البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

بين المريض الإنجليزي.. وآفة العقل العربى!


رغم أننا نمتلك الكثير من القامات المشرفة في كل المجالات، إلا أننا في الغالب لا نشعر بهم أو بقيمتهم الحقيقية، إلا حين يكرمون في الخارج أو يحصلون على جوائز عالمية، وفجأة تنهال الأحاديث الصحفية واللقاءات التليفزيونية، وتقدم لهم الشهرة على طبق من ذهب!..وكأننا لا نعترف بنبوغ أبناء الوطن إلا بعد حصولهم على "صك الغفران"!.. فمن ضمن أمراضنا الاجتماعية والنفسية التى نعانى منها "عقدة الخواجة"، والتى تجعلنا نتجاهل قيمة من يعيشون بيننا، ولا نقدرهم إلا بعد أن نجدهم مكرمين في الغرب!.. وكم عانينا من تهميش لمبدعين كثر لحساب أجانب أقل إمكانيات وخبرات – والفارق المادى الشاسع بين رواتب الفنانين المصريين والأجانب في مؤسساتنا الثقافية الرسمية خير مثال-!..وهو ما جعل فكرة الجوائز تستغل لتوجيه بُصلة الشعوب لأهداف خبيثة في أحيان كثيرة!.. فقد تستغل لتعظيم مكانة بعض الشخصيات، حتى يتمكنوا من القيام بأدوار معينة، كالتحريض على الأنظمة الحاكمة، أو نشر أفكار تتعارض مع القيم والعادات والتقاليد.. فعلى سبيل المثال يتم إنفاق المليارات لتقبل فكرة المثلية الجنسية من خلال دعم المنظمات التى ترعى حقوق المثليين وتستهدف الترويج للفكرة، وكسر الحواجز التى تجعل الكثير من المجتمعات ترفضها بحكم الفطرة، وإنتاج أفلام سينمائية ضخمة تخلق تعاطفًا مع المثليين، ومنح الجوائز العالمية في الأدب والفن للأعمال التى تروج للمثلية وغيرها من أفكار تدعو للإباحية وهدم القيم الدينية.. وأذكر مقالا للباحث الجيوسياسى/عمرو عمار عن منصات الجوائز الدولية التى تروج للمثلية، وأعطى مثالين هما: رواية"عمارة يعقوبيان" التى أصبح بعدها علاء الأسوانى أديبًا عالميًا.. والفنان/رامى مالك ذو الجذور المصرية الذى نال الأوسكار عن فيلم كما وصفه عمار:"لمست فيه شفتاه شفتي رجل آخر".. وهو ما يجعله قدوة، وقد يتأثر البعض بدوره في الفيلم كبطل مثلي!..وقد أشار المفكر العربى الدكتور/طاهر كنعان-الذى شغل منصب وزير شئون الأرض المحتلة، ووزير التخطيط، ونائب رئيس الوزراء ووزير الدولة لشئون التنمية في الأردن- على نفس الفكرة باستغلال الفن للترويج لأفكار مسمومة.. وكتب في أحد مقالاته بتاريخ 21 مارس2009:"يلجأ اليهود الصهيونيون إلى أخبث الأساليب حتى من خلال تسخير أنبل النشاطات الإنسانية وهو الفن.. وللتدليل على ذلك لن أنسى مثالا واحدا بعينه:في عام 1992 صدرت للأديب الكندى سريلانكى الأصل/ميشيل أونداتجى رواية رائعة بعنوان(المريض الإنجليزي) نالت عدة جوائز وترجمت إلى عدد كبير من اللغات.. وفى عام 1996 قامت إحدى شركات السينما بإخراجها في فيلم سينمائى.. وسرعان ما طبقت شهرة الفيلم الآفاق بعد حصوله على تسع جوائز أوسكار بما فيها(الفيلم الأحسن)..وكنت أحد الذين تأثروا بتلك الشهرة.. فشاهدت الفيلم لأجده فيلما فوق المتوسط في الجودة ولا يضاهى جودة الرواية التى حاول محاكاتها..وبت أتساءل: ماذا في الفيلم ما جعل هيئة التحكيم للأوسكار تكيل له كل تلك الجوائز!..وطفت بتساؤلى على عدد من الأصدقاء الذين شاهدوا الفيلم فلم ألق لديهم إلا الحيرة ذاتها.. وحين استعرضت في الذاكرة ما الذى أعجبنى وما الذى لم يعجبنى في الفيلم.. وجدت أنه احتوى مقاطع جيدة وكذلك مقاطع مملة في عرضه الذى يستغرق ساعة ونصف..ولكن لم يكن ثمة ما اعتبرته مزعجا حقيقة سوى مشهد واحد لم يكد يستغرق ثلاث دقائق!..يتلخص المشهد في ضابط نازى ينتمى إلى جهاز الأمن الألمانى سيئ السمعة(إس إس) المشهور بمسئوليته عن أسوأ ما قام به النظام النازى من قتل وتعذيب وجرائم ضد الإنسانية..في المشهد يحاول الضابط أن ينتزع معلومات أو اعترافات من بطل الفيلم الذى وقع في أسره..لكن ضابط الـ(إس إس) هذا، ويا للغرابة، لم يلجأ إلى ضرب السجين أو تعذيبه بالكهرباء أو أى من تلك الوسائل، بل لم يقم هو بأى فعل بنفسه.. ما فعله هو أن أشار فدخلت غرفة الاستجواب(أو التعذيب) فتاة جميلة سمراء ترتدى خمار الممرضات..فخاطب الضابط النازى السجين قائلا: هذه فلانة وهى مسلمة، ولذلك فإنها بموجب إيمانها الدينى(الذى يعاقب بتقطيع الأيدى والأرجل) لن تجد أى حرج في فرم أصابع يديك العشرة إذا استمر إصرارك على حجب الاعترافات التى نطلبها منك!..اللافت أن الرواية الأصلية التى اشتقت منها قصة الفيلم ليس فيها أى واقعة من هذا القبيل!..إننى أزعم أن الفيلم تعمد بإصرار أن يجعل تلك الرسالة بالغة السلبية عن الإسلام تنزرع زرعا في العقل اللاواعى للمشاهدين حتى تصبح جزءا من الإدراك الذى يحدد فهمهم للإسلام ومواقفهم منه.. كما أزعم أن كومة جوائز الأوسكار التى حصدها الفيلم ليست تقديرا لإسهامه في الفن السينمائى بل لتمكينه من التسويق الناجح الذى يوصل رسالته إلى أوسع جماهير المشاهدين!"..ولعلنا نستفيق وندرك أغراض من يدسون لنا السموم..ونعتز بقدراتنا التى تحجمها آفة العقل العربى في انتظار صك غفران من الخارج.