطل. لقد حولنا قاتلا مأجورا مثل سُليمان الحلبى إلى رمزا للنضال رغم أنه ــ بتعبير المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى ــ رجلا "من سفلة السفلة"، وأنه "يُكرى ليقتل" لا لشىء سوى أنه قتل سارى عسكر الفرنسى غدرا بعد أن مد له يدا للمصافحة.
نحنُ نحتاج إلى اعادة قراءة لتاريخ الأبطال وسيؤلمنا أن نكتشف أن أدهم الشرقاوى، وياسين (معشوق بهية) وحسين توفيق قاتل أمين عثمان مُجرد مُجرمين وقتلة. والله أعلم.
وكالعادة احتفل الهتيفة وأصحاب الحناجر الزاعقة بالرجل وقادوا حملات للافراج عنه، لكن الدولة أعلنت انتحاره فى محبسه يوم 7 يناير 1988، وخرج القطيع ليتهم الدولة بقتله داخل محبسه، ومن يومها يحمل الرجل لقب "شهيد"، ويحُيى الأخوة الحربجية ذكراه كل عام باعتباره بطلا عظيما.
ولاشك أن القراءة الفعلية لما فعله ذلك الجندى لايُمكن أن تمنحه صفة "البطولة" أو مسمى "الشهادة" لأنه ببساطة قتل سياحا أبرياء عُزلا دخلوا إلى مصر بأمان من حكومتها ولم يؤذوا أحدا أو يرتكبوا جُرما.
أى بطولة تلك التى يُمكن أن تُطلق على شخص فتح رشاشه فى غير حرب وقتل امرأتين بدمٍ بارد، ثُم سلّم نفسه إلى الشرطة العسكرية!! أى نضال ذلك الذى يُتاجر به الإخوة الصناديد لرجل يقتل غدرا مَن هُم غير قادرين على الرد عليه !
إن هذا الفعل ــ بغض النظر عن مواقفنا الشخصية من التطبيع ــ فعل خسة ونذالة وُيسىء للدولة، ويُسىء للشهامة المصرية، ولفكرة النضال نفسها. وهو فى ظنى أحد المفارخ الوطنية لتوليد إرهابيين وقتلة وسفاحين طلبا لوصف البطولة والشهادة.
لقد كُنت أستحضر ذهنية العالم الخارجى وهو يجد رموزا وُكتابا ومثقفين يحتفون بالقاتل فى ذكراه فى ذات الوقت الذى يدينون فيه جريمة إارلى ابدو بباريس دون أى حضور للعقل. أى انفصام ذلك؟ وأى تردى وعبث؟
نحنُ ما زلنا نصنع من مجرمين وسفلة وقتلة أبطالا عظماء لأننا لا نعى معنى البطولة الحقيقية ، ولا نُقدر أن رجالا مثل أحمد زويل ومجدى يعقوب ومصطفى السيد أكثر بطولة وأعظم نضالا من كثيرين ممن قتلوا الناس غيلة حتى لو كان هؤلاء الناس يستحقون القتل.
ونظرة سريعة للتاريخ تفضح لك تلك الفكرة الوهمية عن البطل. لقد حولنا قاتلا مأجورا مثل سُليمان الحلبى إلى رمزا للنضال رغم أنه ــ بتعبير المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى ــ رجلا "من سفلة السفلة"، وأنه "يُكرى ليقتل" لا لشىء سوى أنه قتل سارى عسكر الفرنسى غدرا بعد أن مد له يدا للمصافحة.
نحنُ نحتاج إلى اعادة قراءة لتاريخ الأبطال وسيؤلمنا أن نكتشف أن أدهم الشرقاوى، وياسين (معشوق بهية) وحسين توفيق قاتل أمين عثمان مُجرد مُجرمين وقتلة. والله أعلم.