البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

حكايات مجهولة.. المأمون يستنكر التقليل من صحابة النبي الكريم

البوابة نيوز

نقل ابن طيفور الكاتب في تاريخه لبغداد زمن الخليفة العباسي المأمون، أن الخليفة لما دخل المدينة أمر القاضي يحيي بن أكثم أن يجمع له أهل العلم، فنظم له القاضي مجلسًا للعلم، ثم ناقش المأمون يحيي وعلق تعليقًا طويلا حول طائفة لاحظها في المجلس تقلل من شأن الصحابة.
يقول المأمون: فطائفة عابوا علينا مَا نقُول فِي تَفْضِيل على بن أبي طَالب رَضِي اللَّهِ عَنهُ وظنوا أَنه لَا يجوز تَفْضِيل على إِلَّا بانتقاص غَيره من السّلف وَالله مَا اسْتحلّ أَن انْتقصَ الْحجَّاج فَكيف السّلف الطّيب. وَإِن الرجل ليَأْتِيَن بالقطعة من الْعود، أَو بالخشبة، أَو بالشَّيْء الَّذِي لَعَلَّ قِيمَته لَا تكون إِلَّا درهما أَو نَحوه فَيَقُول: إِن هَذَا كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، أَو قد وضع يَده عَلَيْهِ، أَو شرب فِيهِ، أَو مَسّه وَمَا هُوَ عِنْدِي بِثِقَة وَلَا دَلِيل على صدق الرجل إِلَّا أَنِّي بفرط النِّيَّة والمحبة أقبل ذَلِك فاشتريه بِأَلف دِينَار.
يضرب الخليفة بتعظيمه لعود أو قطعة خشب ظن أم مسها رسول الله فكيف يقلل من شأن صاحبته الذين نصروه ووقفوا بجواره، حيث يقول: أَضَعهُ "يقصد العود" على وَجْهي وعيني وأتبرك بِالنّظرِ إِلَيْهِ وبمسه فأستشفي بِهِ عِنْد الْمَرَض يُصِيبنِي أَو يُصِيب من أهتم بِهِ فأصونه كصيانتي نَفسِي وَإِنَّمَا هُوَ عود لم يفعل هُوَ شَيْئا وَلَا فَضِيلَة لَهُ تستوجب بِهِ الْمحبَّة إِلَّا مَا ذكر من مس رَسُول اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، لَه، فَكيف لَا أرعى حق أَصْحَابه وَحُرْمَة من قد صَحبه وبذل مَاله وَدَمه دونه وصبر مَعَه أَيَّام الشدَّة، وأوقات الْعسرَة وعادي العشائر والعمائر، والأقارب، وَفَارق الْأَهْل وَالْأَوْلَاد واغترب عَن دَاره ليعز اللَّهِ دينه وَيظْهر دَعوته.
وتابع المأمون مندهشًا: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالله لَو لم يكن هَذَا فِي الدّين مَعْرُوفا لَكَانَ فِي الْأَخْلَاق جميلا، وَإِن من الْمُشْركين لمن يرْعَى فِي دينه من الْحُرْمَة مَا هُوَ أقل من هذا.
نقل هذه المروية التاريخية عن علاقة الخليفة العباسي المأمون بالصحابة والإمام على، ابن طيفور الكاتب صاحب تاريخ بغداد والمتوفي عام 280 للهجرة، ويعد أول من ألف لتاريخ مدينة بغداد.