البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إمارة إسلامية على الحدود الليبية


لا شك من وجود محاولات عربية هدفها إنهاء القطيعة الليبية من جانب والاستمرار في مواجهة الميليشيات المسلحة الموجودة في طرابلس من جانب آخر، ولعل المبادرة المصرية الأخيرة نموذج لهذه المحاولات التي لم تلق ترحيبًا من قبل حكومة الوفاق وبالطبع الحركات الميليشياوية المتحالفة معها رغم توافق المجتمع الدولي معها.
خطورة الوضع في ليبيا تتركز في محاولة تركيا إقامة إمارة إسلامية على حدودها، وخلق بديل لدولة داعش داخل القارة الأفريقية، وهنا لم يكن اختيار ليبيا عبثًا، فهي من الدول الأكبر في المساحة الجغرافية بأفريقيا، فضلًا عن كونها مترامية الأطراف والحدود سواء البحرية والتي تقدر بقرابة ألفي كيلو متر وحدود برية تقارب 4200 كيلومتر، وهو ما يشكل صعوبة في ضبط هذه الحدود من قبل جيرانها.
ليبيا تشهد صراعًا سياسيًا ودعمًا للحركات الميليشياوية الموجودة في طرابلس من قبل حكومة الوفاق، فضلًا عن الدعم التركي والقطري لهذه الميليشيات بالمال والسلاح معًا، ومع الحدود المترامية يبدو الأمر خطيرًا، على كل الأحوال الوضع في ليبيا لا يمكن قراءته فقط من زاوية إقامة دولة إسلامية على غرار دولة داعش التي سقطت في 22 مارس من العام 2019، ولكن بموافقة المجتمع الدولي على تدشين هذه الإمارة.
التحركات التركية أخذت صكًا دوليًا رغم أن المجتمع الدولي والأوروبي يُدرك أنها داعم أساسي لمشروع الإسلام السياسي في المنطقة، ولا تحرك إيجابي في سبيل الوقوف أمام السلوك التركي وهو ما ينذر بخطر لا يقل عن خطر الإعلان عن إقامة دولة داعش في 29 يونيو من العام 2014.
تركيا تعمل على إقامة الإمارة الإسلامية بموافقة دولية وهذا هو الأخطر، فلك أن تتخيل إمارة إسلامية لا يقل خطرها عن مملكة "داعش" المتهاوية وتلقى دعمًا دوليًا، هذه الإمارة أحد أهم حلفائها التنظيمات المتطرفة بدًا من داعش والقاعدة وانتهاء بحركة الإخوان المسلمين وما بينها من تنظيمات محلية وإقليمية متطرفة، وهنا نكرر أن ما يثير الانتباه هو الموافقة الدولية على إنشاء هذه الإمارة والذي يعد بمثابة تقنين لوضع هذه الدولة الوليدة.
وهذا ما يعطي أهمية للتحرك المصري والعربي بخصوص مواجهة التحركات التركية على الأقل في الإطار السياسي والدبلوماسي والتهديد بالتحرك العسكري في شكل إعلام الأتراك بأن استمرارهم في التدخل الليبي واحتلال أراضٍ عربية ينذر بمواجهة.
تركيا هي سر السلاح الموجود في ليبيا، وليبيا هي كلمة السر في عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة، والمواجهة المباشرة مع الأتراك واجبة إذا لم تكن إلا الحل الوحيد، ولا بد أن تكون وفق ما تفتضيه الضرورة والقانون الدولي ووفق ما يستدعيه حماية الأمن القومي المصري والعربي، فضلا عن مواجهة الحركات الميليشياوية في الداخل الليبي وهي لها شكلان، إما مواجهة مباشرة أو من خلال الحليف الذي آل على نفسه الدفاع عن التراب الليبي ممثلا في الجيش الوطني الليبي.
على العالم أن يدرك حجم ما يحدث في ليبيا وأن ينظر للتدخل التركي بمنظوره الواقعي الملامس للحقيقة، خاصة أنها انتهكت حظر توريد السلاح للمتصارعين، ورغم إدانة الأمم المتحدة للسلوك التركي أكثر من مرة إلا أنها ما زالت مصرة على إدخال هذا السلاح عبر السواحل المترامية الأطراف والتي كانت تحط رحالها على مدينة درنة، وهو ما يخل بميزان القوى ويدعم الميليشيات المسلحة التي يعترف المجتمع الدولي بشرعيتها!
كل الاتفاقيات التي عقدت في السابق وكان آخرها اتفاق الصخيرات اشترط عامًا واحدًا لحكومة الوفاق ورغم مرور العام وأعوام تالية إلا أن هذه الحكومة ما زالت تلعب بنغمة أنها ممثل للشعب الليبي، وما زال المجتمع الدولي متورطا في هذه الدعم، فأقل ما يمكن قوله أنه يدعم إقامة أول إمارة إسلامية بموافقة دولية.
تحول ليبيا إلى منطقة للصراع الإقليمي دليل فشل للمجتمع الدولي الذى تتزين طاولاته بالورود بينما اختفت الحلول الواقعية، وهو ما أدى إلى تعقيد المشهد بهذه الصورة وأصبحت المخاوف أكبر بكثير، المجتمع الدولي هو من سَلَمَ ليبيا إلى الإرهاب عندما وافق على الدخول المسلح بهذه الطريقة عن طريق الناتو، وهو ما يصر على عدم حل النزاع بالصورة التي تحفظ سيادة هذه الجارة بعيدًا عن محاولات إقامة إمارة إسلامية على حدودها.