البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أكتوبر والإعلام وبدو سيناء!


دار المعزة على الرأس والعين
ونعاهد الله ما نخون الأمانة
والله نصرنا في ثلاثة وسبعين
وخير جند الأرض جيش الكنانة
هذا مقطع من قصيدة طويلة تتغنى بانتصارات أكتوبر لشاعر بدوى من أبناء أرض الفيروز "حمدان سيف الله الترابين"، وهو اليوم يشارك مع عدد من شعراء بادية سيناء في احتفالية محافظة جنوب سيناء بذكرى نصر 6 أكتوبر الـ 47 على هامش سباق الهجن "الجمال"، هذه هى عادات البدو، يسجلون انتصاراتهم وأفراحهم وآمالهم وآلامهم في أبيات القصيد، وتنقل ريح الصحراء عبر الاجيال أشعارًا وقصائد تغنت بحرب أكتوبر المجيدة واحتفت ببطولات فرسان البادية جنبًا إلى جنب بطولات ومعجزات وحوش الجيش المصرى.
لم نكن وحدنا نحن أبناء وادى النيل نغنى لسيناء تألمًا وفرحًا، فرءوس التلال وقمم الجبال وحتى وحوش الوديان كانت تستمع هى الأخرى إلى أجمل ما كتب بدو سيناء في عشق رمالها، واحتفوا مثلنا بالضبط ببطولات جنود أرض الكنانة.
كتبت في هذه الزاوية غير مرة أننا بحاجة إلى استكمال حرب أكتوبر المقدسة بالعبور إلى أهالينا القابعين بعيدًا في الوديان المرابطين على حدودنا الشرقية مستخدمين هذه المرة الثقافة سلاح مصرنا الناعم.
ليس من شك أن الدولة استكملت حرب العبور بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر مشروعات صناعية وزراعية وتعدينية عملاقة بيد أن العبور بالثقافة يبقى معركة مهمة ورئيسة لا بد من خوض غمارها.
العبور إلى أهالينا في بادية سيناء وباقى بوادينا بثقافة النهر ليس كافيًا لربط وجدان أبنائنا وأخوتنا بثقافة وادى النيل، فهم أيضًا لهم ثقافة وفنون وأدب، شعر وغناء، وعادات وتقاليد يعتزون بها بل إنها تمثل كل شيء في التعريف بهويتهم ولا سبيل لتحقيق الاندماج الكامل إلا بالسماح لثقافتهم بالعبور إلينا حتى يتأكد إحساسهم بأنهم جزء من وجدان ثقافة هذا الوطن، وأن ثقافتهم أحد تكوينات موزاييك الثقافة المصرية الثرية بتعددها وتنوعها.
لا تنقطع الحوارات بينى وبين كثيرين ممن أعرفهم من أبناء سيناء، وفى كل مرة يكون الشعور بتهميش ثقافتهم هو محور الحديث والغصة التى لا تزال عالقة في الحلوق.
من حقنا نحن أبناء وادى النيل أن نسمع موسيقى وغناء وشعر أهالينا في البادية، ولن أمِل من تكرار القول بأنه ليس مقبولًا ألا يحرك أحد ساكنًا ليروج بين المصريين على جنبات نهر النيل ثقافة وموسيقى وإيقاعات المصريين الذين يعيشون على أطراف هذا الوادى يحرسون حدوده ويزودون عن تخومه.
بالمناسبة إيقاعات وأغانى على حميدة وحميد الشاعرى وصلت سريعًا إلى آذان سكان النهر ولم تواجه عائقًا أو حاجزًا، وبالمثل لا تقل إيقاعات وموسيقى وشعر بادية سيناء جمالًا وإن كانت تتميز بشعرها النبطى الرصين.
كامل المسئولية تقع على إعلام المركز بكل أشكاله وأنماط ملكيته.
المسئولون عن إنتاج الدراما أيضًا يتحملون جانبًا كبيرًا من هذه المسئولية، وقد اقترحت في هذه الزاوية قبل أشهر بمناسبة عرض مسلسل الاختيار إنتاج مسلسل يسجل بطولات الشيخ سالم أبو لافى الذى رحل شهيدًا بينما كان يقاتل كتفًا بكتف وجنبًا إلى جنب الشهيد أحمد المنسى وغيره من أسود الجيش المصرى ضد خفافيش الظلام، فمن ناحية يملك الرجل تاريخًا وطنيًا مشرفًا استحق عنه كباقى أبطال هذا الشعب التكريم والاحتفاء، وهو من ناحية أخرى رمز وقدوة ونموذج يحتذى عند شباب البادية.
يقول الشاعر والأديب حمدان سيف الله إنه كتب قصة اجتماعية تتناول حياة البدو وعاداتهم في سيناء، فلماذا لا تتبنى إحدى الجهات الوطنية المنتجة عملا كهذا يقرب ويعرف ثقافة البوادى المصرية بسكان وادى النيل؟!
لماذا لا تتبنى الدولة مشروعًا قوميًا يكون هدفه تحقيق المعنى الشامل للدولة المركزية التى تستوعب الأطراف لتصهرها في القلب حماية لحدودنا وأمننا القومى.
الأفكار عديدة، منها مثلًا عقد مؤتمرات ثقافية وشعرية تضم نوادى الأدب في البادية وتنظيم مسابقات شعرية لشعراء البوادى المصرية؟!
أبدأ بهذه الزاوية المتواضعة وأنشر مقطعين من قصيدتين مطولتين عن سيناء وأكتوبر والحرب لشاعرين لا توجد حبة رمل في سيناء لم تطرب وتتألم لشعرهما يعرفهما أهل البادية ومن حقنا نحن أيضًا أن نعرفهما.
المقطع الأول للشاعر الشيخ سلمي الجبرى الحويطى:
يا ديرتى ومرباى وقت الطفولة
ما نسى غلاكى وجيتكى اليوم زوار
فيكى عدو الله رابط خيوله
والله ما يرضى بيكى عندهم عار
ورد سينا ما يجى بالسهوله
اليوم ودكى غزو قد الف طيار
أما المقطع الثانى فمن قصيدة للشاعر الشيخ عنيز أبو سالم الترابين 
ومن وقفنا في ثلاثة وسبعين 
الوقف اللى كل يسمع بهيه
وسرنا نقاسيهم نهارات وسنين
لما اخذينا الحق وفوقه اشوية