السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رشوة صحفيين مصريين وراء هجوم التليفزيون المغربى على "السيسى"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إشارة عابرة «لرشوة صحفية» وردت في مقال الكاتب المغربى د.سمير بنيس جعلتنى أعيد النظر في كل ما تردد عن مبرر التليفزيون المغربى للهجوم على ثورة يونيو والرئيس عبدالفتاح السيسي. كان بنيس يعدد أسباب انقلاب الإعلام الرسمى المغربى على مصر السيسي، ومن بين ما قاله: «أظن أن النبرة التي اعتمدتها كل من القناة الأولى والقناة الثانية قد تنم عن تحول في موقف المغرب تجاه مصر، خاصة بعد الحملة المسعورة والمدروسة التي قام بها بعض أشباه الصحفيين المصريين مؤخرًا».
أتحفظ بالطبع على وصف بنيس لزملاء بأنهم أشباه صحفيين، ولم أتوقف طويلًا عند ما قاله في نفس المقال من أن الأبواق الإعلامية وبعض الشخصيات المصرية في مختلف الميادين تبنت مواقف جد معادية للمغرب، سواء تعلق الأمر بما هو اجتماعى أو سياسي أو ديني.. فالهجوم على المغرب قابله المصريون باستهجان شديد، وهو ما يعنى أن هناك ما يخفى علينا.
وهو ما جعلنى أتوقف قليلًا أمام وثيقة تداولتها مواقع مغربية عديدة تحت عنوان «مخابرات الجزائر تورط صحفيين مصريين لتشويه سمعة المغرب»، وهى الوثيقة التي تشير إلى تورط المخابرات الجزائرية في توفير جميع التكاليف المادية وظروف التنقل والإقامة لمجموعة من الصحفيين المصريين الذين قاموا بزيارة ميدانية لمخيمات «تندوف» خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو ٢٠١٤.
الوثيقة تحمل توقيع سعيد العياشى، الرئيس الجديد لما يسمى اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، وهى هيئة تم إنشاؤها من طرف المخابرات الجزائرية لتمويل جميع أنشطة جبهة «البوليساريو»، حيث وجهها إلى المدعو إبراهيم غالى سفير البوليساريو في الجزائر، يخبره فيها بالتكفل بجميع مصاريف زيارة الوفد الصحفى المصرى للمخيمات، وورد في الوثيقة أنه «تبعا لما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعنا الأخير حول موضوع زيارة وفد الصحفيين المصريين إلى مخيمات تندوف أعلمكم أنه تمت الموافقة على التكفل بجميع مصاريف الزيارة».
كانت مجموعة من الصحفيين المصريين قد قامت بالفعل بزيارة مخيمات «تندوف»، وبعد أن عاد الزملاء كتبوا تقارير مطولة عن الشعب الصحراوي، حيث أجروا مقابلات مع قيادات «البوليساريو» وسفراء ودبلوماسيين الصحراوية وتداعياتها ومساراتها التاريخية، إضافة إلى تحقيقات عن حياة الشعب الصحراوى ومخيماته الوادعة في ولاية «تندوف» الجزائرية.
ولأن النظام المغربى ومن ورائه إعلامه لا يعترف بولاية تندوف، وهناك أزمة مزمنة بين المغرب والجزائرى بسبب الشعب الصحراوي، فقد اعتبرت المغرب أن ما نشرته الصحافة المصرية مساندة للجزائر في مواجهتها للمغرب، وهو ما أورثها وجعًا شديدًا وألمًا ملحوظًا.
صحيح أن الصحفيين المصريين الذين سافروا ثم كتبوا بعد ذلك كانوا ينتمون إلى صحف خاصة، إلا أن النظام المغربى اعتبر ما جرى توجهًا رسميًا ومباركة من النظام المصرى للموقف المعلن صحفيًا، ورغم أن شيئًا من هذا ليس جديدًا، إلا أن عقلية الإعلام المغربى الرسمى التي تعتقد أن كل ما تنشره الصحف لابد أن يكون معبرًا عن توجهات النظام، حاسبت النظام المصرى على ما كتبته الصحف.
كانت هناك تفسيرات عديدة للهجوم المغربى الذي رفضت الرئاسة التعامل معه، لكن تظل المعالجة التي قدمتها الصحف الخاصة المصرية -هناك صحفيتان تحديدًا فعلتا ذلك- سببًا في غضب الإعلام المغربى.. ومن ورائه النظام المغربي، والمعنى الواضح أن رشوة صحفية عابرة تسببت في أزمة بين البلدين.
لقد حاولت المغرب عبر قنوات رسمية ودبلوماسية أن تنفى مسئولية نظام الملك عما حدث.. لكن النفى الدبلوماسى لا ينفى أن هناك أزمة وإذا أردتم دليلا على ذلك فليس علينا إلا أن نسمع ما قاله كريم السباعى مدير التواصل للشركة الوطنية للإذاعة والتليفزيون المغربي، وهى الشركة المشرفة على القناة الأولى بالتليفزيون المغربي، حيث وصف الهجوم على مصر والرئيس السيسى بأنه عادى جدًا، وأنه إذا كان هناك تغيير في المواقف تجاه حكام مصر الجدد فإنه يتخطى صلاحياته المهنية، فالسلطة الحاكمة المختصة والمحددة في وزير الاتصال الناطق الرسمى باسم الحكومة مصطفى الخلفى هي التي ينبغى أن يتم التوجه إليها لنيل الجواب عن أي سؤال له علاقة بهذا الشأن.
هناك أزمة إذن.. لكن يبقى أن أشيد بتصرف الرئاسة الحكيم التي رفضت التعليق حتى لا يتسع الخرق على الراتق.
حاولت المغرب عبر قنوات رسمية ودبلوماسية أن تنفى مسئولية نظام الملك عما حدث.. لكن النفى الدبلوماسى لا ينفى أن هناك أزمة.