البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الإفلاس الفكري بين الأرض والعرض


عندما يقنط الإنسان من فكره ولم يعد مبدعا في مجال فإنه يلجأ إلى الهجوم على كل من حوله متخذا لنفسه مكانا يستأ سد منه وشرفة يطل بها على من حوله يراها هو مناسبة له فينتقد كل من حوله، ويكسر كل القيم كالطفل إذا لم تحقق رغبته قام بتكسير لعبته.
كذلك الإرهابي هو مفلس الفكر أعمى البصيرة، وقد أعطى عقله لغيره يبث فيه أفكارا ورؤى ضد المجتمع تخالف الدين والمبادئ ولا تعرف الرحمة يرهب من حوله ويكون إرهابيا ينفذ ما في عقل غيره وقد اعتقد فكرا شيطانيا فيقتل ويدمر الأجساد وهناك من يدمر العقول عبر الفضائيات لا يختلف عن صديقه كثيرا فيثير الفتن البلابل ويعيث في الأرض فسادا بين الشباب ويثير الفتن بين فئات بين المسلم والمسيحي ويستدعي من الماضي ما يؤجج المشاعر ويسكب على النار ما يزيد لهيبها، ومن ثم يحقق أهدافه بأسلوب مغلف بصبغة دينية فلو كان مبدعا لاستغل فكره وما تعلمه في الخير ونشر الدين الصحيح وحماية النشء من براثن الفتن دون أن يقويها ويزيد منها، ولو درس أحاديث الرسول ما قاله عن المفلس ما أقدم على هذا الفكر المضل المضلل فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار).
لكن هيهات هيهات أن يعي الإرهابي الفكري والدموي ذلك فالأول يثير الفتن ولا يقل شأنا عن ما يفعل الثاني من إراقة الدماء بلا رحمة سواء للشيخ الكبير أو الطفل الصغير أو المرأة ولا يهمه زمان ولا مكان سواء أكان مسجدا أم كنيسة ولا زمان الصلاة ولا العبادة، فهو معدوم الهوية والدينية والمرجعية وغائب عن الزمن يعيش في غيابات الجب لا يدري إلا بطريقته وفكره المتعفن.
إن مصر تختلف عن البلدان التي ساد فيها الإرهاب وانتشر لمدة سنوات لأنها على مر العصور كانت مقبرة الغزاة وشعبها لم يتأثر بثقافات المعتدي الغاصب المستعمر فلم يلوك لغته إذا كانت فرنسية أو إنجليزية أو تركية، بل كان المستعمر متأثرا بالثقافة المصرية وبالشخصية المصرية فنحن نعطي ولا نتأثر وما كانت حوادث الجماعات الإرهابية إلا أن تزيد المصريين صلابة وخاصة العامة فلينظروا ماذا كان رد فعل قرية الروضة بعد استشهاد الرجال والأطفال في صلاة الجمعة فقد قررت النساء الصمود والتحدي.
إن الأرض ونيلها يجري في شرايين المصريين فلا يمكن أن يفرطوا في شبر منها فلم يكن الهروب وهو شريعتهم التي تربوا عليها، فالمصري مهما تغرب يعود ليبنى بيتا في وطنه ملتحما مع أهله هذا هو المصري.
ومن ثم لم ولن يستمر الإرهاب طويلا في سيناء فهو مجرد زوبعة في فنجان سيقبرون في سيناء كما قبر الذين من قبلهم فلدينا جيش وشعب صادق الإيمان بالأرض فهي بالنسبة للمصري بعامة هي العرض.