البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الشيخ الشعراوي والبابا شنودة.. المحبة والسلام

الشيخ الشعراوي والبابا
الشيخ الشعراوي والبابا شنودة

جمع الشيخ متولى الشعراوي والبابا شنودة العديد من الذكريات والمواقف جسدتها مجموعة من الصور الفوتوغرافية، وستظل صورة زيارة البابا شنودة والشيخ الشعراوي بالمستشفى أكثر الصور توثيقا للمحبة والسلام.
صور عديدة جمعتهما، واحدة تجتمع فيها الضحكات والحكايات، وأُخرى تظهرهما في مناقشة هادئة، وثالثة يرقد فيها الإمام "محمد متولي الشعراوي على فراش المرض، أما أن يضع البابا صورة الشيخ الشعراوي في مكتبه الخاص، فتلك هي المحبة وزرع السلام، لتُظهر العلاقة بين قامتين كبيرتين تجمعتا على الحب والمودة والإنسانية، بعد عداء غير مقصود حدث بسوء فهم".
يذكر أن "البابا شنودة"، وضع صورة الشعراوي في مكتبه الخاص لكي يصلى من أجل أن يتم الله شفاءه، وأن يعود إلى أرض الوطن بكامل صحته بعد إجرائه عملية جراحية في لندن؛ إذ وضع الشموع تحت صورته في لافتة إنسانية تحفها مشاعر الحب والتقدير.
بدأت الصداقة بين الشيخ والبابا، بعد إرسال الأخير وفدًا من رجال الكنيسة لزيارة الشعراوي أثناء إجرائه عملية جراحية في لندن، وقدم له هدية عبارة عن علبة شوكولاتة مع باقة من الورود، وعندما عاد الشيخ إلى مصر سالمًا، رأى أن من الواجب أن يزور البابا في الكاتدرائية، ليجد الشعراوي استقبالا حافلًا في الكاتدرائية، وكان عشرات الأساقفة والكهنة في انتظاره، وتجمع عدد كبير من الأقباط أمام الباب الخارجي لتحيته أثناء دخوله، فكانت فرحة الجميع بالشيخ ظاهرة على الوجوه.
الغريب أن هذا اللقاء التاريخي كان مقررا له نصف ساعة فقط، لكنه استمر أكثر من ثلاث ساعات دون ملل، إذ قال الشعراوي وقتها: من منح الله لي في محنتي، أنه جعلني أجلس مع قداسة البابا شنودة، فرد البابا: لقد نبهنا إلى شيء مهم، وهو أن الذين ارتبطوا بالسماء يجب أن يضعوا أيديهم في أيدي بعض دائما من أجل ما اتفقوا عليه ويتركوا ما اختلفوا فيه، خاصة أن الملحدين يأخذون من الخلاف حجة لكي يبتعدوا عن الإيمان، ونشكر الله لأن المساحة المشتركة بيننا واسعة لكي نعمل فيها معا
وقبل نهاية اللقاء قال الشعراوي: مساحة الاتفاق هذه تسعنا بإذن الله لخير الوطن، فرد البابا بقوله: نعمل معًا ليس فقط في مواجهة الملحدين، لكن ضد المنحلين خلقيًا واجتماعيًا وفكريًا، فالبعض يستغل حرية الفكر لينحرف بفكره ويقع في الضلال، فعلق الشيخ قائلًا: «الفكر الذي يجب أن يشغل الناس به أنفسهم هو حقيقة واحدة، هي حقيقة الله الذي خلق الكون، وما أمر به عباده، وغير ذلك لا يعتبر فكرًا.
وعن لقائه بالشعراوي، قال البابا في تصريحات له مسبقا: أرى أن اللقاء يفرح به كثيرون؛ لأنه يحفو بالمودة والمحبة، وكل لقاء هو مقدمة للقاءات أخرى، اللقاء هو أول خطوة في طريق يمكن أن يطول، وإذا التقى الناس بالأجساد فمن الممكن أن يلتقوا بالأفكار».
وحين توفى الشيخ الشعراوي ذهب البابا للعزاء مع مجموعة من كبار الكهنة، وقال: لقد خسرنا شخصية نادرة في إخلاصها ونقائها وفهمها لجوهر الإيمان، ولم يستطع أن يخفى ملامح الحزن على وجهه وقتها.
وتابع البابا، جاء الشعراوي فجأة واستقبلته في مكتبي، وذهبت معه إلى الكاتدرائية، وقتها كانت صحته ضعيفة لدرجة أننى كنت أسنده في الطريق إلى الكاتدرائية، ودخل معي بعد أن صليت على الراحل، وألقيت العظات التي تضمنت بعض الأشعار.
يذكر أن آخر لقاء جمع بين البابا شنودة والإمام الشعراوي في سرادق الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق، كان فضيلة الشيخ الشعراوي يجلس قرب باب السرادق، وعندما اقترب البابا منه لتحيته، أراد أن ينهض لكن سارع البابا بمنعه ليجلس في مكانه، وقال البابا وقتها: «لأني شعرت أن صحته لا تحتمل النهوض كثيرا، وتجمعت الأنظار حولنا، ونحن نتبادل السلام بمودة صادقة لاحظها الجميع».