البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الزاحف الصغير ينفخ النار كي لا تكون بردا وسلاما


ربما لا ينكر أحد أنه رأى كائن "البرص"، ربما في بيته أو في أحد الأماكن المطلة على الحدائق، تراه دائما على الحوائط والسقف وبجوار لمبة مشتعلة، ثابت لا يتحرك، أو يتحرك ببطء، ولو راقبته جيدا قد تسمع صوته، الذي يشبه نقيق الضفادع.
اسمه "البرص" أو "أبو بريص" ويسمى أيضا "الوزغ" ، وهو من الزواحف رتبة "الحرشفيات" ، ومن خواصه أنه ذاتى الانشطار، البعض منها وليس جميعها، حيث تفصل الذيل عن الجسد حينما تشعر بالخطورة في حالة المطاردة، لينتبه المطارد إلى الذيل فيستطيع البرص الهرب منه، لأن البرص لديه القدرة على تعويض ذيله أو أحد أطرافه، لذلك يجب على الإنسان أن يقوم بقطع رأس البرص عند قتله، حتى يتأكد تمامًا من التخلص منه، والمعروف أن البرص بلا جفن وتستطيع بعض الأبراص المشى على الحوائط مثل البرص المنزلى، وقد تخصصت عائلة في "أبو رواش" بالجيزة في صيد الأبراص والتجارة فيها، وبيعها بالدولار.. كذلك الأبراص أنواع، غير البرص المنزلي الشهير، منها المنقط وأبو أربع نقط و أبو عين واسعة والأبتر وأبو كف وتباع داخل وخارج مصر لاستخدامها في أغراض البحث العلمي. وتبدأ أسعارها من 2 دولار إلى 10 دولارات للبرص الواحد.
وللبرص في الثقافة الشعبية المصرية والدينية كذلك حكايات و "أحاديث نبوية" ، فتجد أغلب المصريين يفضل "ضربه بالشبشب" لأن الأسطورة تقول إن "البرص" ينفث في الملح المكشوف، فيفسده، وأيضا إذا مر على الطعام أو الملح المكشوف يصيب الإنسان بمرض "البرص"..
ومن الواضح أن لون البرص من أهم الأسباب التي دفعت الناس الى اتهامه بالتسبّب بمرض البرص، هذا من أكثر الأفكار رسوخاً في الوعي الجماعي لمجتمعاتنا إلى درجة الاعتقاد أنه لو مرّ على بشرة أحدنا فسيترك وراءه خطّ مسار من البرص، غير أن ما يعرف بالبرص قد يكون المقصود به مرض الجذام، وهو من أقدم الأمراض المعروفة لدى البشر، وتسببه جرثومة بكتيريا من نفس فئة جرثومة السل .
وينتقل هذا المرض عبر الاحتكاك الجلدي المباشر بين البشر أو عبر إفرازات الأنف، وليس للبرص علاقة بذلك من قريب أو بعيد، أما البهاق الذي يدعى خطأً بـ "البرص" فهو خلل جيني وراثي، ولا علاقة لأيّ كائن حيّ بذلك، لا البوبريص ولا غيره .
جلّ ما يفعله البوبريص المنزلي هو التنقل ليلاً على جدران البيت الداخلية والخارجية (وهو أمهر المتسلقين)، وخاصة قرب الأضواء حيث يتربص بالحشرات والعناكب التي كثيراً ما تنجذب للضوء. لذلك يسمّونه عند بعض الشعوب بـمنظف المنازل، لإسهامه في تخليصها من الحشرات المنزلية .
ورغم فزع أهل الأرض منه فإن أهل السماء لا يطيقونه أيضا، ويرجع ذلك الى أقاويل السلف أنه لما خرجَ قوم إبراهيم - عليه السلام- في عيدٍ لهم ووضعوا قربانًا لأصنامهم، تمارض عندها نبي الله إبراهيم -عليه السلام- وأقسم ليكيدنَّ أصنامهم فحطّم الأصنام التي يعبدها قومه من دون الله تعالى، وجعلَ الفأس مُعلقةً في عنق كبير الأصنام ليخبرهم بأنّه هو من فعلها وليعلموا أن هذه الأصنام لا تنفعهم من دون الله. ولما عرفوا ما فعله إبراهيم تآمروا عل قتله، وقاموا بحرقه في النار واختاروا ذلك ليشارك الجميع في قتله وفي إشعال النّار، وكلما قال الله يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم اجتمعت كائنات الأرض كي تساعد في اطفائها ما عدا البرص الذي كان ينفخ في النار لتزداد اشتعالا، فقيل أن الرسول - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- قد أمر بقتله، وكتب في الأساطير أن الله قد حرَّم عليه الجنة هو والأفعى والطاووس .