البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

نورى الكيخيا


مرت علينا الذكرى الثالثة (25 مارس 2017) لرحيل صوت ليبيا في العالم مذ كان شابا طليعيا، «نورى الكيخيا» عرفتهُ مناضلا ليبيًا معافرا شجاعا، ولم يدُر بخلدى أن ألتقيه يوما وأحاوره، حين هاتفته بطلب إجراء مقابلة صحفية موسعة، يسرد فيها سيرته بادرنى مرحبا، وبمقهى بشارع جامعة الدول العربية بالقاهرة ألتقيته، رحابة وبشاشة، وتواضع في استقباله لى وتبادله الحديث، ساعة أخبرته بخروجى من انشغال يتعلق بالمشاركة بتقديم «وجبة شعبية ليبية» في لقاء بمنظمة تراثية مصرية - عربية، أثنى على ذلك، وانطلق في حديثه حول شغفه بالتراث الشفاهى الليبى، وأنه لم يفارقه وجدانيا منذ شبابه وحتى لحظتنا، حوارنا استمر لقرابة الساعتين كان في كامل أريحيته، أستأذننى في أن يرد على بعض الاتصالات، فأعلمتهُ أن لا ضير في ذلك، فالتسجيل يخصُنى توثيقا، وشرعت في سؤالى بالتأسيس النضالى في أسرته، أبا عن جد، وسرد لى عن ذلك التاريخ الممتد لأسرة احترفت السياسة مبكرا، وفى مرحلة تأسيس الكيان الليبى، جده، عمر باشا منصور الكيخيا، كان في بداية استقلال إمارة برقة جرى تعينه كرئيس وزارة، وكان قد خلف ابنه، حيث عين فتحى الكيخيا رئيس وزارة، ولكنه قدم استقالته التى بعثها من باريس، الأمير أدريس السنوسى قام بتعين والده (جدهُ) في مكان ابنه كرئيس وزارة، ثم بعد الاستقلال 1951، جده عمر منصور عُين رئيس مجلس شيوخ، وهو أول مجلس شيوخ بعيد الاستقلال، كانت شخصية عمر منصور شخصية قوية سياسيا، مُستعد أن يتحاور مع مخالفيه، أما والده فقد كان عضوا في أول مجلس نيابى، وكان في المعارضة، وكانت لهجته شديدة مع رئيس الوزراء في ذلك الوقت، مصطفى بن حليم، واشتهر بتلك القصة التى انبرى فيها في المجلس النيابى يحاسب رئيس الوزراء على 25 جنيها، صُرفت زيادة على مخصصات الاشتراك في معرض دمشق الدولى، علق المناضل نورى الكيخيا في حوارى معه قائلا: لكِ أن تتخيلى يسألونه (ضحك ساخرا): وين عدن 25 جنيها، في يومنا هذا مليارات عدن من يجيب ومن يسأل!، الراحل نورى الكيخيا اعتمد خلفية سياسية، وصفها بال (فورم سياسي)، مدرسة سياسية تموج مترافقة بمناخات وأصداء مواقف، وهو يلتقط ويستمع، صدى نقاشات، أخبار، حوارات، ضاجة في مرحلة استقلال ليبيا، استقلال برقة، الخلافات مع جمعية عمر المختار التى تكونت إلى جانبها «رابطة الشباب» التى كانت مناصرة لعمر منصور الكيخيا، ومن شخصياتها المناضل منير البعباع (والد زوجته فيما بعد) كل هذه الشخصيات كان في محكها.
وحملنى الشغف بسيرته الأولى، في أن نُعرج على طفولته وتعليمه، فحكى لى عن قرار والده، وهو طفل التاسعة إرساله إلى الإسكندرية، حيث يقيم خاله المحامى فتحى الكيخيا، وجرى تسجيله بالمدرسة الفرنسية «سان مارك»، ومنها تأتى له أن يتعلم اللغة الفرنسية ثم متحدثا جيدا بها، ومن ذكرياته بمرحلة الدراسة ففى الإسكندرية أتم دراسته، مرحلتى الابتدائى والإعدادي، أنه أثناء العدوان الثلاثى (بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل) على مصر، وقد أخرجوا طلاب القسم الداخلى مع حالة الحرب، فسكن لعامين عند عائلة أقارب له، في بيت «أحمد إبراهيم القويري» في شارع التتويج في بحرى الإسكندرية، والذى عامله كما ابن له، وكذلك الحاج الفيتورى السويحلى كان من ليبيّى الإسكندرية، يحضر إليه بالمدرسة، ويأخذهُ في العطلات إلى عزبة الباشا في «الورديات». 
وحين سألته وهو يتذكر أسماء يدين لها في حياته، من أثر فيه شابا ممن أقام من الليبيين في مصر، فأجابنى، الحاج مختار القماطى، صاحب الحكايا الممتعة، فعنده رصيد هائل من سير رحلاته إلى إسطنبول والى الشام، مانحا رسائل تذهب كفلاشات، وأهمها حب الوطن، وهو من الشخصيات التى أثرت ليس به فقط بل في معظم الطلبة الليبيين الذين درسوا في إسكندرية.
الحوار كاملا نُشر بكتاب عنه «المناضل الباهى الليبي» ضمن إصدارات «الوسط» الليبية، أعده الكاتب أحمد الفيتورى، وقد كان آخر حوار أُجرى معه قبل مرضه ورحيله إلى رحمة الله.