فض رابعة| مصر تتخلص من بؤرة إرهابية مسلحة.. والجماعة المحظورة تنتج فيلمًا وثائقيًا لتشويه الحقائق.. وتدعي أنه لمنظمات حقوقية ومدنية غير مرتبطة بها
بعد مرور ١٠ سنوات على فض اعتصام ميدان رابعة، يواصل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية بث أكاذيبه ومغالطاته حول حقيقة ما حدث في الميدان الذي شهد أكبر تجمع لأعضاء وأنصار جماعة الإخوان، ممثلًا لبؤرة إرهابية في قلب القاهرة، تحاول الضغط على السلطة السياسية الجديدة بعد ثورة ٣٠ يونيو، لإعادة الرئيس الإخواني المعزول إلى الحكم مجددًا.
وفي محاولة ماكرة، تستعيد الجماعة الإرهابية أحداث فض الاعتصام المسلح بطريقة تجعل منه مظلومية ممتدة، وذلك بإنتاج فيلم وثائقي عن الفض، والادعاء بأنه من صنع منظمات مدنية وحقوقية عالمية، بينما في الحقيقة هو فيلم قام عليه بعناية التنظيم الدولي من خلال أفراد أخفوا الانتماء التنظيمي بهدف خداع الناس.
وكان مسلسل الاختيار في جزئه الثاني، عرض لتفاصيل فض الاعتصام المسلح معتمدًا على مادة أرشيفية حقيقة مصورة لعناصر الجماعة وهي تتحرك بالسلاح وتطلق النار على قوات الأمن، كما عرض النداءات المتكررة لوزارة الداخلية بضرورة إخلاء الميدان والخروج من الممرات الآمنة، كاشفة عن تمكن بعض القيادات الكبيرة من استخدام هذه الممرات للخروج من الاعتصام وترك أنصارها ضحية للتحريض المستمر.
خلايا نائمة للجماعة الإرهابية تقوم بأدوار حقوقية
ويرى الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن محاولة الترويج البائسة لوثائق جماعة الإخوان عن فض رابعة، يُعرض في مراكز ثقافية أو دور عرض مرموقة في لندن، مجرد خداع يمارسه التنظيم الدولي كعادته، لإعطاء صورة أن قضيتهم تلقى ترحيبًا في محافل دولية، وفي الحقيقة أن جماعة الإخوان الإرهابية هي التي أنتجت الفيلم عبر أذرعها الإعلامية، ثم روجت له من خلال شركات تابعة له أيضًا، وفي النهاية ادعت أنه مجهود خاص بمنظمات حقوقية ومدنية غير مرتبطة بالجماعة الإرهابية.
وأضاف "فايز" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن وراء الرواية المزعومة في الفيلم دراسة لأحد المنتمين للجماعة في الأساس، ثم التمويه والاحتيال بأنه صوت حقوقي غير إخواني، وهو عمرو مجدي الذي نشط على مستوى حقوقي دولي بشكل أكبر عقب سقوط حكم الإخوان، وأصبح من أكبر الداعمين لمواقف الإخوان الإرهابية ضد الأنظمة العربية، يختبئ خلف عمله في منظمة هيومان رايتس ووتش، باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واعتمدت المنصات والمواقع الإخوانية على تقرير أعده الباحث عن اعتصام رابعة الإرهابي واصفا إياه بـ المجزرة حسب رؤية "مجدي".
وقال "فايز"، إن اللافت للانتباه أن "مجدي" الذي يظهر في كتاباته فترة حكم الإخوان معارضًا شرسًا للجماعة كان حتى يناير ٢٠١١ إخوانيا تنظيميًا وهى المسألة التي أخفاها "مجدي" فور تعيينه طبيبًا بمستشفيات جامعة القاهرة. ليبدأ رحلة جديدة من الكمون والتشرنق حتى لا يتضرر من انتمائه التنظيمي الذي أعلنه صراحة على مدونته التي أسسها عام ٢٠٠٦ بعنوان طرقعة كيبورد.
وعن سيرة "مجدي"، شرح الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن عمرو أحمد مجدي رفاعي ولد في ١ ديسمبر ١٩٨٤، ويحمل الجنسية الألمانية بعد تنازله عن جنسيته المصرية، وعمل قبل ٢٠١١ مراسلا لموقع الجزيرة القطري، وكان أحد شباب الإخوان المحسوبين على تيار عبدالمنعم أبو الفتوح فترة ٢٠٠٩ وما بعدها، وهى الفترة التي اصطدم فيها شباب الجماعة بالتنظيم.
