البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في صحبة بيدبا| العالم الذى لا ينتفع بعلمه

 كليلة ودمنة
كليلة ودمنة

زعموا أن سارقا تسّور على رجل وهو نائم فى منزله فعلم به فقال: والله لأسكتن حتى أنظر ماذا يصنع، ولا أذعره، ولا أعلمه أن قد علمت به فإذا بلغ مراده قمت إليه فنغصت ذلك عليه، أم أنه أمسك عنه.
وجعل السارق يتردد وطال تردده فى جمعه ما يجده فغلب الرجل النعاس فنام ورغ اللص مما أراد وأمكنه الذهاب، واستيقظ الرجل فوجد اللص قد أخذ المتاع وفاز به فأقبل على نفسه يلومها وعرف أنه لم ينتفع بعلمه باللص. 
يقول بيدبا فى كتابه: إذا لم يستعمل فى أمره ما يجب فاعلم لا يتم إلا بالعمل، وهو كالشجرة والعمل به كالثمرة وإنما صاحب العلم يقوم بالعمل لينتفع به وإن لم يستعمل ما يعلم لا يسمى عالما.
ولو أن رجلا كان عالما بطريق مخوف ثم سلكه على علم به سمى جاهلا ولعله إن حاسب نفسه وجدها قد ركبت أهواء هجمت بها فيما هو أعرف بضررها فيه وأذاها من ذلك السالك فى الطريق المخوف الذى قد جهله، ومن ركب هواه ورفض ما ينبغى أن يعمل بما هو جرّبه هو أو أعلمه به غيره كان كالمريض العالم بردئ الطعام والشراب وجيده وخفيفه وثقيله ثم يحمله الشره على أكل رديئه وترك ما هو أقرب إلى النجاة والتخلص من علته، وأقل الناس عذرا فى اجتناب محمود الأفعال وارتكاب مذمومها من أبصر ذلك وميزه وعرف فضل بعضه على بعض. 
والعاقل إذا فهم الكتاب وبلغ نهاية علمه فيه ينبغى له أنه يعمل بما علم منه لينتفع به ويجعله مثالا لا يحيد عنه.