البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مسرحيون: «أبوالفنون» دافع عن مكتسبات الثورة وساند الرموز الوطنية

البوابة نيوز

قال المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، إن المسرح قد ظل لسنوات طويلة رافعا راية الثورة ضد الظلم والطغيان ومطالبا بتغيير النظم الديكتاتورية، وكذلك داعيا لمساندة الرموز الثورية الوطنية والدفاع عن مكاسب الثورة، وقد كان ذلك واضحا أثناء دعمه ومساندته لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، فقد تميزت السنوات الأولى التالية للثورة بنشاط ثقافى واضح وحيوية فنية حقيقية ومبادرات جادة من بعض الأدباء والفنانين لطرح بعض الأفكار الثورية والقضايا الاجتماعية، فقاموا بتقديم تلك العروض المسرحية التى تتسق مع مبادئ الثورة، خاصة وقد شهدت هذه السنوات تحقيق بعض الأهداف الهامة وفى مقدمتها تحقيق الاستقلال التام والعمل على تحقيق الأحلام القومية، كما شهدت محاربة الفساد وبداية مشروعات الخطة الخمسية والإصلاح الزراعى وتشجيع الصناعات الوطنية.
وتابع دوارة: كان رد الفعل الإيجابى لتلك الإنجازات أن شهدت هذه الفترة أيضا بعض المبادرات المسرحية الجادة لكشف وفضح مفاسد العصر البائد، وتأكيد منجزات الثورة والدعوة لحماية مكاسبها، والتعبير عن الإيمان بتوجهاتها القومية العربية، كما تضمنت هذه المبادرات بعض الدعوات الجادة والشجاعة لتوجيه وتصحيح مسار الثورة، ومواجهة ديكتاتورية وقهر مراكز القوي، مؤكدا أن فرقة «المسرح الحر» التى تأسست فى سبتمبر ١٩٥٢ كانت أولى الفرق التى عمدت إلى تقديم مسرح مختلف يتناسب مع أفكار ثورة يوليو المجيدة، ولذا فقد اتسمت أول عروضها بالطابع الوطنى الحماسي، وذلك حينما بادرت بتقديم الأرض الثائرة، والرضا السامي، وكان من الطبيعى أن يتأثر كبار كتاب المسرح بالمفاهيم الثورية والتغيرات الجذرية التى حدثت بالمجتمع المصرى فشاركوا بالتزامهم الفكرى فى تقديم بعض الأعمال الهامة التى تسجل انجازات الثورة وتكشف الفروق الكبيرة بين الماضى والحاضر، وفى مقدمة هؤلاء الرائد المبدع توفيق الحكيم الذى قدم مسرحية «الأيدى الناعمة» والذى تعد تجسيدا غير مباشر للشعار الذى أطلقته الثورة حول أهمية العمل «العمل شرف.. العمل حق.. العمل واجب.. العمل حياة».
وأوضح دوارة، أنه عند قيام ثورة يوليو ظهرت مجموعة من شباب الأدباء المثقفين الموهوبين المشاركين فى النضال ضد المستعمر من أجل تحقيق الاستقلال، والنضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، فقامت قيادات الثورة باحتضانهم ومنحهم الفرصة كاملة للمشاركة الإيجابية، فنجحوا فى تسخير مواهبهم الأدبية لمساندة أهداف الثورة والدعوة إلى المشاركة فى تحقيقها، وفى مقدمة هؤلاء الأديب الكبير «نعمان عاشور» الذى يعد رائد الواقعية الحديثة بالمسرح المصرى حيث قدم نصوصه باللهجة العامية، وقدم شخصياته الدرامية من خلال نماذج حقيقية للطبقة المتوسطة، فنجح من خلال خماسيته الشهيرة «الناس اللى تحت»، «الناس إللى فوق»، «عيلة الدوغري»، «بلاد بره»، «الجيل إللى طالع» فى أن يقدم نقدا لاذعا للمجتمع، كما أظهر تعاطفه وانحيازه إلى تلك الطبقات المهمشة الفقيرة التـى تكالبت عليها سطوة السلطة والطبقات الغنية، بينما أسهم الكاتب الكبير «ألفريد فرج» فى الدعوة لتحقيق الديمقراطية وتأمين حق المواطن فى المشاركة السياسية وذلك من خلال مسرحية «حلاق بغداد» وخاصة الجزء الثانى «زينة النساء» حينما طلب الحلاق من الخليفة «منديل الأمان» لكل أفراد الرعية، كما ساهم بمسرحياته فى الترويج لفكرة التأميم والعدالة الاجتماعية والدعوة إلى تطبيق المفاهيم الإشتراكية ومن بينها على سبيل المثال «على جناح التبريزى وتبعه قفة»، «عسكر وحرامية»، هذا وتعد مسرحيته «بالإجماع+١» أكبر دعاية ومساندة لثورة يوليو وزعيمها «جمال عبدالناصر».
