البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

المسرح بين المطرقة والسندان


ل اشك أن المسرح يغير القناعات من خلال الكلمة والأداء، فهما اللذان يغيران ويشكلان الوعي بقوة، وإذا نظرنا إلى ما نقدمه الآن نجد ارتدادا إلى الوراء من خلال تقديم النصوص فقد جنحنا على النصوص المترجمة كعهدنا إلى بداية ولادة المسرح في مصر على يد جورج أبيض يعقوب صنوع وسلامة حجازي ومارون النقاش فقد استلهموا جميعا نصوصا أجنبية في الأعمال التي تقدم؛ نظرا لعدم وجود النصوص التي تقدم وتضاهي ما يقدمونه للنصوص الفرنسية التي اقتبسوها، حتى إذا فرغت جعبتهم لجئوا إلى نصوص من السيرة الشعبية لتعوض النقص الذي طال يد الكتاب وارتعاشها لتقديم نصا مسرحيا يواكب العصر آنذاك مثلما قدم أحمد أبو خليل القباني وفرقته المسرحية، في تقديم عنترة بن شداد وهارون الرشيد والأمير محمود نجل شاه العجم. فإذا جاء دور يوسف وهبي نراه يقدم المسرح الدرامي ، وهنالك العديد من الإسهامات حتى وصلنا للقرن العشرين، فكان المسرح المصري كان له ما يميزه من نصوص تؤطر الحاضر دون تكلف في الأداء على يد عبد المنعم مدبولي وفؤاد المهندس وسميحة أيوب ومحمد صبحي مع رعيل كثير من الكتّاب المتميزين منها سعد الدين وهبه ولنين الرملي ، على سالم ، وهناك الكثير. حيث كان المسرح يمثل حراكا ثقافيا من خلال الكلمة والأداء، فيخرج المشاهد وقد حمل جملأ تغير حياته،أما ما نشاهده الآن فهو نوع من الارتداد في حيث عدنا إلى لاقتباس من النصوص المسرحية الأجنبية والمترجمة، وهذا يدل على أننا في حالة افتقار حقيقي في كتاب المسرح ، وتناول الكلمة فقد حل مكانه ، المسرح المرتجل المعتمد على الإفيهات المجانية التي تغني ولا تسمن من جوع، تعتمد على الحركات السخيفة، لا تفرق كثيرا عن حركات البلياتشو في السيرك ، بغية الضحك دون نص ، كذلك المسرح يقدم حركات بهلوانية دون نص أو أن يقدم نصا مترجما مقتبسا ، فإذا كان المسرح يؤصل للفكر المصري والعربي ، فأين ما يقدمه من خلال نص مترجم ، لا يمثلنا ولا نمثله ،بين وبينه مسافات؟! ، وكيف يترك هؤلاء للأجيال القادمة ؟!
إن القضايا المصرية التي يمكن لها أن تملأ ألاف النصوص المسرحية كالسمك الذي يحتاج إلى صياد ماهر، لكننا آثارنا أن تستلهم دون تفكير، نمثل أدورنا ليست أدوارنا ، فيتنحى المسرح بعيدا عن الحياة وعن الهوية المصرية ، بعدما كنا نصدر الكلمة والفكر على كل العالم .
إن قضية المسرح والهوية تدب بقوة في المجتمع فهو كما يقال عنه إنه أبو الفنون، وعلى سبيل ذلك تندرج الفنون وتنسحب معه، فلا يمكن للمسرح وجودا دون ديكور ولا موسيقى ولا كلمة ولا أزياء، ومن ثم فإن كان النص عربيا أو مصريا، انعكس ذلك على مفرداته، من هنا تكون النهضة الحقيقة، ويكون للتاريخ دوره في الكشف عن الحقائق لمن كتب ومن أخرج، فالنصوص ما هي ألا منتج اجتماعي وثقافي بكل ما فيه، يستطيع أن يغير قناعات بما يسمي بالتعليم الغير مباشر، فإذا كنا نقدم منتجا يهرب منه المجتمع ، فعلينا أن نغير الأداء والنص ، فإن الشعوب لا تحن دائما إلا إلى فنونها وتراثها.