الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الثورة السورية ضد نظام الأسد تتحول إلى صراع حول آبار النفط


الرئيس بشار الأسد
الرئيس بشار الأسد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع استمرار عمليات المقاومة ضد نظام بشار الأسد في سوريا في الشوارع والمدن منذ 28 شهرًا ظهر صراع جانبي على الموارد النفطية في سوريا التي تعد سلاحا في يد كل من الحكومة والمعارضة .
وعلى الرغم من أن سوريا لا تعد في حد ذاتها منتجًا كبيرًا للنفط إلا أن مصيرها سيكون له عواقب على منطقة الخليج الغنية بالبترول باعتبارها دولة مهمة في المنطقة كما يقول هنري كيسنجر مهندس السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارتي كل من الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، فأهمية سوريا كانت تتمثل دائمًا في أنها معبر لخطوط البترول بأكثر من كونها منتجًا له، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية أغلقت سوريا خط الأنابيب العراقي الذي يصب في المتوسط من أجل مناصرة حليفتها إيران .
وكانت عائدات سوريا من النفط قبل الثورة ضد الأسد تبلغ أربعة مليارات دولار في العام مما يمثل ثلث الموازنة السورية، وستحتاج أي حكومة جديدة لهذه الأموال، غير أن إنتاج البترول في سوريا تراجع بسبب عمليات المقاومة المسلحة للنظام .
ومنذ مارس 2011 عندما اندلعت الثورة ضد بشار تراجع إنتاج سوريا من النفط بنسبة 60% تقريبًا ليصل الى 153 ألف برميل يوميًا في أكتوبر الماضي وفقًا لتقديرات وزارة الطاقة الأمريكية، وبعد أن كانت في السابق دولة مصدرة صغيرة تضطر الآن الى استيراد النفط ومنتجاته كما أعلن سليمان عباس وزير البترول السوري .
ومؤخرًا تدخلت إيران لإنقاذ الموقف ، ففي صفقة تم التوصل إليها قبل أيام لتلبية احتياجات سوريا البترولية وافقت طهران على تقديم 3.6 مليار دولار لسوريا على شكل شحنات بترولية مقابل الحق في الاستثمار فيها، ووقع البنك المركزي في كل من ايران وسوريا على هذا الاتفاق الأمر الذي يمنح سوريا خطًا ائتمانيًا بهذا المبلغ، ويقضي الاتفاق بأن تسدد سوريا قيمة الدين النفطي من خلال استثمارات إيرانية ذات أنواع مختلفة ، وتسعى إيران بهذه الصفقة إلى دعم نظام بشار الأسد باعتبارها السند الرئيسي له .
غير أن الصراع حول آبار النفط السورية تصاعد مؤخرًا ليس فقط بين الحكومة وجماعات المقاومة ولكن بين فصائل المقاومة ذاتها التي تسعى للسيطرة على عائدات هذا المورد الحيوي.
ويقع قطاع كبير من آبار النفط السورية في الركن الشمالي الشرقي بسوريا والذي تقطن به أغلبية كردية خاصة في المناطق الواقعة بين العراق وإيران وسوريا، بينما تقع معظم الآبار الباقية في اتجاه الجنوب على ضفاف الفرات، في الوقت الذي يسيطر المعقل الجبلي لطائفة الأسد العلوية والتي يمكن أن تسعى لمواصلة القتال منه على طرق خط الانابيب الواصل إلى بانياس واللاذقية وطرطوس على المتوسط، وإن كان الخبراء يشككون في قدرة هذا الكيان العلوي المتوقع على الاستمرار في الحياة من الناحية الاقتصادية .
وتخشى الحكومة السورية من حدوث عمليات تخريبية أو هجمات من قوات المقاومة ضد خطوط البترول والغاز، ويهدد استمرار الحرب الأهلية في سوريا بامتداد أعمال العنف إلى العراق التي تعاني بالفعل من الانفجارات المستمرة ، وقد يقوض ذلك من قدرة بغداد على الاستفادة من عائدات البترول .
وفي حالة الإطاحة بالنظام في دمشق فان حليفتها طهران قد تضاعف من جهودها للتأثير على العراق، بل إنه حتى في حال انتصار الثورة السورية وتشكيل حكومة جديدة قد تكون هذه الحكومة بعيدة عن علاقات طيبة مع العراق وإيران نظرا للخلافات الطائفية، وقد يتعرض خط الأنابيب العراقي المتجه غربًا الى أعمال عنف .
ويلاحظ تصاعد الصراع بين الجماعات المسلحة للسيطرة على آبار النفط السورية، حيث يتردد أن القوات الكردية على استعداد لدخول “,” القامشلي“,” وهي أكبر مدينة في كردستان السورية، ويمثل الأكراد ما نسبته تسعة في المائة من تعداد السكان في سوريا أي حوالي مليون وستمائة ألف نسمة، وإذا برزوا كقوة رئيسية في سوريا ما بعد الأسد فسيتيحون ممرا بديلا لصادرات النفط من كردستان .
وكان المقاتلون ضد النظام السوري من قومية الأكراد قد سيطروا على رأس العين وهي بلدة سورية على الحدود مع تركيا والاشتباك مع جبهة النصرة الاسلامية المتمردة على بشار الأسد من أجل السيطرة على حقول البترول في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، وفي الجنوب أدت الهجمات التي يقوم بها المتمردون على خطوط الغاز والوقود التي تزود محطات توليد الكهرباء الى حدوث أزمات واسعة النطاق في الكهرباء .
وربما يسعى الأكراد لتأسيس إدارة انتقالية تستحوذ مستقبلا على الحقول النفطية السورية الكبرى في الرميلان والسويدية في المنطقة الواقعة شمال شرق سوريا.
وذكرت صحيفة “,”الجارديان“,” البريطانية، في تقرير لها مؤخرا ان الثوار السوريين من جبهة النصرة الإسلامية التي تنشط في الشمال الشرقي من سوريا يضخون النفط الخام من آبار تقع تحت سيطرتهم، وأصبحوا يسيطرون على حقول للنفط والغاز ويحمونها من هجمات المجموعات الأخرى الرامية للسيطرة عليها .
ومن الواضح أن المعركة من أجل النفط السوري بدأت بالفعل بعيدا عن جبهات القتال التقليدية.
وتمحور الصراع بين الإدارة الكردية المرشحة لتصبح إدارة ذاتية وبين الإمارة الاسلامية، ومن أسباب هذه المعركة أن الاتحاد الأوروبي منح للمعارضة السورية منذ شهرين حق تسويق النفط المستخرج من حقول الرميلان ودير الزور في السوق الدولية.
ويبدو أن الصراع على موارد النفط السورية سيستمر ما دام الصراع العسكري والأمني ما زال محتدما في الداخل السوري مع فشل الجهود والوساطات العربية والدولية في التوصل إلى حل سلمي يرضي جميع الأطراف ويوقف نزيف دماء الشعب السوري .
الأناضول