البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

احتفالات العيد في مصر قديما.. الفاطميون يوزعون "الكسوة والرسوم"

الفاطميون
الفاطميون

ظل الاحتفال بالمناسبات الدينية ذات شكل وطابع خاص ومميز لدى الفاطميين ومن ثم لدى المصريين بصفة عامة، فاهتموا بالحلوى وتوزيع الهبات والعطايا على الناس في المولد النبوي الشريف وفي شهر رمضان وفي عيد الفطر وعيد الأضحى وغير ذلك من المناسبات الدينية التي يبتهج فيها الجميع.
ففي العيد دأب الخليفة الفاطمي على الخروج من القصر إلى المصلى لأداء سنن العيد من الصلاة وإلقاء الخطبة، ووفق كتاب "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء" يقول المقريزي إن الخليفة كان يخرج في موكبه و"يمشي في ركابه القواد على عادة من تقدمه، وخرج بتشريف الوزارة، ودخل على باب العيد راكبًا، ووصل إلى داره، فضاعف الرسوم وأطلق الهبات".
العامة ينتظرون كالعادة عطايا السلطان والوزراء، وهي عادة ما تأتي معبرة عن حال الدولة، فعندما تكون الأمور مستقرة والحكم مستتب، فإن الخليفة يهتم بالخروج بين الناس وتوزيع ما كان يعرف باسم "الرسوم" وأيضا الوزير من بعده يقوم بذبح الأضاحي يوم عيد النحر لعدد كبير ومقارب مما ذبحه الخليفة حتى تشهد القاهرة توسع كبيرة في العطاء والإطعام وتوزيع اللحوم.
ويروي المقريزي ضمن أحداث العام 516 للهجرة النبوية الشريفة أن الخليفة الآمر الفاطمي ذبح في أيام العيد الثلاثة 1946 رأسًا منها النوق والبقر والكباش، وأن سماط الخليفة الذي تم فرشه أيضا في الأيام الثلاثة تكلف 1326 دينارًا، وكل هذا يخص الخليفة فقط دون الوزير الذي صنع ما يقارب مثل هذه الأرقام.
يقول المقريزي: "وحضرت كسوة عيد النحر، وفرقت الرسوم على من جرت عادته بها، خارجًا عما أمر به من تفرقة العين المختص بهذا العيد وأضحيته، فكان منها سبعة عشر ألفا وستمائة دينار برسم القصور جميعها، وجملة ما نحر وذبح الخليفة خاصة، دون الوزير، في ثلاثة أيام النحر ألف وتسعمائة وستة وأربعون رأسًا؛ منها نوق مائة وثلاثة عشر، وبقر ثمانية عشر رأسا، وجاموس خمسة عشر، والبقية كباش، ومبلغ المصروف على أسمطة الثلاثة أيام، خارجًا عن أسمطة الوزير، ألف وثلاثمائة وستة وعشرون دينارا، ومن السكر ثمانية وأربعون دينارا".
والسماط أو فرش الموائد عادة داموا عليها في الأعياد والأمور الكبيرة، فعندما يقوم الوزير من مرضه مثلا أو قائد الجيش يهتم بمد السماط وإطعام الناس، أو في الأعياد والتي تستمر لعدة أيام، ويصرف عليها المبالغ الكبيرة دون بخل أو تقتير حتى قيل أن أحد القضاة أقام مائدة في العيد وحشى الكعك دنانير، فلما أكلت الناس أخرجت من فمها الذهب والأموال ووضعوها في جيوبهم، كما أنهم وضعوا على الموائد الفستق الملبس بالحلوى، وغير ذلك من صنوف الطعام والحلوى العجيبة. والفاطميون وفق كلام المؤرخين كانوا يهتمون بالاحتفالات كثيرا حتى ترسخ في وجدان الشعب بعض المظاهر التي تُميز احتفالات المصريين، حيث يصف المقريزي ذلك الاهتمام لدى خلفاء الفاطمية قائلا: "وكان من عادتهم إخراج الكسوة في كل سنة لجميع أهل الدولة من صغير وكبير في أوقات معروفة؛ فبلغت كسوة الصيف والشتاء في السنة ستمائة ألف دينار ونيف. وكانوا يتأنقون في المآكل، حتى إن الخادم والسائس من غلمانهم ينفق في كل يوم على طعامه العشرة دنانير والعشرين دينارًا لسعة أحوالهم.. وكانوا يفرقون في أول كل سنة دنانير يسمونها دنانير الغرة تبلغ خمسمائة دينار في السنة، فيتبرك بها من يأتيه منها برسوم مقررة لكل أحد.. وإذا أهل رمضان لا يبقى أمير ولا مقدم إلا ويأتيه طبق لنفسه، ولكل واحد من أولاده ونسائه طبق فيه أنواع الحلوى العجيبة الفاخرة.. وكانت خلعهم ثمينةً جدًا بحيث يبلغ طراز الخلعة خمسمائة دينار ذهبا، ويختص الأمراء في الخلع بالأطواق والأساورة الذهب مع السيوف المحلاة؛ ويتشرف الوزير عوضًا عن الطوق بعقد جوهر فكاكه خمسة آلاف دينار يحمل إليه، ويختص بلبس الطيلسان المقور.. ولا يركب الخليفة إلا بمظلة منسوجة بالذهب مرصعة بالجوهر.