البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أيام العشر لا تحتمل التقصير


من حكمة الله عزّ وجلّ، أنه فضل بعضَ الأيّام وَالشّهور على بعضٍ كما فضل بعض الأوقات والأزمنة على بعضٍ، فاختار منها أوقاتاً خصّها بمزيد الفضل وزيادة الأجر؛ ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم، والمسابقة في الخيرات والتعرض للنفحات، ومن هذه الأزمنة الفاضلة أيام عشر ذي الحجة، التي أقسم الله عز وجل بها في قرآنه، فقال: {وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (سورة الفجر: ١، ٢)، وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، والمراد بالليالي العشر، عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين، وقد بيَّن رسول الله ﷺ فضلها، وفضل العمل الصالح فيها عن غيرها، كما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال ﷺ : «ما من أيامٍ، العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله، من هذهِ الأيام» يعني العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيءٍ» (رواه ابن ماجه)، وفي هذا الحديث بيان عظم فضل العشر الأوائل مِن ذي الحجة على غيرها من أيام السنة، وفضل العمل الصالح فيها على العمل في سائر الأيام، إلا رجلٌ خرج مخاطرًا بنفسه وماله في سبيل الله، ففقد ماله وفاضت روحه في سبيل الله.
حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها، وفيها يوم عرفة يوم الحجّ الأكبر الذي تُغفر فيه الذنوب والخطايا، وتُعتق فيه الرِّقاب من النار؛ فعن عائشة رضي الله عنها، أنّ النبيّ ﷺ قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء ؟ (رواه مسلم)، وبيّن رسولنا الكريم فضل صيامه؛ فعن أبى قتادة رضى الله عنه عن النبى ﷺ قال: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده» (رواه مسلم)؛ ففيه تكفير سنة سابقة، وسنة لاحقة.
كيفية اغتنام عشر ذي الحجة: 
ينبغي على المسلم أن يحرص حرصًا شديدًا على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالح؛ فعشر ذي الحجة وقتها قصير لا يحتمل التقصير، فعليه أن يسارع بالتوبة من تقصير ما بعد رمضان، والإكثار من قراءة القرآن، والدعاء استعداداً ليوم عرفة، والتبكير للصلاة والمحافظة على النوافل وقيام الليل، والصدقة، والذكر؛ قال الإمام ابن القيم: القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله ذابت هذه القسوة كما يذوب الرصاص فى النار. 
أسأل الله عز وجل أن يجعل هذه الأيام العشر وما بعدها أيام خير وبركة علينا وعلى المسلمين جميعا، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه.