تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
عندما اختار المصريون الدكتور محمد مرسي رئيسًا للجمهورية، كان الدافع عند كثير من ناخبيه هو المراهنة على مشروع النهضة الذي يبشر به، وفيه تتحول الصحراء إلى واحات خضراء، وتتحول البطالة وأزمات الإسكان والعلاج والاختناق المروري وأكوام القمامة إلى ذكريات لا وجود لها في الواقع.
كان برنامج “,”المائة يوم“,” هو الاختبار الأول لمشروع النهضة، وتفاءل الشعب المصري خيرًا بثماره المرجوة، لكنهم فوجئوا بعدد من المشاكل البسيطة التي لم تكن مطروحة، ومن ذلك انقطاع الكهرباء وشح البنزين وزيادة التكدس المروري وتفاقم أكوام القمامة وتبخر ما كان باقيًا من الشعور بالأمن، فضلاً عن المزيد من الانهيار لمؤسسات الدولة والضربات الموجعة لاستقلال القضاء.
مثل هذه المشاكل العابرة لا تؤثر بطبيعة الحال في مشروع النهضة، فهو طموح استراتيجي جبار، لا يمكن أن يتحقق في أقل من مائة عام، شريطة أن تتوقف المعارضة الشريرة عن حملاتها الجائرة، وان يستقيم المجتمع وينصرف أبناؤه عن العادات المرذولة التي تطيح بالبركة، ومن ذلك – على سبيل المثال- تدخين السجائر والشيشة، وقراءة القصص والروايات الخليعة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، ومزاحمة المرأة للرجل في الشوارع ووسائل المواصلات، وغير ذلك كثير مما يدعو إليه الليبراليون والعلمانيون واليساريون.
النهضة إرادة شعب، والمشكلة الحقيقية تتمثل في الشعب غير المؤهل لاستيعاب المشروع العملاق، ولا مهرب من الانتظار حتى يُعاد تشكيل الشعب، وهي مهمة ثقيلة تستغرق عشرات السنوات.
نظرية صحيحة وشعب خطأ، فكيف يتحمل الرئيس مرسي وإخوانه مسئولية علاج كواث تسبب فيها العلمانيون عبر مائتي عام، شيدوا خلالها المسارح ودور السينما والمدارس التي تعلم لغات الفرنجة الكفار؟!.
البركة هي جوهر النهضة، ولأن البركة غائبة، فلا أمل في التقدم المنشود، والأولوية الآن لدعم الشعوب الجيدة المسكونة بالبركة، في غزة مالي والصومال، ثم نستورد منهم طليعة إيمانية تعالج ما في الشعب المصري من ثغرات، وبعدها نتوكل على الله ونبدأ النهوض في أقل من عشر سنوات، ونركب قطار النهضة حيث يتمتع أحفاد أحفادنا بخيرات حكم المرشد.
الفصل الأول في كتاب النهضة يحمل عنوان “,”يا مستعجل عطلك الله“,”، والفصل الأخير عنوانه “,”الصبر مفتاح الفرج“,”، وبينهما فصول نهضوية كُتبت بخط جميل أنيق، وتم تسليمها إلى كاتب آلة كاتبة يسكن في عمارة قديمة، أدركها قضاء الله فانهارت بعد أن هطلت أمطار شديدة، وبذلك ضاعت أصول مشروع النهضة، والعمل يجري الآن لإعداد مشروع جديد.