البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

وماذا بعد رمضان؟


ماذا بعد رمضان؟ يطرح هذا السؤال نفسه بعد شهر كامل من الصيام والتعبد. بعد شهر كامل من الشعور بالروحانية. بعد شهر كامل من السلوكيات التي قد نظنها قشورا من الخارج لكنها في الواقع تؤثر بك جدًا. فهذه الفروع من النور الكهربائي التي تعلقها المنازل بين شرفاتها مع الوقت لا تضيء الشارع فقط بل إن نورها ينتقل رويدًا رويدًا إلى داخلك وداخل الأشخاص الذين يمرون في ذلك الشارع طقوسيًا كل يوم في موعد محدد ولغرض محدد كالعودة من العمل أو صلاة التراويح مثلًا. هذه التفاصيل الصغيرة تجعلك تشعر بشعور يشبه نوعًا ما الاطمئنان للون من الألوان لمجرد أن والدتك عودتك أن هذا اللون مخصص لملابس النوم مثلًا، ومن ذلك جاء تخصيص اللون الأبيض لملابس النوم قديمًا. ليس هذا فحسب بل إن النظرة لمجموعة من العادات في رمضان بطريقة غير تقليدية تجعلك تترجم الأمور بشكل جديد. وتجعلك تنظر لنفسك أيضًا بشكل جديد.
إن هذا التنظيم لحياتك يجعلك ترى الحياة بشكل أوضح يصنع منك شخصًا ملتزمًا إلى حد ما. فأنت تأكل بمواعيد حتى لو أفرطت في تناول الطعام بين الفطور والسحور، وما يرتبط بذلك من أمور مثل إعداد الطعام والنوم واليقظة وتبادل الزيارات أو حتى تبادل الاتصالات وقضاء المشاوير المختلفة في مواعيد محددة. كل هذه التفاصيل تنقل لروحك نسبيًا نوعا من الإيقاع المنتظم للحياة، لأن روحك في الأصل خلقت على نحو يمتص البيئة المحيطة بك سواء قبلت أو رفضت، فهي لا تغلق عيونها أبدًا مهما حدث. مع الوقت تبدأ في اكتساب بعض التكيف الذي يعطيك صورة من ذاتك قد تحبها، وهي شخص يلتزم بنمط حياة معين. ثم ينتهي الشهر وتبدأ في إفساد هذا النظام بكل ما أوتيت من مقدرة لمجرد أنك تريد الإحساس بأن قيودك قد تكسرت. الحقيقة أنك لا تفكر في هذه الأثناء في أن هذا الشهر نموذج متكامل لقدرتك على الالتزام بنظام كامل يهديك لتحقيق أهداف بعينها، وأن مظاهر الاحتفال لم تكن إلا رغبة منك في أن تقول لذاتك أنا فرح بالمكافأة التي وعدني الله بأن أتلقاها لقاء التزامي في شهر رمضان. هذا مع الاعتراف طبعًا ألا مكافأة توازي مكافأة الثواب من الله أبدًا، إلا أن الدين المعاملة ورمضان يقدم لك نموذجًا لتلك القدرة التي تملكها أنت داخلك على الالتزام، ومن ثم التغيير. أنت شخص قادر على العمل من أجل هدف معين شرط أن تؤمن بهذا الهدف. فالإيمان مفتاح القدرة على التغيير. آمن كي تستطيع أن تحقق ما تؤمن به، وأن تؤمن بشيء يعني أن ترغب في الشيء بشدة لأنك تعتقد به اعتقادًا راسخًا. وعندها تستطيع أن تفعل ما تريد.