تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
اختار البابا تواضروس أن يتحدث، أن يخترق المحظور، كان يمكنه أن يركن إلى الراحة، ويردد ما يرغبون في سماعه عن مذبحة ماسبيرو، لكنه قال ما يطمئن هو إليه، فهو يرى أن الإخوان ورطوا الجميع، صحيح أن هذا لا يعنى عدم مساءلة من تورطوا، لكنه في النهاية قال رأيًا.
لقد غضب منا البعض عندما قلنا إن ماسبيرو فتنة، وأمثال هؤلاء لا ألتفت لهم ولا اهتم بشأنهم، فعندما قلنا ذلك، كنا نعى جيدا أن مذبحة ماسبيرو تحولت إلى فتنة، البعض يتاجر بها، والبعض يأخذ منها منصة للهجوم على رأس الكنيسة، والبعض يستمتع بهذه الحالة من الكراهية التي تزرع على هوامش حادث كان واحدا من أحداث كثيرة ملغزة ومجهولة.
تصرف البابا تواضروس حيال ما يقال ويتردد عن مذبحة ماسبيرو، يشير إلى أننا أمام رجل يدرك جيدا مسئولياته، ويعرف النقطة التي نقف فيها الآن، يمكنه أن يحصد شعبية هائلة، بأن يشهر سيفه، ويتعامل مع ما جرى في ماسبيرو على أنها قضية حياته، سيصفق له الجميع، سيتغنون بأمجاده، لكنه في النهاية يعلم أن كل هذا باطل، فمصلحة الوطن تعلو فوق كل شىء، ولذلك فهو يجعل هذا الملف من ملفاته المؤجلة.
لقد قال البابا تواضروس كلمة موجزة ودالة بعد أحداث ٣٠ يونيو بعد أن رأى بعينيه الكنائس تحرق، لم يغضب، ولم يشك من اضطهاد كما كان يفعل آخرون، قال: يمكن أن نصلى في وطن بلا كنائس، لكن لا يمكن أن نصلى في كنائس بلا وطن، لم يقل كلمته ويمضى، ظل حارسا للثورة المصرية، لأنه أدرك أن المعركة معركة مصير.
وقف البابا بين شعبه ـ وكل شعب مصر شعبه ـ في قداس عيد الميلاد، ليمنح العالم رسالة واضحة بأن مصر ستبقى أبدا. هذا قدره، وليس على من يرغبون في هدمها إلا أن يتوقفوا لأنها لن تسقط أبدا.
كل عام والبابا تواضروس بخير ووعى وتألق، وكل عام وكل المسيحيين بخير... وكل عام ومصر باقية.