البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

باحثون يناقشون "الدين والدولة في المجال الإسلامي الرّاهن" بتونس

البوابة نيوز

انعقدت بمقر مؤمنون بلا حدود وجمعيّة الدّراسات الفكريّة والاجتماعيّة بتونس العاصمة، الندوة العلميّة الدولية "الدين والدّولة في المجال الإسلامي الرّاهن: مقاربات ومطارحات"، بمساهمة باحثون من تونس متخصّصون في الدراسات الحضارية، مع محاضرة افتتاحية قدّمها المستشار عبد الجواد ياسين من مصر، وقد اختتمت أشغال النّدوة بجلسة حوارية حول كتابه الأخير "اللاهوت" الصادر عن المؤسسة.
وثمن الباحث نادر الحمامي الاهتمام بالمسائل الفكرية والبحثيّة ذات الطابع الإشكالي والمتعلقة بقضايا الراهن، ثمّ ألقى كلمة قسم الدراسات الدينية بمؤسسة مؤمنون بلا حدود أنس الطريقي، وقدم فيها عن العلاقة بين الدين والدولة التي تمثل كبرى المشكلات المفتوحة باستمرار على جدل واسع منذ لحظة سقوط الخلافة، واعتبر من الأهمية الخوض في هذه المسألة بجميع ما يتصل بها من هوامش وروافد، استنادًا إلى المنهج السياقي الذي يؤكد على البعد الواقعي التجريبي الذي يحرك تاريخ الأفكار، وأطر المسألة ضمن الراهن باعتبارها براديغم من براديغمات التفكير التي وجب عدم الانعزال داخلها، بل جعْلها مفتوحة باستمرار على التساؤل والبحث. 
وألقى المحاضرة الافتتاحيّة للندوة المستشار عبد الجواد ياسين، بعنوان "التفكير في الدولة في الإسلام المعاصر: أين المشكل؟"؛ انطلق فيها من التساؤل حول إشكالية السلطة وعلاقة الدولة بالدين في ظل ثقافة لا تزال تتبنى مفهوم الدولة الإسلامية، فيما هي تقر في الوقت ذاته بالجاذبية الطاغية للدولة الحديثة؟ واهتم بنقاش مسألتين؛ الأولى أرضية الثقافة السياسية التي توجه الفكر الإسلامي في السياق المعاصر، واعتمد في ذلك على مقارنة السياق الراهن بسياقين إسلاميين سابقين؛ الأول هو سياق التشكل المبكر للفكر الإسلامي في مراحل التدوين، والثاني هو سياق الاحتكاك المبكر للفكر الإسلامي بنموذج الدولة الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وفق تعبيره، بحثًا عن المشكل الحقيقي الذي يواجه الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، هل يكمن في نموذج الدولة الحديثة الذي لا يستطيع التوافق مع الروح التشريعي الأخلاقي للإسلام وللدين عمومًا، أم أن المسألة تتعلق بالبنية أو النظام البنيوي الموروث للفكر الإسلامي المعاصر بطابعه الحصري المطلق. 
وانطلقت الجلسة العلميّة الأولى التي ترأسها بسام الجمل، بمداخلة محمد الخراط، بعنوان "لاحقة "الإسلامي" و"الإسلامية" في أدبيات الإسلام السياسي: الأبعاد والمآلات"؛ اهتم فيها بالبحث في الخلفيات الإيديولوجية وفي النتائج المترتبة عن استدعاء لاحقة "الإسلامي" و"الإسلامية" في الاستعمال المتداول وصناعة لغة خاصّة تحتكر الموضوع الديني، وتتجاوز ذلك إلى افتكاك اللغة ثم السّيطرة بها على المتقبل عبر توجيهه إلى أفكار معدة سلفًا؛ كما قدم المبارك حامدي مداخلة بعنوان "الدين والدّولة في أدبيات الإسلام الإيديولوجي: التصورات والمآزق"؛ أشار فيها إلى أن الشاغل السياسي مثل إشكالية لازمت تيارات الإسلام السياسي منذ ظهوره، ومبحثًا مركزيا في أدبياته، وأن ممارسة السياسة احتلت مكانا متميزًا في الفضاء العام الإسلامي، على نحو يتجاوز كل مشغل آخر يمكن أن يهتم به تيار دينيّ. 
ودارت الجلسة العلمية الثانية برئاسة نادر الحمامي، واستهلت بمداخلة قدمها رياض الميلادي بعنوان "العلاقة بين القانون والدولة في الفكر الإسلامي المعاصر"؛ اهتم فيها بمحاولات منظري الفكر السياسي في العالم الغربي نسج علاقة متينة بين القانون والفلسفة التي يقوم عليها لتنظيم الاجتماع البشري من جهة، والدولة بما هي كيان مجرد يسمح بتحقق ذلك التنظيم في التاريخ بواسطة ما تهيئه من مؤسسات من جهة أخرى؛ وقدمت هدى بحروني مداخلتها بعنوان "مفارقات الدولة المعاصرة بين المدني والديني" عملت من خلالها على تمثل مظاهر المفارقة بين الديني والسياسي في السياق الإسلامي المعاصر، وتمثل انعكاسات الخلط بينهما على مفهوم الدولة وهويتها وعمل مؤسساتها، وقد اهتمت في هذا السياق بجملة من التجارب  العربية والإسلامية في مستوى التنظير والتطبيق، وذلك من خلال محورين اثنين: أولهما بيان مظاهر التداخل بين المدني والديني في الدساتير ومجلات الأحوال الشخصية، وثانيهما الوقوف على انعكاسات هذا التداخل على الواقع اجتماعيا وسياسيا. 
واختتمت أعمال الندوة بجلسة حوارية حول كتاب "اللاهوت" للمستشار عبد الجواد ياسين، أدارها نادر الحمامي، وساهم فيها الحضور بمجموعة مداخلات حول الكتاب وعلى هامش المسائل التي تطرق إليها، وقد شمل النّقاش تاريخية ممارسات التدين ودورها في إنشاء الديانات على اختلاف مقولاتها باعتبارها تمثلات اجتماعية وتاريخية للفكرة الكلية التي تتمثّلها الروح الإنسانيّة. كما وقع إلقاء الضوء على الأفكار الفلسفية التي اهتمت بمقولات الدين والتدين والإيمان، والإشارة إلى أهمية الدور الإنساني في إنتاجها وتمثلها في جانبها المطلق والإلهي واعتبارها خاضعة لمراحل تطوّرية تحددها إكراهات الاجتماع الإنساني والسياق التاريخي.