البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الوقف| «الزبادي».. راعي الصغار والخدم الذين يكسرون الأواني

آنية وقف الزبادي
آنية وقف الزبادي

لعب نظام الوقف الذى أنشأته الحضارة الإسلامية دورًا كبيرًا فى القيام بالمهام الاجتماعية والإنسانية التى لم تستطع الزكاة النهوض بها.

ومن روعة تلك الحضارة، ديمومة الوقف، لضمان استمرار الإحسان، وإيجاد ما يلزمه من الموارد، فحاجات الناس تكاد تتشابه فى حقيقتها على اختلاف الأماكن والأزمان، لذا حبس لها الوقف من الموارد ما يقوم بشأنها، حتى لا تُحرم الأجيال المتعاقبة من موارد للخير تكفل استمرار الرحمة.

وأعطى «محمد كرد علي» فى كتابه «خطط الشام» نموذجا لتوسع الوقف بقوله: «ولقد تفنن القوم فى أنواع الأوقاف، حتى لا يكاد يخطر ببالك خاطر فى الوقف، إلا وتجد من سبقك إليه، مما أوشكت أن تكون معه معظم ديار الإسلام موقوفة.

وكانت ثلاثة أرباع الأملاك فى المملكة العثمانية وقفًا على الجوامع والمساجد»، » لذلك عُدت الأوقاف على طول الزمن من أعظم القربات حتى قالوا: «إنّ من لم يمت عن وقف مات ميتة جاهلية».. محمد كرد على وكتابه «خطط الشام» ومع اتساع جوانب الوقف وأغراضه، جاءت الرحمة كعنوان بارز تنوعت تجلياته، حتى أصابت الصغار والخدم، والفقراء، والنساء الغضبى، والطيور المهاجرة، والكلاب الضالة، والحيوانات المسنة.

فيذكر تاريخ الوقف، أنه راعى الصغار والخدم الذين يكسرون الآنية، التى كانت تسمى قديما «الزبادي» ويخشون تعرضهم للعقوبة، فكان الوقف يمنحهم آنية بديلة، يحكى الرحالة الشهير «ابن بطوطة» فى «تحفة النظار» أثناء مروره بدمشق، قائلا: «مررت يوماً ببعض أزقة دمشق، فرأيت بها مملوكاً صغيراً قد سقطت من يده صحفة من الفخار الصينى، وهم يسمونها الصحن، فتكسرت، واجتمع عليه الناس، فقال له بعضهم: اجمع شقفها واحملها معك لصاحب أوقاف الأوانى. البيمارستان الآرغونى فجمعها، وذهب الرجل معه إليه، فأراه إياها، فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن»، وكان فى مدينة «فاس» المغربية مكان يسمى بـ"دار الشيوخ» يشبه الفندق أو قاعات الأفراح الحديثة، موقوفة على توفير الخدمة للمكفوفين، فكان إذا اقترن المكفوف بمكفوفة، أقام فى الدار زفافه جبرا لخاطره، وإسعادا لنفسه.