ويعتبر عمرو مجدي صديق مقرب للإخواني عبدالرحمن منصور مؤسس صفحة كلنا خالد سعيد وكان من القلائل الذي علموا اسم مدير الصفحة قبل الكشف عنه فبراير ٢٠١١، واعتمدت عليه قناة الجزيرة بشكل كبير في التصريحات التي وصلت إليها من القاهرة فترة انقطاع الاتصالات في يناير ٢٠١١.
مستكملا: استفاد عمرو مجدي بشكل كبير من إخفاء انتمائه التنظيمي تحديدا مع سقوط حكم الإخوان وانتقاله لأوروبا متنازلا عن الجنسية المصرية، مساهما بشكل كبير في ترويج أكاذيب عن اعتصام رابعة الإرهابي لافتا إلى أنه اعتصام سلمي وهى الأكاذيب التي استعان بها الإخوان في وثائقي عرض مؤخرا في لندن لتزيف حقيقة الاعتصام الإرهابي وطمس جرائم الجماعة في ميدان رابعة العدوية عام ٢٠١٣
ولفت "فايز" إلى أنه من الصعوبة الحصول على أي بيانات تخص شاب بدأ صحفيًا بموقع الجزيرة القطري وهو ما يزال طالبا في كلية الطب جامعة القاهرة عام ٢٠٠٦، ورغم عمله بالصحافة يختفي ذكر أي معلومات متعلقة بمجدي وعلاقته بتنظيم الإخوان بعد عام ٢٠١١ وحتى عام ٢٠١٣. ويعمل مجدي كخلية نائمة منذ تعيينه طبيبا فى مستشفيات جامعة القاهرة.
وهكذا فإن كشف الكاتب والباحث سامح فايز عن دور عمرو مجدي بوصفه عضوا ضمن الخلايا النائمة التي اخترقت المؤسسات الحكومية وأخفت الانتماء التنظيمي لها، حيث تم إعداده وتجهيزه ليتم استخدامه في دور جديد ليدخل الساحة تحت قناع جديد وهو العمل الحقوقي لخداع الناس، وتمرير قضايا ومظلوميات جماعة الإخوان الإرهابية.
النداء الأخير
ورصدت المقاطع الأرشيفية المصورة تحرك أعضاء جماعة الإخوان وأنصارها يحملون أسلحة مختلفة وزجاجات المولوتوف، كما أنها استعدت لمواجهة الفض وصنعت عراقيل بعدما كسرت الأرصفة لترشق بها سيارات الأمن، بينما كانت تدوي في المكان نداءات وزارة الداخلية بالاستماع إلى العقل والمنطق وتغليب مصلحة الوطن، كما نصحت سكان المنطقة بالابتعاد عن الشرفات والنوافذ والالتزام بالبقاء داخل المنازل حرصا على سلامتهم.
وفي الناحية الأخرى تتعالى هتافات المنصة والميدان لتمنع وصول رسالة وزارة الداخلية إلى باقي المعتصمين، وتحول بينها وبين التأثير على المخدوعين بخطاب الجماعة الإرهابية، الذي يطالب الجميع بالبقاء في الميدان والهتاف ضد الأمن، بينما خرجت مجموعة من القيادات هاربة لتلحق باخرين فروا خارج مصر إلى بلاد وعدتهم بالإيواء والدعم.
لا سبيل إلا بفرض احترام القانون
وفي دراسة له بعنوان "داعش والجهاديون الجدد" أكد الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، أن استمرار الاعتصامات لفترة أكثر من شهر بعد عزل مرسي في ٣ يوليو ٢٠١٣ تحول إلى تهديد للأمن الوطني المصري، وأصبح واجب الحكومة الانتقالية اتخاذ القرار بفض تلك الاعتصامات، والحكومة وجهت لها الانتقادات بالتردد في فض الاعتصامات التي تحولت إلى فوضى، هذه الفوضى لا يمكن القبول بها في أعرق الدول الديمقراطية عندما تتخذ جانب العنف والسلاح.
ورغم أن قوات الأمن لم تستخدم السلاح بفض اعتصامي النهضة ورابعة ورغم استخدام الإخوان السلاح والذخيرة الحية التي راح ضحيتها بعض أفراد الأمن والشرطة، فإن لا يوجد خيار في مصر إلا فرض السلطة والقانون ومواجهة التنظيمات الجهادية.
وأشاد في الوقت نفسه بحكمة القرار المصري، حيث جاء قرار الحكومة في محله بفرض حالة الطوارئ ومنع التجوال في القاهرة وبعض المحافظات. فلا خيار في مواجهة العنف في مصر إلا بفرض السلطة المركزية وفرض القانون أمام مجموعات وفكر تحول إلى جهادي بهدف إسقاط دولة وليس حكومة.