البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

عيد الشرطة .. بين التهنئة والمستقبل


يؤرخ 25 يناير عيداً للشرطة المصرية حين وقف مستر اكسهام القائد الانجليزي بمدن القناة وجنوده من قوات الاحتلال وقاموا بتحية النقيب مصطفي رفعت وجنوده لموقفهم المتفاني للدفاع عن مركز البوليس بمحافظة الاسماعيلية ورفضهم الاستسلام ومقاومتهم الشجاعة فى معركة شرسة غير متكافاة .
حيث كان افراد الشرطة المصرية لا يحملون سوي البنادق العتيقة المعروفة باسم " انفليد " والبدائية امام مدرعات وعربات ومدافع الجيش الإنجليزي المتطورة والتى دمرت مبني مركز البوليس المكون من دورين تدميراً كاملاً .
وقد استمرت المقاومة رغم تحذيرات اكسهام عبر بوق مكبر صوت من اجل خروج البوليس المصري تاركين اسلاحتهم واعلانهم الاستسلام .
وهو الامر الذي رفضه النقيب الشاب مصطفي رفعت قائد المركز بعد مداولة مع الملازم اول مجدي عبد السميع والذان رفضا التسليم مع جنودهم ودخلوا فى مقاومة غير متكافأة استشهد خلالها 80 شرطياً من الجنود والصف والتى ارتفعت فيها اسماء الشهداء الى السماء .
ومن هنا جاءت دهشة اكسهام الذي وقف وجنوده الانجليز لتحية النقيب مصطفي رفعت ورفاقه من الذين ظلوا على قيد الحياة اثناء خروج الجثث والمصابين ليسجلوا صفحة ناصعة وتكون بداية عيد الشرطة المصرية الذي مر عليه 68 عاماً ونحتفل به هذه الايام .
وهناك صفحات طويلة من بطولات وتضحيات رجال الشرطة عبر المعارك الوطنية منها تعاون الضباط المصريين مع الفدائيين فى معركة بورسعيد الوطنية ضد العدوان الثلاثي عام 1956 ، كذلك تدريب افراد الشعب باسم الحرس الوطني فى كافة محافظات مصر .
كما شهدت معركة كفر احمد عبده بالسويس تعاون رجال الشرطة الرافضين لهمجية الجنود الانجليز وقد شهد التاريخ التلاحم بين الشرطة والشعب فى كافة محافظات مصر عبر المعارك ومقاومة الانجليز والفرنسيين فى محافظات الصعيد والوجه البحري .
ولعل ابهي صورة للشرطة المصرية كانت فى مقاومة القوات الاسرائيلية اثناء محاولاتها اقتحام قسم شرطة الاربعين بالسويس فى اكتوبر 1973 حيث وقفت قوات الشرطة والمقاومة الشعبية ضد الجنود الاسرائليين وقتلتهم امام القسم الذي تهدم جزء منه واستشهد بداخله جنود وضباط متجاورين مع ابطال المقاومة الشعبية الذين استشهدوا على سور القسم وامام بواباته فى معركة تعتبر الاهم فى التاريخ المصري الحديث ، هذا غير الشهداء والمصابين من الشرطة المصرية فى معارك الارهاب والتطرف ومقاومة الجريمة حتي الان.
وقد شهدت وزارة الداخلية 22 وزيراً منذ الخمسينات وهم " سراج الدين – عباس رضوان – عبد العظيم فهمي " وامتدت الى فترة الستينات بالوزراء " زكريا محي الدين – شعراوي جمعة الذي كان يجوب المحافظات للاطمئنان علي المهجرين من ابناء مدن القناة " السويس – الاسماعيلية - بورسعيد" وامتدادا الى السبعينات حيث لمع الوزراء " ممدوح سالم – السيد فهمي – النبوي اسماعيل " الى فترة الثمانينات التى كان فيها الخبير الامني الكبير " حسن ابو باشا " صاحب تجربة الامن السياسي والذي الف كتاب "كنت وزيرا للداخلية " وما به من دروس مستفادة هامة وتحليل سياسي فى العمل الشرطي والامن الجنائي والسياسي.
