البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"بيزنس الغش" في الامتحانات


وقعت عينى على إعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتكرر كثيرًا مع اقتراب امتحانات نهاية العام في المدارس والجامعات. يروج الإعلان لسماعة توضع في الأذن بغرض الغش في الامتحانات. علمت أن الإعلان المذكور يتم ترويجه في هذه الفترة سنويا وبشكل علنى مدفوع الأجر على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيس بوك منذ عدة سنوات، وهو إعلان مدفوع الأجر لإدارة "فيسبوك" كى يصل إلى أكبر قاعدة جماهيرية من رواد الموقع.
ويقول نص الإعلان كما هو منشور على موقع فيس بوك: «سماعة التفوق والتخرج والنجاح مش هتشيل مواد ولا في سقوط بعد كده أفضل وأنقى صوت للسماعة الخفية التى توضع في الأذن ولا ترى بالعين المجردة تتكون من جزءين».
الأول: سماعة الأذن الصغيرة التى تختفى تمامًا بالداخل وتكون متصلة wireless مباشرة بكارت الفيزا.
الجزء الثاني: كارت الفيزا الذى بداخله المايك + دائرة بث موجات لسماعة الأذن
طريقة التشغيل:
نقوم بوضع sim card داخل كارت الفيزا المتصل مباشرة بسماعة الأذن التى تشتغل بحجر الساعة العادى نتصل على sim card لتقوم الفيزا بالرد تلقائيًا أوتوماتيك عليك لسماع المتصل.
الصناعة: أمريكي
للطلب والاستفسار اتصل على: «تم إزالة رقم التليفون من جانبي» 
السعر لفترة محدودة: ٢٠٠٠ بدل من ٢٢٠٠ اغتنم الفرصة!!!
وقمت بإجراء بحث بسيط حول الأمر فوجدت عدة إعلانات متشابهة من شركات عديدة تقترب أسعارها من بعضها البعض منها الإعلان التالى يقول نصه: «سماعة التقديرات»
بتتكون من قطعتين (سماعة + مايك على شكل كارت)
- السماعة بتختفى بالكامل في مجرى الأذن (شوف الفيديو في أول تعليق طريقة إخفائها).
- مايك على شكل كارت بتركب فيه خط وأى حد يتصل عليك المكالمة تفتح تلقائى وتقدر تخبيه في المحفظة.
- عاملين جروب لسنة ٣ ثانوى (عام، وأزهر) بننزل عليه الامتحان بإجابته مجانًا للى معاه سماعة عشان ميتكلمش في اللجنة. - سعر السماعة ٢٢٠٠ جنيه السامسونج، و٣٥٠٠ الأمريكي، والاتنين مبيظهروش تحت أجهزة كشف المعادن (شوف فيديو الكشف عليهم في التعليقات).
- للتواصل عبر الهاتف: «تم إخفاء الرقم من جانبي»
- للتواصل عبر واتس أب من خلال لينك الشات المباشر:
«تم إخفاؤه من جانبي»
- اطلب السماعة نوصلها لحد باب بيتك لأى محافظة في مصر مجانًا.
نفس المنتج بإعلان آخر يقول في مقدمته الترويجية «ذاكر تنجح..غش تتفوق»!!
أى مهزلة هذه التى أصابت حياتنا؟! أي فجور هذا الذي جعل مروجي الغش يعلنون عن أنفسهم هكذا علنا وبكل فجاجة عبر مراحيض التواصل الاجتماعي التى أصبحت كالسرطان ينهش مجتمعاتنا بكل ضراوة وبلا رحمة.
كيف يظل هؤلاء مطلقو السراح يعيثون فسادا في المجتمع.. يدمرون شبابه ونشئه وينشئون أجيالا تربت على الكذب وسلب حقوق ليست لهم.
كيف نأمن على أمن المجتمع في ظل أجيال حصلت على شهاداتها العلمية بالمال من جامعات وهمية بالخارج تارة أو جامعات خاصة صنعت لها بيزنس في التعليم يدر مكاسب خيالية تارة.. أو بالغش والكذب دون أن تجهد نفسها في الكد الشريف. أما أصحاب المجهود والكفاءة والموهبة الحقيقية فمصيرهم الضياع في مجتمع لا يعترف الا بالغشاشين وأصحاب «الفهلوة» في كل شىء حتى في العلم.
نحن يا سادة بهذا الشكل نبنى قبورنا بأيدينا.. فكيف يأمن المجتمع على نفسه في ظل منظومة صحية لا يقوم عليها إلا طبيب غشاش حصل على مؤهله بالغش.
كيف نأمن على مساكننا وقد شيدها لنا مهندس غشاش حصل على شهادته بطرق احتيالية ولا يملك علمًا حقيقيًا ولا ضميرًا حيًا. كيف لمجتمع أن يتقدم في ظل منظومة كاملة أساسها قائم على الغش واختلال المعايير.
إنها بداية نهاية لأى مجتمع بعد أن أصابه التجريف في كل جوانبه ويصبح آخر اسم في عالم الاجتهاد في الطب هو الدكتور مجدى يعقوب وقلة قليلة من جيله أطال الله في عمرهم ومتعهم بالصحة والعافية. 
ولا نجد في سماء العلوم التطبيقية والفيزيائية نجمًا مثل المرحوم الدكتور أحمد زويل وجيله مثل الدكتور مصطفى السيد أو هانى عازر وهم قلة قليلة.. والأمر نفسه موجود في معظم مجالات وفنون العلم والأدب.
خلت حياتنا إلا من أنصاف الموهوبين في كل المجالات بما فيها مجال الإعلام والصحافة والأدب والشعر.. لا تكاد تجد أديبًا مصريًا يشار إليه بالبنان في قيمة طه حسين أو العقاد أو الحكيم أو محفوظ.
وفى الفنون لم يعد نجومنا في قامة أم كلثوم أو عبدالوهاب أو عبدالحليم أو نجاة بل أصبح أشهر النجوم اليوم هم بيكا وأورتيجا والشاكوش وغيره من أسماء المسخ التى لوثت القلوب والعقول لأجيال فقدت حاسة تذوق الجمال. 
الأوطان يا سادة لا تبنى بالفهلوة والغش.. وإنما الفهلوة والغش معاول هدم لا أدوات بناء.