أكره الخطوط المتعرجة . أتوه فى انحناءاتها وأنزعج بالتفافاتها ، وأؤمن أن الطريق المباشر هو أقرب الطرق لطرح أى حل سياسى لأى أزمة أو مشكلة .
صفقات الليل دائما خاسرة . يخسر الوطن والمواطن لأنهما لا يُخيرا . لا يطلعا على القرار فيؤيدانه أو يرفضانه . فى المساء وصل وفد الكونجرس الامريكى إلى سجن العقرب ففتحت الابواب وخرج نائب المرشد منتفخا ليتفاوض ويتناقش مع الوفد الامريكى .
لم نسأل أنفسنا بأى حق ؟ وبأى صفة ؟ إن هو الا سجين جنائى متهم بالتحريض على القتل . ليس معتقلا سياسيا ، ولا رجل صاحب رأى مختلف . إنه ضلع رئيسى فى جريمة ضد الوطن وضد أمنه واستقراره .
لا أجد مبررا ، ولا منطقا يسمح بمخالفة قواعد السجون ليفتح باب زنزانة متهم ليلا . لا أقبل انتهاك كرامة بلادى التى صاغها شعب عظيم أسقط حكاما مستبدين غير جديرين بها . لا أرضى أن تتكرر زيارات سياح السياسة الأجانب لآثار الظلام فى بلادى ولو كانت اللافتة هى المصالحة .
ما جرى عكس طموحاتنا وأحلامنا . ضد استقلالنا وكرامتنا الوطنية . ضد 30 يونيو عندما خرج الشعب معلنا حقه فى اقرار مصير مصر . ضد وقفة السيسى كالأسد الهصور هاتفا لا تصالح مع الارهاب . ضد الكراهية الشعبية التى ولدت تلقائيا فى نفوس الملايين تجاه سماسرة وتجار الدين . ضد قرارات القضاء الصادرة لملاحقة ومتابعة قيادات الاخوان الداعية والقائلة بالعنف علنا .
ضد نشيد بلادى الذى يردده الصبية كل يوم فى طوابير الصباح المدرسية . ضد عرّق الفلاحين الغلابة وهم يحرثون تراب مصر . ضد شاى العصارى ، وزقزقة العصافير ، ونسائم الصباح ، وتراتيل القرآن فى رمضان ، واغانى الأطفال ، وأجراس الكنائس .
ضد تضحيات أحمد عرابى ، وصلابة سعد زغلول ، وفدائية عزيز المصرى ، ووطنية مصطفى النحاس ، وعزة نفس جمال عبد الناصر .
زيارة الليل استفزت مشاعرنا واستباحت كبريائنا وأربكت ثقتنا فى مصر الجديدة التى كلما تفاءلنا صدمتنا تقلباتها . الزيارة خطأ وخطيئة وسقطة ورصاصة طائشة لا معنى لها . لا بيرنز ولا جراهام ولا حتى من أرسلهما عانى مثلما عانينا ، وخدع مثلما خدعنا ، ودفع ضريبة الدم مثلما دفعنا .
لا تصح الزيارة ولا تصح صفقات الليل واتفاقات الغرف المغلقة ، فالشعب من حقه أن يعرف وأن يقرر وأن يوافق أو يرفض . إننى لا أجد كرامة لمصالحة وطنية بوساطة أمريكية أو أوروبية أو تركية ، ومالم تكن المصالحة مصرية خالصة ، نابعة من ارادة الشعب ، متفق ومتوافق عليها ، فلا مرحبا بها . والله أعلم