البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

احترس من "أندرو مارتن"!

إذا سألتني: من هو أندرو مارتن، هذا الذي تحذرني منه؟ سأعرف على الفور أنك لم تقرأ رواية "البشر" للكاتب البريطاني "مات هيج"، الذي اجتذب في الآونة الأخيرة ملايين القرّاء في أنحاء العالم، لإبداعه الأدبي الرائع، ولقدرته على مزج الخيال العلمي الملهم بالأسلوب الأدبي المتميز.

رواية  "البشر" للكاتب البريطاني المبدع "مات هيج" ليست مجرد عمل خيالي، بل تجربة فكرية تُحرّك أسئلة عميقة حول ماهية الإنسان، وقيمة المشاعر، وعبثية كل ما هو سطحي نعيشه في حياتنا اليومية.

أما "أندرو مارتن"، فهو كائن فضائي جاء إلى كوكب الأرض في مهمة سرية، يتخذ فيها هيئة بروفيسور رياضيات بريطاني.. وبذكاء الكاتب، قرر أن يبدأ روايته بهذه السطور في الصفحة الأولى:

 مستعد؟.. جيد. تنفس بعمق. سأخبرك..

هذا الكتاب، هذا الكتاب الملموس، وقعت أحداثه هنا، على كوكب الأرض.

إنه عن معنى الحياة والعدم... إنه عمّا هو مطلوب لقتل الآخرين وإنقاذهم...إنه عن الحب، والشعراء الأموات، وزبدة الفول السوداني غير منزوعة القشر...إنه عن المادة ونقيضها، كل شيء ولا شيء، الأمل والكراهية.

إنه عن مؤرخة في الحادية والأربعين من عمرها تُدعى إيزوبِل، وابنها غليڤر الذي يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، وعن أذكى عالم رياضيات في العالم.

بإيجاز، يُعلّمك هذا الكتاب كيف تكون بشرًا.. لكن دعني أخبرك بما هو جليّ للأفهام: لم أكن إنسانًا.!

في ليلتي الأولى على الأرض، في البرد والعتمة والرياح، كنت في منطقة مقطوعة...لم أرَ هذه اللغة المكتوبة من قبل، حتى قرأت مجلة كوزموبوليتان في المرأب.. أُدرك أن قراءتك كتابًا بهذه اللغة قد تكون مرتك الأولى أنت أيضًا. ولأمنحك فكرة عن طريقة انتقال القصص بين الناس هنا، ألّفتُ هذا الكتاب على طريقة البشر؛ كلمات بشرية، مطبوعة بخط بشري، منظمة بأسلوبهم.

أعلم علم اليقين أنك ستفهم محتواه، نظرًا لقدرتك الآنية على ترجمة وفهم أعجب وأكثر التراكيب اللغوية بدائية.. الآن، أعاود تذكيرك: لم أكن البروفيسور أندرو مارتن. كنت مثلك.

البروفيسور أندرو مارتن مجرد دور مثّلته، تمويه، شخص احتجت أن أكونه لإتمام المهمة؛ مهمة بدأت باختطافه وموته.(أعرف أن هذا سيثير امتعاضك، ولهذا أنوي عدم ذكر "الموت" مرة أخرى حتى انتهاء هذه الصفحة، على الأقل).

بيت القصيد هو أنني لم أكن عالم الرياضيات في الثالثة والأربعين من عمره، ولم أكن ذلك الزوج، والأب، والأستاذ في جامعة كامبردج، الذي أفنى الأعوام الثمانية الأخيرة من حياته في حل مسائل حسابية لم تُحل آنذاك.

لم أملك، قبل وصولي إلى الأرض، شعرًا بنيّ اللون ذا فرق جانبي طبيعي...كما لم يكن لدي رأي في سيمفونية الكواكب من تأليف غوستاف هولتس، أو ألبوم فرقة توكنغ هيدز الثاني؛ إذ لم أتفق مع مفهوم الموسيقا، أو يجدر بي فعل ذلك عمومًا...وكيف لي أن أُصدق أن النبيذ الأسترالي أقل مرتبة من أي نبيذ مصدره أماكن أخرى على الكوكب، وأنا لم أشرب في حياتي شيئًا غير النيتروجين السائل؟

"انتميتُ إلى كائنات تتكاثر بالتزاوج، ومن نافلة القول أني لم أكن زوجًا مهملًا لأسرته، على علاقة بإحدى تلميذاته، ومتخذًا من تنزيه كلبه - من نوع سبرينغر سبانيل الإنجليزي  - عذرًا للخروج من المنزل". كما لم أكتب كتبًا متخصصة بالرياضيات، ولم أُلحّ على ناشري كتبي ليستخدموا صورة فوتوغرافية شارفت الذكرى الخامسة عشرة على التقاطها. لا، لم أكن ذلك الرجل.

وهكذا، بذكاء وبراعة، أدخلنا الكاتب البريطاني "مات هيج "في روايته الشيقة "البشر"، وجعلنا ننهَم القراءة بشغف لنعرف: ماذا حدث؟

الأسبوع القادم بإذن الله، أُكمل القراءة في هذه الرواية الممتعة، للكاتب البريطاني المتألق "مات هيج"