الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام والثورة الدينية التي دعا لها الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فور إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى، دعوته لتجديد الخطاب الدينى، والقيام بثورة دينية وأخلاقية، خلال الاحتفال بالمولد النبوى، أعلنت المؤسسات الدينية الممثلة فى الأزهر الشريف ودار الإفتاء، الاستجابة لتلك الدعوة، كل حسب اختصاصه وطريقته فى الوصول للناس.
قال عباس شومان وكيل الأزهر، إن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، وجه فور انتهاء خطاب الرئيس، بتنفيذ كل ما جاء فيه، مشيراً إلى أن الأزهر بدأ بالفعل خطوات تصحيح عبر إصلاح مناهج التعليم قبل سنة ماضية، بجانب إصلاح الخطاب الدعوى، من خلال المناهج المطورة لمرحلة التعليم ما قبل الجامعى، الذى أوشك على الانتهاء.. فهل هذا كافٍ لتجديد الخطاب الديني، ومادور الإعلام في نقل هذا الخطاب إلى العالم أجمع في وقتٍ يتهم فيه الجميع الإسلام بالإرهاب بحكم ما يجري في مواقع القتال في المنطقة العربية، علاوة على الهجوم الأخير على مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية.
وإذا كان نجاح الخطاب الدينى التجديدى مرهون بالنظر إلى قضايا الناس على المحيط الداخلي أو المحلي داخل الدولة أو داخل الدول العربية أو الإسلامية، إلا إن عالمية الإسلام كدين والتي تمثلت في قوله تعالى لرسوله الكريم "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين" تحتم علينا عولمة الخطاب الديني لكي يصل إلى العالم كله لكي يعكس وسطية الإسلام وبعده عن التطرف والغلو، وأنه دين الرحمة وليس دين العنف والإرهاب كما يتم تصويره في الغرب، وهى الصورة التي طبعها الأمريكيون للإسلام وللمسلمين في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، وسيحاول الفرنسيون والأوروبيون أن يقوموا بترسيخها عقب الهجوم الأخير على مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية وما تلاه من هجمات إرهابية أخرى في فرنسا وألمانيا.
وفي هذا الإطار، فإننا نرى من خلال رصدنا لواقع الخطاب الديني في عصر العولمة، أن ثمة إشكاليات تطرح نفسها بقوة، ولابد أن نجد لها حلولاً فعالة، ومن بين هذه المشكلات:
أولاً: لا توجد قناة فضائية دينية إسلامية تعكس قيم الإسلام الوسطي المعتدل، وتنطق بلغات عدة للوصول إلى شعوب الأرض الذين ينتمون لأجناسٍ شتى ولغات عديدة، بل إن القنوات الدينية الإسلامية في مصر والمنطقة العربية تصطبغ بطابع المحلية الشديدة، بل وتخلط على الناس دينهم، وكانت تلجأ في الغالب إلى تسييس الدين، وترسيخ التطرف والغلو في نفوس العرب والمصريين.
ثانيا: أننا لم ندشن مواقع وبوابات دينية إسلامية على شبكة الإنترنت تروج لخطاب إسلامي مستنير يتفق مع طبيعة المجتمعات الغربية والمسلمين الذين يقطنون فيها ويحتكون بثقافات مغايرة عما هو موجود في المجتمعات العربية والإسلامية.
ثالثاً: أن الأزهر الشريف – مع احترامنا لكل الخطوات التي خطاها لتجديد الخطاب الديني- لم يقم بدوره في الدعوة الإسلامية في العالم أجمع وفقاً لمفهوم عالمية الإسلام من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، واكتفى بدوره في التعليم الديني لبعض الطلاب الوافدين من دول مختلفة أو ببعض القوافل الدينية ذات التأثير المحدود في بعض الدول، حيث لم يصدر الأزهر مطبوعة عالمية بلغات عدة تصل للمسلمين والذين يريدون أن يقرأوا عن الإسلام في بقاع الأرض كافة وبلغات مختلفة، كما لم يطلق الأزهر قناة دينية إسلامية فضائية بلغات عدة، كما أن بوابته على شبكة الإنترنت غاية في المحلية وباللغة العربية فقط، في حين أن بعض البوابات الإسلامية الممولة خليجياً تنطق بلغات عدة منها "بوابة الإسلام اليوم" السعودية التي تنطق باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية، وبوابة "إسلام ويب" القطرية التي تنطق باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والأسبانية.
رابعاً: أننا أغفلنا توظيف شبكات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر ويوتيوب في بث خطاب إسلامي عولمي مستير يبرز تسامح الإسلام ووسطيته واعتداله، وتركنا هذه الشبكات للإرهابيين والمتطرفين، حيث أصبحت هذه الشبكات أدوات فاعلة في أيدي التنظيمات الإرهابية كداعش والإخوان وأنصار الشريعة يستخدمونها لتجنيد المتطوعين من شتى بقاع الأرض، ويروجون من خلالها خطاباً دينياً متشدداً مؤسساً على أساطير "الولة الإسلامية" و"الخلافة"، و"الجهاد".. وغيرها.