كنا نجح الأديب سعد الدين وهبة، بمجموعة نصوصه الأولى «المحروسة»، «كفر البطيخ»، «السبنسة»، «كوبرى الناموس» والتى تدور جميع أحداثها الدرامية فى فترة ماقبل الثورة مباشرة فى إدانة العهد الملكى البائد وكشف مفاسده السياسية ومظالمه الاجتماعية وخاصة فى الريف المصري، إضافة إلى قائمة الأديب يوسف إدريس الذى استطاع أن يقدم من خلال بعض نصوصه «جمهورية فرحات»، «ملك القطن» عام١٩٥٦ صورة حقيقية وواقعية للريف المصري، وهى صورة مخالفة لتلك الصورة الرومانسية التى سبق تقديمها من خلال بعض الأعمال الأدبية والفنية، كما يحسب للأديب يوسف إدريس، أنه ظل فى كل أعماله محافظا على فكرة البحث عن حياة أفضل تضمن للإنسان الحرية والعدالة الاجتماعية، تلك الفكرة التى قامت عليها مسرحيته «جمهورية فرحات»، وقد تكاملت هذه الرؤى مع أعماله المسرحية بعد ذلك ليوضح فى «الفرافير» مدى بشاعة العلاقة الدائمة بين كل من «السيد»، «الفرفور»، وغيرهم من الكتاب والمبدعين، بينما استطاع الشاعر القدير صلاح عبدالصبور فى رائعته «مأساة الحلاج» أن يؤكد على محاولات «الحلاج» لإصلاح واقع عصره بالوقوف إلى جوار الفقراء من العامة ومساندته لهم فى تحقيق آمالهم ومطالباتهم بتطبيق العدل الاجتماعي، مع بيان دوره فى مواجهة الطغاة والمستغلين، وبالرغم من أن المسرحية استلهام لأحداث تاريخية إلا أن مؤلفها قد نجح فى الاستلهام الواعى لحياة «الحلاج» وتأكيد دوره الاجتماعي، إلى جانب مشاركات الكاتب محمود دياب من بينها «المعجزة»، «البيت القديم»، «الزوبعة»، «ليالى الحصاد». 