مروراً باللواءات " احمد رشدي – محمد عبد الحليم موسي و حسن الالفي" الي فترة الالفية الاخيرة التى شهدت وزارة الداخلية كلا من الوزراء "حبيب العادلي –محمود وجدي – منصور العيسوي – محمد ابراهيم يوسف – احمد جمال الدين – وابن السويس اللواء محمد ابراهيم شريك الرئيس عبد الفتاح السيسي فى ثورة 30 يونية فى مواجهة الاخوان والتطرف .بالاضافة الى الوزير مجدي عبد الغفار وحتي الوزير الحالي اللواء محمود توفيق .
لقد اكد الدستور المصري فى المادتين ( 206 – 207 ) "بأن الشرطة هيئة مدنية نظامية فى خدمة الشعب وولائها له وتكفل للمواطنين الطمائنينة والامن وهي التى تسهر على حفظ النظام العام والاداب العامة وتلتزم بما يفرضه عليه الدستور والقانون من واجبات مع احترام حقوق الانسان وحريته الاساسية .. وهو ما ينظمه المجلس الاعلي للشرطة "
والان ونحن نحتفل بالعيد 68 للشرطة المصرية بتاريخها العريض فى بسط الامن ومكافحة الجريمة والارهاب والتطرف وبما قدمته من شهداء ومصابين فان الامر يتطلب منا الوقوف على بعض التحديات المهمة لامن المجتمع منها :
•اهمية التفعيل الافضل لادارة حقوق الانسان على كافة المستويات من الوزارة مروراً بالادارات والقيادات وحتي مدريات الامن بالمحافظات واقسام الشرطة فى كافة محافظات الجمهورية .
•الاهتمام بنشر التقرير السنوي الاحصائي عن الجريمة والمعروف باسم تقرير مصلحة الامن العام عن الجريمة فى مصر وهو التقرير الذي طالب به وابتكره " راسل باشا " حكمدار العاصمة فى العشرينات من اجل الوقوف على حجم الجريمة وتصنيفها وتحليلها لمواجهة تطورها ووضع اساليب لمكافحتها وهو التقرير الذي توقف نشره منذ سنوات .
•ضرورة عرض التقارير الدورية عن حالة الامن الجنائي والسياسي على مجلس النواب حتي تتمكن لجنة الامن فى المساهمة لوضع رؤية سياسية لمواجهة الجرائم وبما يتواكب مع تطور نوعية وحجم الجريمة فى مصر.
•ضرورة التعاون بين وزارة الداخلية والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لانه يصدر المجلة الجنائية القومية ومجلة التعاطي والادمان هذا غير البحوث الراقية علمياً وعلاقاتها بالامن الاجتماعي .
•اصبحت اكاديمية الشرطة مركزاً علميا ومن هنا لا بد من تطوير مناهجها ودراساتها العلمية وفتح مناقشات للرسائل عن الجرائم الجنائية والسياسية للباحثين ونشر تلك الابحاث بالتعاون مع الجامعات وسوف يساهم كثيرا فى مكافحة الجريمة.
واخيراً فاننا نطالب مجلس النواب باعادة النظر وتطوير التشريعات التى تخص عمل الشرطة المصرية وعلاقتها بالمجتمع لتتواكب مع تطور ونوعية الجرائم منها " الالكترونية – العصابات الدولية – سرقة الاعضاء – مافيا المخدرات المصنعة – الارهاب ".. وتبقي تحية لكل لشهداء الشرطة ومصابيها ورجالها المحترمين ورحم الله اللواء مصطفي رفعت الذي توفي بعد ان شغل موقع مدير أمن محافظة السويس فى فترة هامة فى تاريخ الوطن.