صدمة قاسية تلقيتها الأسبوع الماضى من صديق غاب عنى سنوات، عمل خلالها بالكتابة فى إحدى دول الخليج، عندما قال لى: لم أعُد أؤمن بالإسلام، هذا دينكم لا أريده.
قبل عشرين عامًا تصادقنا، كُنت من أنصار الإيمان العقلى، وكان من أبناء مدرسة تقليدية تعتبر الإيمان لا ينبغى أن يستند على المنطق والسببية، كُنت مُنبهرًا بالشيخ محمد الغزالى ــ رحمه الله ــ حتى أدلى بشهادته فى قضية استشهاد فرج فودة، وقدم صكوك البراءة للقتلة، بينما كان صديقى يصف كُل مَن يُفرّق بين الدين والدنيا بـ"علمانى"، التى كان يُترجمها بفاسق إن لم تكن كافرًا.
مرت السنون مُغيّرة، ومُثيرة، وكاشفة.. سقط أُناس أحببناهم وصعد آخرون كانوا بعيدين عن رؤانا، انقلبت دول وانهارت أنظمة وتغيرت الخريطة المُحيطة بنا، كفرنا بأفكار وشطبنا على نظريات وأعدنا النظر فى كثير من المُسلمات وقرأنا ما لم نقرأ.
تفرقت بنا السُبل اخترت البقاء واختار السفر، وعندما عاد صدمنى بتحوله، لم أعُد مؤمنًا بهذا الدين.. قال لى: إن ما تراه من تشدد وتعصُب وتطرف وذبح وخطف منسوب إلى الإسلام، قُلت له إن سوء تصرف بعض الأمريكيين لا يعنى أن أمريكا دولة القُبح، سألنى: إن كان هُناك داعية أو مُفكر يمكن أن تعتبره مُعبرًا عن الدين الاسلامى!.
واحترت للحظات، فالأزهر ــ رغم ما يُردد عنه بأنه بيت الوسطية ومنارة الدين ــ مُتخم بعبدة النصوص، والمتسلفنين مرضى القديم والأثر ويُقدسون البخارى ويرفعونه فوق القُرآن، وساحة الدُعاة مُزدحمة بمشاهير يبحثون عن الربح ويقطنون القصور ويركبون السيارات الفارهة، وجماعات الإسلام السياسى من الشرق إلى الغرب تُحوّل خلافاتها وصراعاتها إلى خلافات دينية وكأن مَن يخاصمهم مخاصمًا لله.
نعم يا صديقى الإسلام يُعانى من فقر العُلماء والمفكرين، هُناك أزمة كبيرة، ومنعطف خطير، يواجه الأديان بشكل عام.. نعم دُعاة الدين جهلة، والمتحدثون باسمه قتلة، والمدافعون عنه لا يعتمدون الحوار العقلى منهجًا.
الأزمة أزمة رجال.. لم يتكرر لدينا رجل مثل محمد عبده، لم يولد لدينا داعية كأمين الخولى، مُجدد كنصر حامد أبوزيد، مُفكر خارج الصندوق مثل عبد المتعال الصعيدى.. منذ عقود وساحة الفكر الإسلامى تُعيد إنتاج فتاوى ابن باز وابن عثيمين وابن عبد الوهاب وكأنها الإسلام.. والأخطر أن مَن لا يفعل يأخذون فتاويهم من ابن تيمية وابن القيم الجوزية.
قُلت لصديقى أنت معذور، لكن عليك أن تتعب قليلًا، تُفكر فيما يُقدم لنا باعتباره الإسلام، هل يصح أن يكون كذلك؟ ليس كل ما يلمع ذهبًا، وكثير جدًا مما نحسبه دينًا لا يمُت للدين بصلة.. والله أعلم.
قبل عشرين عامًا تصادقنا، كُنت من أنصار الإيمان العقلى، وكان من أبناء مدرسة تقليدية تعتبر الإيمان لا ينبغى أن يستند على المنطق والسببية، كُنت مُنبهرًا بالشيخ محمد الغزالى ــ رحمه الله ــ حتى أدلى بشهادته فى قضية استشهاد فرج فودة، وقدم صكوك البراءة للقتلة، بينما كان صديقى يصف كُل مَن يُفرّق بين الدين والدنيا بـ"علمانى"، التى كان يُترجمها بفاسق إن لم تكن كافرًا.
مرت السنون مُغيّرة، ومُثيرة، وكاشفة.. سقط أُناس أحببناهم وصعد آخرون كانوا بعيدين عن رؤانا، انقلبت دول وانهارت أنظمة وتغيرت الخريطة المُحيطة بنا، كفرنا بأفكار وشطبنا على نظريات وأعدنا النظر فى كثير من المُسلمات وقرأنا ما لم نقرأ.
تفرقت بنا السُبل اخترت البقاء واختار السفر، وعندما عاد صدمنى بتحوله، لم أعُد مؤمنًا بهذا الدين.. قال لى: إن ما تراه من تشدد وتعصُب وتطرف وذبح وخطف منسوب إلى الإسلام، قُلت له إن سوء تصرف بعض الأمريكيين لا يعنى أن أمريكا دولة القُبح، سألنى: إن كان هُناك داعية أو مُفكر يمكن أن تعتبره مُعبرًا عن الدين الاسلامى!.
واحترت للحظات، فالأزهر ــ رغم ما يُردد عنه بأنه بيت الوسطية ومنارة الدين ــ مُتخم بعبدة النصوص، والمتسلفنين مرضى القديم والأثر ويُقدسون البخارى ويرفعونه فوق القُرآن، وساحة الدُعاة مُزدحمة بمشاهير يبحثون عن الربح ويقطنون القصور ويركبون السيارات الفارهة، وجماعات الإسلام السياسى من الشرق إلى الغرب تُحوّل خلافاتها وصراعاتها إلى خلافات دينية وكأن مَن يخاصمهم مخاصمًا لله.
نعم يا صديقى الإسلام يُعانى من فقر العُلماء والمفكرين، هُناك أزمة كبيرة، ومنعطف خطير، يواجه الأديان بشكل عام.. نعم دُعاة الدين جهلة، والمتحدثون باسمه قتلة، والمدافعون عنه لا يعتمدون الحوار العقلى منهجًا.
الأزمة أزمة رجال.. لم يتكرر لدينا رجل مثل محمد عبده، لم يولد لدينا داعية كأمين الخولى، مُجدد كنصر حامد أبوزيد، مُفكر خارج الصندوق مثل عبد المتعال الصعيدى.. منذ عقود وساحة الفكر الإسلامى تُعيد إنتاج فتاوى ابن باز وابن عثيمين وابن عبد الوهاب وكأنها الإسلام.. والأخطر أن مَن لا يفعل يأخذون فتاويهم من ابن تيمية وابن القيم الجوزية.
قُلت لصديقى أنت معذور، لكن عليك أن تتعب قليلًا، تُفكر فيما يُقدم لنا باعتباره الإسلام، هل يصح أن يكون كذلك؟ ليس كل ما يلمع ذهبًا، وكثير جدًا مما نحسبه دينًا لا يمُت للدين بصلة.. والله أعلم.