البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

شاكوش ومَن معه


حسنًا فعلت نقابة المهن الموسيقية بالتراجع خطوة للوراء في ملف أغانى «المهرجانات»، والإعلان عن إنشاء شعبة جديدة في النقابة للأداء الشعبى، فموقفها الذى أبدته منذ تفجر الملف، والرفض المطلق لهذا النوع من الغناء والعاملين فيه بصورة كلية مبدئية لا يتماشى مع حدود دور النقابة، ويصطدم بالواقع الذى يسبق القوانين واللوائح بخطوات كبيرة، وبالقطع كانت النقابة ستخرج من المعركة خاسرة وتفقد مزيدا من رصيدها وقوتها لدى قطاع الموسيقيين.
أما من حيث مضمون القرار فالحقيقة أنه ليس على المستوى المطلوب، إذ ما معنى إنشاء شعبة خاصة لأداء الشعبى؟ ولماذا تقسيم مهنة الغناء إلى أقسام متباينة هذا شعبى وهذا طربى؟ وهل الغناء الشعبى جديد على مصر واكتشفته النقابة مؤخرا فقررت إنشاء شعبة خاصة به؟ كل هذه الأسئلة تدفع للاعتقاد بأن القرار تراجع اضطرارى، لا ينفى الفكرة الراسخة لدى النقابة والقائمين عليها وهى النظرة الدونية للمهرجانات ومؤدوها، والتعامل معهم باعتبارهم أقل درجة من غيرهم من المطربين.
فالواقع أن النقابة – رغم تزحزح موقفها – مصرة على عدم المواجهة الكاملة، وترفض أن ترى وتعترف بالحقيقة التى أضحت واقعا ملموسا لن يغيره أو ينتقص منه الإنكار، فأغانى المهرجانات موجودة، وإن لم تستطع الاندماج في النسيج الفنى المصرى، وتصبح جزءا من مكوناته الدائمة، فلن تختفى قبل سنوات.
فضلا عن أن حسن شاكوش أو عمر كمال أو حمو بيكا، لا يمثلون وحدهم «المهرجانات»، وبالتالى فليسوا هم المشكلة، لتركز النقابة جهودها في معركة معهم أو حولهم، فقد ظهروا على السطح في لحظة معينة نتيجة عوامل مختلفة، وقد يظلون هكذا أو يختفون تماما، ليظهر غيرهم، فالمهرجانات ظاهرة يلتف حولها جيل كامل، قد تتبعه أجيال سيؤدون هذا النوع من الغناء الجديد على النقابة والمجتمع، سيضيفون إليه ويخصمون منه ويطورون فيه بصورة دائمة، وهناك وهو الأهم ملايين المصريين الذين استحسنوا هذا اللون الغنائى، ويرددونه في كل مكان، مما يضع على النقابة والمعنيين في المجتمع مسئولية البحث عن حلول جادة تدعم شاكوش ومَن معه، وتطور طاقاتهم الفنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها، ولذا فكان الأجدى بنقابة المهن الموسيقية أن تدعو لنقاش موسع حول الأمر، تستمع فيه لكل الآراء والاتجاهات بما فيها أصحاب المصلحة أنفسهم قبل اتخاذ أى قرار، على أن يكون الهدف هو إتاحة الفرصة للتجربة لتصل إلى نهايتها إما بالتطور والبقاء أو الضمور الذاتى، وليس لوضع مزيد من القيود غير المجدية، فمن يعلم أليس من الجائز أن تتطور «المهرجانات» لتصبح فنا عالميا ينطلق من مصر؟
وهنا أعيد التذكير بواقعتين فنيتين، الأولى: ظهور الفنان أحمد عدوية، وما صاحب ذلك من هجوم عليه ومحاولة إقصائه، بل ومعاملته بدونية كبيرة، في حينها، ولكنه تحول مع الوقت إلى أحد أساطين الغناء الشعبى في مصر، والمنطقة العربية كلها، أما الثانية: فهى ما أطلق عليه ظاهرة «الأغانى الشبابية»؛ حيث تعرضت التجربة في بدايتها إلى كم هائل من النقد والهجوم، لا يقل عن ما تتعرض له «المهرجانات» الآن، ولكن مع الوقت نضجت التجربة حتى أصبحت هى الأصل، وسارع مطربون كبار بينهم نقيب المهن الموسيقية هانى شاكر لمجاراتها بأغان قصيرة وسريعة أيضا ليظل له مكان في عالم الفن.