بينما يعد الأديب الثوري لطفي الخولي من أبرز الكتاب الاشتراكيين خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وبرغم تقديمه لثلاثة نصوص فقط إلا أنه استطاع أن يضع بصمة فنية واضحة بدءا بمسرحيته الأولى "قهوة الملوك" عام 1958، والتي تعود أحداثها الدرامية إلى عام 1946، حيث اجتمعت مجموعة من الطلبة مع مجموعة من العمال للمطالبة بالاستقلال والعدل الاجتماعي، وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من وضوح الخطاب الدرامي الاشتراكي في نصوص الخولي الثلاث وهي "قهوة الملوك"، "القضية"، "الأرانب" إلا أنه قد نجح في عدم تحويل مسرحياته إلى بوق أجوف للدعاية الاشتراكية، كما يحسب له عدم تعظيمه لدور البطل الفرد في نصوصه بقدر تعظيمه لذلك الدور الجماعي لطبقات الشعب، بينما قدم رجل المسرح نجيب سرور ثلاثيته الرائعة التي تتكامل أحداثها الدرامية وهي "ياسين وبهية"، "آه ياليل ياقمر"، "قولوا لعين الشمس"، وهي الثلاثية التي سجل من خلالها تلك التحولات التاريخية الكبيرة التي مرت بمصر، كما كشف عن الآلام الكبرى التي تحملها العامة من المواطنين سواء بالريف أو بالمدينة في عصر ما قبل الثورة حيث الإستعمار والإقطاع، بينما استطاع الشاعر القدير صلاح عبدالصبور في رائعته "مأساة الحلاج" أن يؤكد على محاولات "الحلاج" لإصلاح واقع عصره بالوقوف إلى جوار الفقراء من العامة ومساندته لهم في تحقيق آمالهم ومطالباتهم بتطبيق العدل الاجتماعي، مع بيان دوره في مواجهة الطغاة والمستغلين، وبالرغم من أن المسرحية استلهام لأحداث تاريخية إلا أن مؤلفها قد نجح في الاستلهام الواعي لحياة "الحلاج" وتأكيد دوره الاجتماعي، إلى جانب مشاركات الكاتب محمود دياب من بينها "المعجزة"، "البيت القديم"، "الزوبعة"، "ليالي الحصاد"، إضافة إلى مشاركات الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي وأهمها "الأرض"، "الفتى مهران"، فكل هذه المسرحيات التي تم ذكرها هي مجرد نماذج مشرفة ومضيئة ساهمت في تسجيل الحقائق وشحذ الهمم لحماية الثورة.
ومن جانبه قال الكاتب المسرحى الكبير، محمد أبوالعلا السلاموني، إن ثورة يوليو لها فضل كبير على المسرح، وخاصة مسرح الستينيات الذى نتج عن هذه الثورة والتى اتجهت فى مجالات متخصصة فى السياسة، والاقتصاد، والفن، والثقافة وغيرها، ويكفى أنها أنشأت وزارة الثقافة المصرية التى أعطت دفعة قوية للفنون والآداب بشكل عام، إضافة إلى مجلس الفنون والآداب الذى يطلق عليه حاليا المجلس الأعلى للثقافة، وكذلك مصلحة الفنون التى يديرها يحيى حقى وظهر بها الفنون الشعبية وتراثها الشعبي، فهذه الثورة أعطت دفعة قوية للفنون.
وأضاف السلاموني، أن المسرح القومى كان يترأسه أحد رجال الثورة وهو أحمد حمروش، الذى استطاع بقيادته الحكيمه واستراتيجيته الإدارية حل كافة الخلافات القائمة بين الفنانين وبعضها فى ذلك الوقت، مؤكدا أن المشكلة الحقيقة للمسرح تقع فى ضعف إدارته، والإدارة الحكيمة هى أساس تنظيم العمل الفني، ودائما رجل الجيش يمتلك رؤية واستراتيجية جيدة، لأنهم يدرسونها فى كلياتهم العسكرية، مشيرا إلى ثروت عكاشة الذى استطاع بفضل استراتيجيته الحكيمة أن يبدع ويضع أساسا للبنية التحتية لوزارة الثقافة.
وأكد السلاموني، أن سبب نجاح الزعيم جمال عبدالناصر، أنه كان معلما فى الكلية الحربية، ولديه رؤية استراتيجية ناجحة تؤدى إلى التقدم، حيث ازدهرت فى عهده كافة المجالات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والفنية، مضيفا أن الظابط أحمد حمروش، شهد المسرح فى عهده نهضة مسرحية كبيرة، دعا خلالها الكتاب المصريون من بينهم محمود تيمور، نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، وغيرهم بعمل مسرحى شهريا يختلف عن الآخر وهذا ما جعل المسرح يزدهر فى عهده، مشيرا إلى الفنان محمود الحدينى عندما تولى قيادة المسرح قد طلب منه عرض مسرحى بعنوان «الثأر ورحلة العذاب» فى فترة السبعينيات وأخرجه عبدالرحيم الزرقاني، كانت عن امرئ القيس، فكان المسرح يقدم فى تلك الفترة ١٢ عرضا مسرحيا يقدم شهريا طوال العام، مؤكدا أن مديري المسارح فى فترة الستينيات وما بعدها كان النص المسرحى من أهم أولوياتهم وهذا ما نفتقده فى الوقت الراهن.