خامساً: أننا لم نسع لدى الدول الأوروبية منذ الثمانينيات من القرن الماضي لإقناعها بالعدول عن موقفها حينما بدأت في توفير الملاذ الآمن ومنح جنسيتها أو حق اللجوء السياسي لبعض المتشددين والمتطرفين من الدُعاة الذين لفظتهم دولهم العربية والإسلامية بحجة إيمانها بحرية الرأي والتعبير، وهو ما أدى إلى فتح منصات إعلامية ومنابر في المساجد والمراكز الإسلامية المنتشرة بالدول الأوروبية لخطاب ديني متطرف يغذي مفهوم التغيير بالسلاح على أساس عقائدي، وهو ماجعل هذه البيئة صالحة لتجنيد من يقاتلون من الأوروبيين الآن في صفوف داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية على الأرض العربية، وانتقال ذلك الإرهاب إلى أوروبا ذاتها في فرنسا وألمانيا في الوقت الراهن.
سادساً: أننا لم نستطع أن نقنع الأوروبيين والأمريكيين من خلال خطاب إعلامي عقلاني بعدم مساندة الإرهاب والجماعات الإرهابية ممثلة في جماعة الإخوان، لأن هذا الإرهاب سوف يرتد إليهم لاحقاً، ولعله من الواضح الآن أن استهداف الجماعة لمدينة الإنتاج الإعلامي وصحف الوطن والمصري اليوم والوفد تمت محاكاته بالهجوم على مجلة "شارلي إبدو" في فرنسا وصحيفة أخرى في ألمانيا، كما أن استهداف الجماعة لرجال الشرطة تمت محاكاته من خلال استهداف الأمريكيين السود لرجال الشرطة الأمريكيين البيض بعد مقتل شاب أسود على يد شرطي أبيض.
ومن هنا، فإن ثمة خطوات جادة يجب أن نتخذها إن أردنا أن نوجد آليات فعالة لنشر خطاب ديني عالمي مستنير، ومن بين هذه الآليات:
أولاً: إنشاء قناة فضائية دينية إسلامية تعكس قيم الإسلام الوسطي المعتدل، وتنطق بلغات عدة للوصول إلى شعوب الأرض الذين ينتمون لأجناسٍ شتى ولغات عديدة.
ثانيا: تدشين مواقع وبوابات دينية إسلامية على شبكة الإنترنت تروج لخطاب إسلامي مستنير يتفق مع طبيعة المجتمعات الغربية والمسلمين الذين يقطنون.
ثالثاً: قيام الأزهر الشريف بدوره في الدعوة الإسلامية في العالم أجمع وفقاً لمفهوم عالمية الإسلام من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، وذلك من خلال إصدار مجلة عالمية تعبر عنه بعدة لغات، وتدشين فضائية دينية ناطقة بلغات عدة، وتدشين موقع وبوابة دينية إسلامية تستهدف الملمين في العالم أجمع والأجانب الذين يريدون التعرف على الإسلام.
رابعاً: توظيف شبكات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر ويوتيوب في بث خطاب إسلامي عولمي مستنير يبرز تسامح الإسلام ووسطيته واعتداله.
خامساً: قيام وزارة الخارجية المصرية بالسعى لدى الدول الأوروبية لإقناعها بالعدول عن موقفها حينما بدأت في توفير الملاذ الآمن ومنح جنسيتها أو حق اللجوء السياسي لبعض المتشددين والمتطرفين من الدُعاة الذين لفظتهم دولهم العربية والإسلامية وإحلال الدعاة الأزهريين الوسطيين مكانهم في المراكز الإسلامية بهذه الدول.
سادساً: إقناع الأوروبيين والأمريكيين من خلال خطاب إعلامي عقلاني بعدم مساندة الإرهاب والجماعات الإرهابية ممثلة في جماعة الإخوان، لأن هذا الإرهاب سوف يرتد إليهم إن عاجلاً أو آجلاً.
سابعاً: إعداد دعاة مستنيرين مسلحين بخطاب ديني مختلف ومغاير للخطاب الديني التقليدي أو الماضوي (السلفي) يناسب مع العصر الذي نعيش فيه، وذلك من خلال خضوع هؤلاء الدعاة لانتقاء وفرز دقيق في البداية لاختيار من يصلح منهم للانضمام لدورات تأهيلية تركز على تجديد الخطاب الديني وآليات ذلك، وإكسابهم سبل التعامل مع الثقافات الأخرى.